المغرب والجزائر.. ما هي أبرز المحطات الخلافية بين الدولتين؟
ما إن تهدأ وتيرة الخلافات قليلاً بين المغرب والجزائر حتى تأتي شرارة لتشعلها من جديد، وآخر فصول الصراع تجلّت مع حلقة تلفزيونية بثتها قناة “الشروق” الجزائرية، وقد اعتبر المغاربة مضمونها بمثابة اساءة مباشرة للعاهل المغربي محمد السادس.
إقرأ أيضاً في “أخبار الآن”: غضب في المملكة المغربية بسبب سُخرية برنامج جزائري من ملك المغرب محمد السادس
وتشهد العلاقات السياسية بين الجزائر والمغرِب منذ استقلال البلدين تجاذبات كثيرة، وقد وصلت الأمور إلى القطيعة الدبلوماسية.
ومع هذا، فقد شهدت العلاقات بعضاً من الانفراجات والتقارب، إلا أن المحطات التي أدت إلى تفجر الأوضاع كثيرة.
تاريخ الصراع بين المغرب والجزائر
فعلياً، فإن المنافسة بين الشعبين المغربي والجزائري كبيرة، كما أن التوترات بين البلدين لها أبعاد سياسية وتاريخية.
ومثل بعض الدول التي تشترك في حدود رسمتها قوى استعمارية، فإن الأمر لم يمر بسلام بين الدولتين الجارتين. فبعد استقلال الجزائر من الاستعمار الفرنسي عام 1962، طالب المغرب بضم أراض يعتبرها جزءاً من اقليمه التاريخي خصوصاً في منطقتي تندوف وبشار، وهو أمرٌ يستحيل على الدولة المستقلة حديثاً حينها الموافقة عليه.
وإزاء ذلك، فقد أدّى الخلاف إلى اندلاع “حرب الرمال” بين البلدين في أكتوبر/تشرين الاول 1963، وقد أسفرت عن مقتل العشرات، قبل أن تنتهي بوساطة عربية أفريقية لوقف إطلاق النار.
وخلال السنوات التالية، هدأت الأوضاع بين البلدين، لكن قضية الصحراء الغربية غيرت ذلك وأشعلت فتيل التوتر من جديد.
وفي العام 1975، أطلق المغرب حملة عرفت بـ”المسيرة الخضراء” لضم إقليم الصحراء المغربية المتنازع عليها بعد انسحاب الاسبان، لكن جبهة البوليساريو التي كانت تطالب بتقرير الشعب الصحراوي لمصيره أعلنت عن قيام الجمهورية الصحراوية وقاومت الوجود المغرِبي.
وأدى الصراع الى تهجير عشرات الآلاف من الصحراويين الى مخيمات تندوف جنوب غربي الجزائر حيث اتخذت جبهة البوليساريو مقراً لها بدعم من الحكومة الجزائرية. وتزامناً مع بداية الصراع، أمرت الجزائر بترحيل مئات المغاربة المقيمين في الجزائر، وهو قرار رآه الكثيرون كردة فعل على المسيرة الخضراء.
وحتى يومنا هذا، ما زالت قضية الصحراء المغربية محورية في الخلاف بين المغرِب والجزائر، علماً أن واشنطن اعترفت، مؤخراً، بالسيادة المغربية على الصحراء.
وفي العام 1994، وقع هجوم ارهابي في مراكش، واتهم المغرِب الاستخبارات الجزائرية بالضلوع وراء الهجوم. وإثر ذلك، تمّ ترحيل الجزائرين القاطنين في المغرب دون رخصة، كما تمّ فرض تأشيرة دخول على القادمين من الجزائر. ورداً على ما حصل، قامت الأخيرة بإغلاق الحدود البرية مع المغرب.
وفي العام 1999، صدرت إشارات إيجابية من طرف المغرِب بعد انتخاب عبد العزيز بوتفليقة رئيساً للجزائر، مهدت للتحضير للقاء بين البلدين في صيف 1999، إلا أن وفاة الملك الحسن الثاني أدت إلى إرجاء اللقاء، ثم فشل التقارب في سبتمبر/أيلول من العام نفسه بعد اتهام الجزائر للمغرب بإيواء جماعات مسلحة جزائرية.
وفي العام 2004، وجّه المغرِب مذكرة توضيحية إلى الأمم المتحدة شرح فيها مسؤولية الجزائر في قضية الصحراء، وجاء ذلك بعد أن بعث الرئيس الجزائري بوتفليقة رسالة إلى زعيم البوليساريو الراحل محمد عبد العزيز، عبر فيها عن دعم بلاده للقضية الصحراوية.
وفي مارس/آذار 2005، كان هناك أول لقاء رسمي يعقد في الجزائر بين الرئيس الجزائري بوتفليقة وملك المغرِب محمد السادس. وفي يناير/كانون الثاني 2012، كانت زيارة لوزير خارجية المغرِب السابق سعد الدين العثماني للجزائر، وفي مارس/آذار من العام نفسه زار الناطق باسم الحكومة المغرِبية مصطفى الخلفي الجزائر أيضا بهدف تعزيز العلاقات.
وخلال العام 2015، دعا الملك محمد السادس بوتفليقة إلى الارتقاء بالعلاقات الثنائية إلى مستوى تطلعات الشعبين، والعمل على بناء اتحاد المغرِب العربي، وذلك في برقية تهنئة بمناسبة تخليد الجزائر للذكرى الستين لاندلاع ثورة التحرير ضد الاستعمار الفرنسي. وفي العام 2017، حصلت مشادة كلامية بين مندوبي المغرب والجزائر في الجامعة العربية على خلفية رفض المندوب الجزائري إدراج بند لمشروع القرار الذي سيرفعه المندوبون الدائمون لاجتماع وزراء الخارجية يرحب بعودة المَغرب للاتحاد الأفريقي. وخلال العام نفسه، استدعى المغرِب السفير الجزائري لدى الرباط، ويعرب عن “قلقه البالغ” إزاء أوضاع نازحين سوريين على الحدود مع الجزائر، وفي اليوم التالي أعلنت الخارجية الجزائرية استدعاء السفير المغربي لإبلاغه رفضها لما وصفتها بـ”الادعاءات” التي وجهها المغرب للجزائر.
ومع هذا، تتوالى الكثير من المحطات البارزة على صعيد العلاقة بين الدولتين، علماً أنه خلال العام 2018 دعا الملك المغرِبي للحوار المباشر لإنهاء الخلافات التي تعيق العلاقات بين البلدين.
واليوم، وبعد حلقة قناة “الشروق” التلفزيونية الأخيرة، فإن الصراع ازداد توتراً، وارتفعت الأصوات التي تنادي بقطع العلاقات بين البلدين، باعتبار أن ما شهدته الحلقة يعتبر إساءة مباشرة للعاهل المغرِبي… وهنا يطرح السؤال نفسه: ما هو مستقبل العلاقات بين الجزائر والمغرب؟ وهل سينتهي هذا التوتر بين البلدين؟
تريندينغ الآن 14فبراير| غضب في المغرب من قناة جزائرية سخرت من الملك المغرِبي محمد السادس والجزائر ترد
لقطات ساخرة في برنامج بثته قناة الشروق الجزائرية يظهر ممثل وهو يرتدي قناع على هيئة رأس الملك المغربي محمد السادس ويتحاور مع المقدم وضيوفه بطريقة اعتبرها المغاربة إهانة لملكهم.