بأنامل حريرية، نسجت الأفغانية أم محمد كامل أجزاء المصحف الشريف وطرزته بألوان مختلفة من الحرير.
حلم الستينية كيمياء بنت القارىء سعيد شاه، المعروفة بأم محمد، بتطريز القرآن الكريم رافقها سنين عديدة حتى قررت أن تنفذه عام 2016. وفي فجر الثالث عشر من كانون الثاني/ يناير عام 2016 كانت أم محمد قد أعدت العدة لحلمها.
أوضحت أم محمد لمراسل “نطبيق خبّر” الميداني محمد أمين الأنصاري أنه تمت طباعة جميع صفحات القرآن الكريم على 180 متراً من قماش “تترون” ناعم الملمس، ثم بدأت بغزل خيوط الحرير بأنامل يقودها شغف ديني وفني. فهي الحرفية التي لطالما نسجت ببراعة عالية جمال الطبيعة في أزهارها على أزياء النساء.
كانت أم محمد قد نزحت مع زوجها وأولادها قبل أربعين سنة، إبان الحرب الروسية على أفغانستان، هرباً من القصف والقذائف. فنزلت باديء ذي بدء في باكستان قبل أن تنتقل العائلة إلى المملكة العربية السعودية وتستقر فيها طويلاً في المدينة المنورة، حيث كانت جارة لرسول الله محمد صل الله عليه وسلم.
هناك، في طيبة، أنجزت أم محمد 16 جزءا من أجزاء الثلاثين. كل ذلك وهي أم ترعى عائلة كبيرة مؤلفة من زوجها وثلاثة من الأبناء وخمسة من البنات.
وفي دورة الحياة، كان أبناؤها وبناتها يتزوجون وينتقلون إلى بيوتهم الخاصة، وتستمر هي في رحلة الهجرة إلى أن استقرت في ضيافة مضيف الحبيب “أبو أيوب الأنصاري” بمدينة اسطنبول في تركيا، بعد عودة لم تستمر طويلاً إلى بلدها أفغانستان.
حين استقرت أم محمد في مدينة بلخ الأفغانية، أنجزت 8 من أجزاء المصحف الشريف، ثم أكملت باقي الأجزاء ال 6 في مدينة اسطنبول.
عمل فني من نسيج اليد بالكامل، من آياته وسوره إلى صورة القبة الخضراء على الغلاف، استعانت فيه هذه المرأة ذات الهمة التي لم تكلّ “ب 8 كيلوغرامات من خيوط الحرير باللون الذهبي و2.5 كيلوغرام من خيوط الحرير باللون الأحمر وكيلو غرام واحد من خيط الحرير باللون الأخضر”.
في الثامن من كانون الأول/ ديسمبر الحالي، وبعد 4 أعوام و 10 أشهر من العمل المستمر، كانت فرحة أم محمد بختم المصحف الشريف نسجاً، لا توصف. وجاءت ثمرة أناملها الحريرية في “ثلاث مجلدات، كل مجلد منها يحتوي على 10 أجزاء من القرآن الكريم. ويبلغ وزن كل مجلد منها حوالى 10 كيلوغرامات”.
بكت أم محمد فرحاً بقدرتها على الانتهاء مما وصفته لمراسل “تطبيق خبّر” أنه “صدقة سلامة يديها بخياطة مصحف المدينة المنورة على غرار الخطاط عثمان طه“. وطه هو الخطاط السوري المقيم بالسعودية والذي أمضى عمره يخط مصاحف المدينة المنورة التي يصدرها مجمع الملك فهد لطباعة المصحف الشريف.
تم تغليف القرآن الكريم في مطبعة للكتب القديمة والتاريخية بغلاف كرتوني مغطى بقماش مخملي أخضر، ووضع إطار بين كل صفحة وصفحة للحفاظ عليها من أن تتسرب إليها الرطوبة مع الزمن.
قالت كيمياء بنت القارىء سعيد شاه لمراسل تطبيق خبّر إنها نوت أن تكون “خياطة القرآن الكريم صدقة جارية للإسلام والمسلمين، عسى أن ينتفع منها المسلمون، وتكون قد قدمت شيئاً لكتاب الله”.
وتمنت أم محمد أن “يتقبلها الله عز وجل مني وتكون شفيعاً لي يوم القيامة، وأن يتبنها كيان أو دولة للحفاظ عليها”.