بعد شهر على نقل عبد المجيد تبون بشكل طارئ إلى ألمانيا للعلاج من فيروس كورونا المستجد، ما زال الغموض يلف الحالة الصحية للرئيس الجزائري، ما يغذي شائعات وتساؤلات حول مستقبل البلاد السياسي.
في بيان صدر في 24 تشرين الأول/أكتوبر الماضي، اكتفت الرئاسة الجزائرية بالإعلان أنّ تبون دخل “طوعيّاً” في حجر لخمسة أيّام عقب الاشتباه في إصابة مسؤولين كبار في الرئاسة والحكومة بفيروس كورونا.
وفي 28 من الشهر ذاته، أشارت الرئاسة إلى أنّ تبون نُقل إلى ألمانيا “لإجراء فحوص طبية معمقة، بناء على توصية الطاقم الطبي”.
وأيقظ غياب الرئيس لدى جزء كبير من الجزائريين ووسائل الإعلام، شبح شغور السلطة الذي لاح إبّان دخول الرئيس الأسبق عبد العزيز بوتفليقة المستشفى مرات عدة في الخارج بعد إصابته بجلطة دماغية في 2013.
ومنذ نقل الرئيس الجزائري الحالي إلى كولونيا عبر طائرة طبية فرنسية وفق وسائل إعلام جزائرية، أصدرت الرئاسة ستة بيانات وإعلانات، بعضها متناقض.
فبعد البيان الأول في 28 تشرين الأول/أكتوبر، أعلنت الرئاسة في اليوم التالي أنّ تبون”باشر تلقي العلاج المناسب وحالته الصحية مستقرة ولا تدعو للقلق”، دون أن توضح سبب مرضه في ظل اشتهاره بأنه مدخن نهم.
وانتظر الجزائريون حتى الثالث من تشرين الثاني/نوفمبر لمعرفة أنّ تبون أصيب بوباء كوفيد-19.
ضبابية المشهد السياسي في الجزائر وسط غياب تبون
وبعد خمسة أيام، أشارت الرئاسة إلى أنّه “بصدد إتمام بروتوكول العلاج ووضعه في تحسن إيجابي” ثم في 15 تشرين الثاني/نوفمبر، أوضح بيان آخر أنّه أنهى العلاج وانّه يقوم “حاليا بالفحوصات الطبية”.
يسود الصمت مذّاك، باستثناء خبر نشرته وكالة الأنباء الجزائرية الرسمية يفيد بأنّ تبون تلقى رسالة من المستشارة الألمانية أنغيلا ميركل “عبّرت له فيها عن سعادتها لتماثله للشفاء بعد إصابته بفيروس كورونا”.
وكان متحدث باسم الحكومة الألمانية أجاب فرانس برس أنّ “المستشارة بعثت رسالة مكتوبة (تتمنى فيها) الشفاء العاجل للرئيس الجزائري تبون”، من دون إعطاء تفاصيل إضافية.
هذه السياسة الإعلامية وغياب الصور للرئيس الجزائري أثارت شتى أنواع الشائعات والتكهنات في الجزائر التي بدأت تشهد تصاعدا في حدّة تفشي الوباء.
ويدفع هذا الغموض حول صحة تبون الذي يفترض به إصدار الدستور الجديد عقب الاستفتاء الذي جرى في الأول من تشرين الثاني/نوفمبر والمصادقة على موازنة 2021، بالبعض إلى المطالبة بتطبيق المادة 102 من الدستور الخاصة بإعلان الشغور في منصب الرئاسة بغية تجنب أزمة دستورية.
وفي حال استمرار غياب الرئيس، أشار سياسيون جزائريون إلي المادة 102 بالدستور، إذ إنّها تقرّ بشغور المنصب على مرحلتين: الأولى موقتاً إذا ثبت أنّ ثمة مانعا يحول دون قيام الرئيس بمهامه لمدة لا تتجاوز 45 يوماً، والثانية يعلن من خلالها الشغور بالاستقالة إذا ما تجاوز المانع هذه المدة الزمنية”.
وفي الحالة الثانية، يكلّف رئيس مجلس الأمة بالنيابة صالح قوجيل، وهو محارب سابق في حرب التحرير الجزائرية ويبلغ 89 عاماً، تولي مهام رئيس الدولة بانتظار انتخاب خلف له.
وفي تصريح للصحافة الخميس، تمنى قوجيل “الشفاء العاجل للرئيس تبون”.