ما زال لبنان يعيش أزمة اقتصادية حادة وسط فراغ سياسي، إذ لم يتم تأليف حكومة حتى الآن فيما البلاد بحاجة إلى رافعة يمكن أن تساهم في تأمين المساعدات الدولية. وفي هذا السياق، قال الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، إنّ بلاده ستساهم في صندوق تمويل سيتم تأسيسه لمساعدة لبنان لكنّه لن يحل محل التزامات بعض الدول تجاه البلاد. وأضاف خلال كلمته في افتتاح مؤتمر دعم لبنان، أنّ فرنسا لن تدخر جهداً لمساعدة لبنان ولكن من الضروري استكمال التحقيقات في ملابسات ونتائج انفجار مرفأ بيروت، وتنفيذ إصلاحات جذرية. وطالب ماكرون الساسة اللبنانيين بتشكيل حكومة جديدة سريعاً لتنفيذ الإصلاحات وإلّا لن يحصل لبنان على مساعدات دولية.

ادعاء على 8 ضباط

وفيما لبنان يئن تحت وطأة الأعباء الإقتصادية التي فاقمها انفجار مرفأ بيروت المدمّر في أغسطس الماضي، يحاول المسؤولون فيه العمل على ملاحقة ثغرات الفساد المستشري فيه، لكن حتى الآن لم يتم توقيف أيّ شخص وسط تبادل الإتهامات في بلد يُتهم فيه المسؤولون والسياسيون بالفساد. لكن برز  خبر مفاده أنّ القضاء اللبناني، ادّعى على قائد الجيش السابق العماد جان قهوجي وسبعة ضبّاط كبار آخرين استناداً إلى قانون الإثراء غير المشروع الجديد، على ما أفادت الوكالة الوطنية للإعلام الرسمية ومصدر قضائي، في أوّل ادعاء من نوعه منذ إقرار قانون الإثراء غير المشروع سنداً إلى المادة 11 منه، في سبتمبر الماضي.

وأوردت الوكالة أنّ “مفوض الحكومة لدى المحكمة العسكرية بالإنابة القاضي فادي عقيقي أجرى تحقيقاً طال عدداً كبيراً من ضباط الصف الأوّل وتركّز على الأملاك والشركات والأموال”. وأوضحت أنّ النائب العام الاستئنافي في بيروت القاضي زياد أبو حيدر ادعى على العماد قهوجي القائد السابق للجيش بين 2008 و2017 والضباط السبعة. وتمت إحالة الملف بحسب المصدر نفسه على قاضي التحقيق الأول في بيروت شربل أبو سمرا الذي حدّد جلسة الاربعاء 9 ديسمبر لمباشرة التحقيق مع المدّعى عليهم.

الادعاء على 8 ضبّاط لبنانيين بجرم "الإثراء غير المشروع".. والمساعدات مجمّدة

متظاهر لبناني شاب يرتدي العلم الوطني وينظر إلى رسومات على جدران مقر لجنة الأمم المتحدة الاقتصادية والاجتماعية لغرب آسيا (UN-ESCWA). وسط بيروت خلال الاحتجاجات المستمرة ضد الحكومة/ أ ف ب

وخلال عام، أقرّ مجلس النواب قانونين لمكافحة الفساد، في محاولة من الأحزاب السياسية لتهدئة الشارع من جهة وإرضاء المجتمع الدولي الذي يطالب لبنان بإجراء إصلاحات ضرورية للحصول على دعم مالي يخرجه من دوامة الانهيار الاقتصادي، مع الإشارة إلى أنّه في ظلّ الانهيار الاقتصادي الحاد في لبنان، لا تزال الطبقة السياسية تتقاسم الحصص في ما بينها وتحدّد شكل الحكومات وأعضاءها.

مَن هم المدّعى عليهم؟

من جهته أفاد مصدر قضائي بأنّ بين العسكريين المدّعى عليهم المدير السابق لمكتب قهوجي العميد المتقاعد محمد جعفر الحسيني، إضافة إلى اللواء المتقاعد عبد الرحمن شحيتلي، ومدير المخابرات السابق العميد كميل ضاهر، ومدير المخابرات الأسبق العميد إدمون فاضل، ومدير مخابرات بيروت السابق العميد المتقاعد جورج خميس، ومدير مخابرات الشمال السابق العميد المتقاعد عامر الحسن والمقدّم المتقاعد في الأمن العام أحمد الجمل.

وأضاف المصدر أنّ النيابة العامة في بيروت نسبت إلى الضبّاط “ارتكابهم جرائم الإثراء غير المشروع، واستغلال مناصبهم الرسمية لجني ثروات وأموال طائلة، عبر صرف النفوذ وقبض الرشى وإدخال ضباط إلى مؤسسة الجيش اللبناني لقاء مبالغ مالية طائلة، وتقديم خدمات لنافذين مقابل منافع شخصية”.

وأوضح المصدر القضائي أنّ ادعاء النيابة العامة في بيروت على القادة العسكريين السابقين “استند إلى إحالة النيابة العامة التمييزية، التي طلبت تحريك الدعوى العامة بحقهم، بناء على معلومات أدلى بها سياسيون، وتقارير نشرتها وسائل إعلام مرئية ومكتوبة، وفيديوهات تحدثت عن ثروات طائلة جناها المدعى عليهم، خلال توليهم مناصبهم الرسمية”. وأشار إلى أن التحقيق كشف أنّ “حجم الممتلكات والعقارات والسيارات والمنازل لدي الضباط المعنيين لا تأتلف مع قيمة الرواتب والتعويضات التي تلقوها خلال التقاعد”.

وأشارت الوكالة الوطنية للإعلام إلى قضية تعود إلى عدة سنوات، موضحة أنّ “المحامي وديع عقل قام بنشر صورة محضر اجتماع مجلس إدارة بنك التمويل من على شاشة أو تي في، الذي يمنح العماد جان قهوجي حق إيداع مليون و200 ألف دولار في كل حساب من الحسابات المشتركة بينه وبين أفراد عائلته”.