مزارع تحاصره الرغبة في تربية الحيوانات الضالة في لبنان
عندما قام حسين حمزة لأول مرة بإنقاذ كلب ضال قبل 15 عاماً، كان كمن وجد ضالته وعرف طريقه. حاصرته الرغبة في تكريس حياته للحيوان الأليف المعروف بوفائه للإنسان.
منذ ذلك الحين، يساعد حمزه الكلاب في جوار منزله أو يطلب من أصدقائه تبنيها. لكنه قال إنه قبل خمس سنوات، اشتدت الحاجة إلى مأوى مناسب.
والآن أصبح الملجأ يقدم الرعاية لنحو 350 كلباً.
يعمل حمزة، الذي لم يتزوج بعد ويبلغ من العمر 50 عاما، في الزراعة، ويعتبر كل كلب في ملجأه ابناً له.
إنه يعرف كل واحد منها بالاسم، لدرجة أنه يشعر بالقلق عندما يفكر في مصيرها بعد وفاته.
يقول “أنا ما تزوجت.. ما جبت ولاد.. بس بحسهم ولادي.. يعني صرت عم فكر إذا أنا بموت شو رح يصير فيهم.. قديش راح يتبهدلوا، وبضل أدعي لهم إنه دائما الله يبعت لهم عالم عن جد حناين والعالم تغير مفهومها يتغير فكرها نحو الكلاب”.
لبنان.. من الغربة إلى الزراعة وتربية الكلاب الضالة
يحكي حمزة قصته ويتحدث عن رحلته وعمله وسفره خارج لبنان.
يقول “أنا بالأول بشتغل بالزراعة بحب الطبيعة.. بحب البيئة.. بحب الحياة. سافرت لبرا (إلى الخارج) ع ألمانيا.. تعلمت الإنسانية، تعلمت النظافة، تعلمت الدّين المزبوط، تعلمت احترام الضعيف، تعلمت إنك تحترم كل شي، أنت ما فيك تخلق مثله وهو الحيوان.. مخلوق ضعيف”.
وبكلمات تتقاطر منهن الرحمة ويفيض الرفق بالحيوان يتحدث عن بعض من كلابه ويقول “هيدا الكلب وصل لعنّا معضوض.. دينته كلها ومدودة.. رجعت اضطريت أعمله عملية، كرمال ما يصير له غرغرينا. هيدي الكلبة (مشيرا إلى أنثى عجوز) ختيارة كتير عمرها شي ١٧ سنة.. عندك هيدا (كلب ثالث) طايرة عينه (فقد عينه) كله ع الوصلة بيتعالج (كل الكلاب تتلقى العلاج)”.
يوضح أنه بحاجة إلى ميزانية كبيرة لمواصلة مشروعه، وأن أسوأ أزمة مالية تعصف بلبنان تزيد صعوبة الحياة.
لبنان. الأزمة أثرت على وضع حمزة المالي
ورغم محدودية دخله، لا يزال ينفق معظم ما يتحصل عليه على الكلاب.
يقول حمزة “أغلب كلابي هي كلاب شارع.. العالم بتدقلي (يتصلون بي) صاروا يشوفوا كلب ع الطريق.. كلب مقطوع.. كلبة مخلفة بدقولي.. وصرت عم أساعد قد قدرتي.. بقدرتي.. بطل فيني أستوعب كل شي، يعني عم بدقولي (يتصلون بي) من كل لبنان.. مافيني أستوعبهم كلهم عندي.. عندك مسؤولية أكل.. عندك حكمة.. بدن شغيلة.. كل ما زادوا الكلاب بدك شغيلة أكتر لتحافظ ع النظافة.. بدن شغل”.
وقال إنه يحتاج ما بين سبعة كيلوغرامات وحوالي 20 كيلوغراماً من الطعام الجاف يومياً لكلابه.
ويدفع حمزة معظم نفقات المأوى بنفسه، بمساعدة من يسميهم “أهل الخير” الذين يتبرعون بالطعام الجاف.
يختصر أحاسيسه بعبارة جاءت في ثنايا الكلام “العطاء دون مقابل مصدر سعادة”.
يحكي تفاصيل يومه مع الكلاب في مزرعته. يقول “بس فيق (أستيقظ) الصبح أول شي بجي لهون، حياتي صاروا كلها، إذا نهار ما بشوفهم إذا نهار ما بخلص كلب بحس ما عملت شي.. يعني العطاء دون مقابل هو مصدر سعادة.. بدك تجي تأمناهم أكل.. المريض تعطيه إبرة. أوقات بكون عندي نداء برا بدي روح لبي النداء بدي خلص كلب.. أوقات بيوصلنا أنثى كلب بدي نزلهم ع المستشفى أخصيهم، بكون عندي كلاب بالمستشفى من قبل بيوم بدي أرجع طلعهم، بس طول ما أنا ما عندي شي أنا موجود مع الكلاب”.
وملجأ حمزة هو أحد الملاجئ القليلة في جنوب لبنان لرعاية الكلاب الضالة.