قام أهالي قرية تزغليلت التابعة لإقليم تارودانت بالمملكة المغربية، وبتمويل ذاتي بتعبيد 2 كيلومتر من الطريق الواصل إلى قريتهم بهدف فك العزلة عن المنطقة، وربطها بالطريق الرئيسية التي تبعد حوالي 5 كيلومترات عن القرية.
من المنتظر كذلك أن يقوم السكان في المستقبل، وعند تدخل المحسنين بمواصلة تعبيد الكيلومترات الثلاثة المتبقية.
وإلى جانب إصلاح الطريق أنشأ الأهالي أيضا قنطرة لتسهيل العبور، خاصة في فصل الشتاء، إذ أن هذه القنطرة ستمكن مرور مياه الأمطار بانسيابية دون أن تؤثر على حركة مرور الراجلين أو العربات كما كان عليه الوضع سابقا.
وانتهت الأشغال يوم الخميس (14 الشهر الجاري) بعد أن كانت قد انطلقت خلال شهر كانون الأول/ ديسمبر الماضي . تأتي عملية تعبيد الطريق وإنجاز قنطرة في إطار النهوض بالشأن المحلي للمنطقة والخروج من أزمة التنقل التي يتخبط فيها السكان خلال عبورهم الطريق، حسب ما صرح به ” خالد ازم” أحد أبناء المنطقة لمراسلة “تطبيق خبّر” الميدانية في المغرب هدى لبهالة.
وأضاف خالد، وهو عضو جمعية “شباب تزغليلت للتنمية و الثقافة و الرياضة”، أن الطريق كانت صعبة المسالك ولا تعبرها من بين وسائل النقل إلا عربات الدفع الرباعي، نظراً لتواجد القرية بمنطقة جبلية وعرة.
وأوضح أن هذا الأمر كان يسبب معاناة حقيقية لجميع السكان، خاصة للنساء الحوامل خلال توجههن إلى المستوصف، أو الشيوخ عند قصدهم السوق الأسبوعي.
وبيّن أن معاناة الأطفال الذين يدرسون كانت يومية بحكم ذهابهم إلى المدرسة التي يحتاج الوصول إليها قطع مسافات طويلة.
أما فصل الشتاء، فأكد خالد ازم أنه “أزمة مضاعفة، فعدم التوفر على قنطرة طيلة السنوات الماضية يمكن التساقطات المطرية من قطع الطريق أمامنا، ويصبح العبور للجهة الأخرى محفوفاً بالمخاطر، إن لم يتحول إلى أمر مستحيل عندما يرتفع منسوب المياه”.
وقال خالد لمراسلة “تطبيق خبّر” إن “قطع الطريق بسبب المطر كان يعيقنا من قضاء مصالحنا و شراء مستلزمات الأكل والأدوية و التوجه إلى العمل، أو التطبيب في الحالات المرضية الحرجة”.
وأضاف خالد أن هذه الأوضاع السالفة الذكر كانت تستمر أشهراً، ولوضع حد للمعانات المترتبة عنها قررت جمعية شباب تزغليلت للتنمية و الثقافة والرياضة القيام بترجمة فكرة تعبيد الطريق وإنشاء قنطرة على أرض الواقع بعد أن ظلت حبيسة اجتماعاتهم لفترة طويلة.
وأشار إلى أنهم لم ينتظروا تدخل الجهات المعنية للقيام بدورها تجاه المنطقة لأنه قد يستغرق سنوات انتظار أخرى، لا يملك أهالي قرية تزغليلت طاقته.
وكشف أنه كخطوة أولية، دعى أعضاء الجمعية المحلية أهالي القرية إلى المساهمة بمبلغ رمزي حدد ب 12 دولاراً لمن توفرت له إمكانية المشاركة، و بمجرد انطلاق عملية جمع المساهمات انخرط عدد من المحسنين من مناطق مجاورة وأبناء المنطقة الذين يعملون في مدن مغربية أخرى بمبالغ مالية.
وقد مكنت المبالغ التي جمعت من توفير بعض المعدات اللازمة، في حين أن مواد أخرى تبرع بها أشخاص آخرون، منها الرمال والإسمنت، فيما تطوع بعض السكان بمن فيهم الأطفال لجمع الحجارة وتحميلها عبر شاحنات بمنطقة مجاورة تبعد عن القرية حوالى أربعة كيلومترات.
أضاف خالد أن الأشغال بدأت في شهر كانون الأول/ ديسمبر الماضي، وبالرغم من صعوبة الطقس البارد الذي شهدته المنطقة، فإنها لم تنقص من عزيمة الأهالي أو تمنعهم من مواصلة العمل الذي انتهى أخيراً.
ومع انتهاء أعمال التعبيد، حصل الأهالي على طريق ملائمة لعبور الأشخاص والعربات و سيارات الأجرة التي لم تطأ عجلاتها قرية تزغليلت البتة من قبل بسبب صعوبة المسالك.
كما أشار خالد ازم إلى أن ما قام به سكان قريته “أعطى درساً قيماً في التضامن، ووجهاً للتآزر والسعي نحو المصلحة الجماعية، إذ لا شيء يضاهي الإرادة والتعاون الجماعي حتى وإن كانت السبل والإمكانات ضعيفة”.
وأكد خالد أن “هذه الخطوة تعتبر شرارة انطلاقة لمشاريع أخرى مستقبلية، ستجعلها جمعية شباب تزغليلت للتنمية والثقافة والرياضة إحدى أولوياتها المقبلة، ومنها إنشاء مكتبة مدرسية وحفر بئر للنهوض بالفلاحة التي هي مصدر عيش السكان بالقرية التي تضم في معدل سكانها 700 نسمة”.