قرية ترغة تفتتح مسجد الفردوس بصلاة الجمعة
أدى أهالي قرية ترغة التابعة لجماعة تزكان في إقليم شفشاون بالمملكة المغربية، صلاة الجمعة للمرة الثانية بمسجد الفردوس، بعد أن كانوا قد أقاموا أول صلاة جمعة لهم في الخامس من شباط/ فبراير الجاري عقب الانتهاء من تشييده و تجهيزه نهاية الشهر الماضي.
واستقبل مسجد الفردوس المصلين من الرجال الذين أتوا بجلابيب طغى عليها اللون الأبيض، يسابقون خطواتهم التي بدى أنها تعرف وجهتها، بعد أن نادى مؤذن مسجد الفردوس لصلاة الجمعة.
وفي الجهة الأخرى المخصصة للنساء، لا يختلف المشهد البتة، بل يبدو شبيهًا بتفاصيل استعدادات صلاة أحد الأعياد الدينية، كعيد الفطر أو عيد الأضحى، يترجمه توافد شيوخ القرية و شبابها بل وأطفالها أيضًا على الباب الرئيسي للدخول.
فرحة أهالي ترغة تناغمت مع ألوان المسجد الذي طلي بالأبيض والأزرق، منصهرًا مع زرقة البحر الذي يطل عليه، ولا يفصله عنه إلا بضع خطوات .
وهذه اللوحة الفنية التي تبدو أن القائمين على المسجد اختاروا مكان تواجدها بدقة تامة، جعلت بعض سكان شفشاون القريبة من قرية ترغة، يقطعون مسافة طويلة بسياراتهم لتأدية صلاة الجمعة بمسجد الفردوس، للاستمتاع بأجواء روحانية.
ويزيد حلاوة الأجواء الروحانية ليوم الجمعة، موقع المسجد المتسع بحجمه لاستقبال عدد كبير من المصلين، وهو ما لم تنعم به قرية ترغة من قبل، إذ لم تحظَ سابقًا سوى بمسجد صغير يتسع لعدد محدود فقط.
في هذا الإطار، أوضح عبد الإله قماص، أحد سكان ترغة، ورئيس جمعية الخير التي أشرفت على بناء المسجد، أنه شخصيًا حُرم مرات كثيرة من الصلاة بالمسجد الوحيد بالمنطقة، نظرًا لكونه لا يتسع إلا لربع أهل القرية.
وأوضح قماص لمراسلة “تطبيق خبّر” الميدانية في المغرب هدى لبهالة أن أغلبية أهل القرية كانوا يحرمون من تأدية الصلوات الخمس في المسجد، وتكتفي بالصلاة في المنازل، في حين أن صلوات الأعياد الدينية كان يخصص لها مصلى في مكان مفتوح على مقربة من إقامة السكان.
أضاف قماص أنه “من الآن فصاعدًا لن تحرم أغلبيتنا من تأدية الصلاة بالمسجد”، و أشار في ذات الوقت إلى “أن إنهاء الأشغال بمسجد الفردوس وافتتاحه ولّد سعادة مشتركة في نفوس جميع سكان ترغة بدون استثناء، كبارًا و صغارًا”.
وأوضح أن ذلك بسبب أنه “جاء بعد محاولات عسيرة و كثيرة، إذ أن المحاولات السابقة كانت لا تكتمل لغياب متبرعين و مساهمين، إلى أن تكللت آخر محاولة بالنجاح”.
وبيّن قماض أن “الجمعية التي تم إنشاؤها خصيصًا لبناء المسجد كانت قد حصلت على تبرعات مالية مهمة في البداية، حفزتها على إطلاق أعمال البناء و إصلاح جزء مهم من المسجد، لتتوقف بعد ذلك هذه الأشغال طيلة فترة الحجر الصحي الذي فرضه فيروس كورونا المستجد”.
كما أضاف أن “التوقف امتد ليشمل فترة الصيف أيضًا بعد غياب المساهمين، لتعود الأعمال من جديد في شهر تشرين الأول/ أكتوبر العام الماضي دون انقطاع، ولتتوج هذه المجهودات بالحصول على مسجد يعتبره أهل ترغة معلمًآ دينيًا آخر أضيف لمنطقتهم”.
مغتربو القرية وساكنوها تبرعوا بمالهم لبناء المسجد وتأثيثه
من جهته، أوضح محمد العسري، وهو من أبناء المنطقة ومن ضمن الجالية المغربية المقيمة بإسبانيا التي انخرطت في تقديم التبرعات المالية لإنشاء مسجد الفردوس، أنه وبسعادة يعجز عن وصفها تابع باهتمام كبير تفاصيل التحضيرات الأخيرة لفتح المسجد أبوابه بعد طول انتظار.
وقال لمراسلة “تطبيق خبّر” أن “أهل قريته ساهموا بدورهم إلى جانب أبناء المنطقة المتواجدين بالمهجر وبعض رجال الأعمال الذين شكلت تبرعاتهم النسبة الأكبر، في توفير مواد البناء كالحديد والإسمنت، وتجهيز المسجد بالأفرشة”.
وكشف العسري أن “تلاحم سكان ترغة وّتعاونهم، مكن من إنشاء جمعية الخير لبناء المسجد، وضخ دماء جديدة بشرايينها لتواصل بعزم إتمام مراحل إنجاز هذا الصرح الإسلامي بمنطقتهم”.
وأوضح أنه إلى جانب إمكانيات البناء، “تم توفير جميع اللوازم الأساسية للمسجد، من سجادات ومصاحف قرآنية بلغ عددها 190 مصحفًا، فضلًا عن مصابيح ومنبر الإمام”.
وأشار إلى أنه تم كذلك تجهيز الدور الأرضي بحجرات مخصصة لتعليم القرآن وأصول الدين، سيلتحق بها أطفال القرية في أيلول/ سبتمبر المقبل بعد تحسن الوضعية الوبائية بالمغرب.
كما بيّن محمد العسري أنه إلى جانب حجرات تعليم القرآن. جُهز المسجد أيضًا بدار لطلبة التعليم العتيق، التي ستضم عددًا من الطلاب من مختلف المناطق المغربية، فيما خصص جزء لصلاة النساء.
وقال العسري “هن أيضًا حصلن على حصتهن من التعليم، وذلك من خلال إدماجهن في برنامج محاربة الأمية الذي سيتم اعتماده في المستقبل القريب”.
ولفت إلى أن مسجد الفردوس يُعد ثاني مسجد بترغة بعد مسجد عقبة بن نافع الفيهري، الذي تأسس سنة 62 هجرية، أي سنة 681 ميلادية، مشكلًا بذلك أقدم المساجد المغربية، وثاني مسجد بالقارة السمراء بعد مسجد القيروان بتونس.
تجدر الإشارة إلى أن قرية ترغة تقع بجماعة تزكان إقليم شفشاون جهة طنجة تطوان الحسيمة بالمملكة المغربية، وتنتمي إلى مجموعة قرى تسمى “مشيخة ترغة” التي تضم 4 قرى، ويقدر عدد سكان هذه المجموعة ب 1196 نسمة حسب الإحصاء الرسمي للسكان سنة 2004.