تعاونية نسوية للتجميل بحي بورنازيل تحتضن من يعشن وضعية اجتماعية هشة
قامت نساء من جمعية الوسام في مقاطعة مولاي رشيد بالدار البيضاء بالمغرب، بمبادرة جديدة هادفة تتمثل في تأسيس “تعاونية” تُعنى بمجال الحلاقة والتجميل، من أجل توفير شغل يضمن دخلاُ يسيرًا لنساء الأحياء اللواتي يعانين من البطالة.
أطلق على التعاونية اسم “تعاونية ميس موروكو”، وتحاول النسوة من خلالها توفير عمل للنساء وللفتيات المنقطعات عن الدراسة في أحياء بورنازيل، حتى لا يكون ذلك عائقًا أمامهن يمنعهن من دخول سوق العمل والكسب لسد احتياجاتهن الشهرية.
تعد “تعاونية ميس موروكو” اليوم، واحدة من المبادرات التي احتضنت نساء الأحياء الشعبية، ووفرت لهن التكوين في تخصصات كانت إلى وقت قريب حكرًا على المدارس الخاصة الباهظة التكاليف، وبالتالي لا تستطيع النساء الفقيرات والفتيات اللواتي لا يتوفرن على دخل محترم أن يلجوها لاكتساب حرفة أو صنعة يد.
خرجت التعاونية حوالى 50 مستفيدة هذه السنة، وفي سياق الاطلاع على أهمية هذه المبادرة، زار مراسل “تطبيق خبّر” الميداني في المغرب جواد الأطلس مقر التعاونية حيث التقى بالمؤطرة رشيدة بنجو لتعطيه تفاصيل أكثر عن هذا المشروع الاقتصادي المجتمعي المهم.
قالت بنجو إن الفكرة جاءت لمعالجة مشكل الهشاشة والفقر ومشاكل عديدة تعاني منها النساء بالأحياء الشعبية في ضواحي الدار البيضاء، خاصة أن المنطقة التي تتواجد فيها التعاونية تعرف أحياءً هشة وهامشية، يلزمها الكثير من الحلول لتنميتها، “واليوم تسير المبادرة التي أطلقتها نساء الحي في الطريق الصحيح”.
وتابعت بنجو أن كانت نساء أحياء بورنازيل تمكثن فقط في المنزل بدون دخل، وقد أصبحن اليوم في وضعية أخرى أفضل بكثير مما سبق، ولا سيما حالات النساء المطلقات والفتيات اللواتي غادرن المدرسة لظروف وأسباب قاهرة مختلفة، “اليوم يلبون متطلبات حياتهن وأخريات وجدن في الحرفة التي تزاولنها في التعاونية مصروفًا للأولاد”.
وحسب المؤطرة رشيدة بنجو، فإن “تعاونية ميس موركو” تعتمد على الاقتصاد التضامني الاجتماعي في أسلوب تدبير العمل والأرباح، بحيث أن المشروع ليس اقتصاديًا فقط، لكن يراعي الجانب الاجتماعي أيضا للعاملات.
وشرحت أن كل ذلك يسير بمقاربة تشاركية في التسيير الإداري، بمعنى أن القرارات تكون جماعية ولا يتحكم فيها شخص واحد أو مالك لرأس المال، كما يتم اقتسام المداخيل بشكل متساوٍ دون أفضلية لمنخرطة على أخرى.
الصندوق الدوراني التضامني يعمل على مساندة النساء العاملات خلال الحالات الطارئة
كما كشفت أن ما يميز تعاونيتهن هي الطرق التي تعتمدها النسوة من أجل حماية اجتماعية ولو بسيطة، والمتمثلة في إنشائهن لصندوق داخلي يسمى “الصندوق الدوراني التضامني”، ودوره هو تعويض أي عاملة تغيبت لأسباب مرضية أو أسرية، في انتظار تعويض ساعات العمل لاحقاً بعد استعادة عافيتها أو خروجها من المحنة التي تعيشها اجتماعيًا.
وأوضحت رشيدة بنجو أن المبالغ المودوعة في هذا “الصندوق الدوراني التضامني” تظل دائمًا في خدمة الحالات الطارئة والحرجة لنساء الأحياء المنخرطات في التعاونية.
الاقتصاد التضامني أساس للتغيير المجتمعي
في سياق مرتبط، قالت السيدة أمينة زائر، رئيسة حركة نساء جمعيات أحياء الدار البيضاء الكبرى، أثناء حضورها لزيارة مقر التكوين والتأهيل الحرفي لـ”تعاونية ميس موروكو”، إن التعاونية التي تعد عضوًا في الحركة، تعتمد الاقتصاد التضامني كأساس للتغيير المجتمعي.
وأوضحت في حديثها لمراسل “تطبيق خبرّ” الميداني أن “انخراط النساء في التعاونية ابتداءً من اليوم، من أجل تمكينهم اقتصاديًا، قصد القضاء على العنف الاقتصادي التي تعاني منه النسوة في الأحياء الشعبية”.
وإشارت إلى أن “عمل التعاونية يدخل ضمن شبكة من التعاونيات تعمل وفق مبدأ الحق في الحماية الاجتماعية، سواء في الحلاقة والتجميل أو أنشطة أخرى مدرة للدخل، ومن الواجب اليوم على الهيئات الحكومية المعنية أن تُقنن القطاع كي لا يظل ضمن القطاعات غير المهيكلة، ولا سيما أنه اليوم ينقذ الكثيرين من البطالة والهشاشة الاجتماعية”.
ولفتت أمينة زائر إلى أن “تعاونية ميس موروكو” تواصل احتضانها لشابات من أحياء مختلفة بالمنطقة من أجل تقوية نسيجها الاقتصادي التضامني، بل تعمل على مواكبتهن بعد التكوين من أجل إيجاد عمل قار خارج التعاونية أيضًا.
وبيّنت أنه لأجل ذلك يتم تزويد المتخرجات بحقيبة تُسمى “الصالون المتنقل” وتحتوي على كل المعدات الخاصة بتجميل النساء والعرائس في إطار خدمة التجميل المنزلي للنساء اللواتي لا يستطعن القدوم لمركز التجميل الخاص بالتعاونية، أو الذهاب لصالونات التجميل البعيدة في مركز العاصمة الاقتصادية الدار البيضاء.
تجدر الإشارة إلى أن “تعاونية ميس موروكو” التي تقع وسط أحياء شعبية، قد تمكنت اليوم عبر شراكة مع إدارة غرفة الصناعة التقليدية والتجارة والخدمات وعمالة الدار البيضاء الكبرى، من الحصول على ترخيص منح شهادات التكوينات في مجال الحلاقة والتجميل.
ويساهم ذلك في تمكين النساء والفتيات المنقطعات عن الدراسة أو اللواتي يعشن وضعية هشة داخل أسرهن للخروج لسوق الشغل وضمان عيش كريم.