افتتاح الفضاء الرياضي لكرة القدم “فيكس” بحي حمارة بالدار البيضاء عقب انتهاء أشغاله
افتتح الفضاء الرياضي لكرة القدم “فيكس” (Ficus)، أبوابه لأول مرة أمام أبناء المنطقة بمختلف الفئات العمرية، في حي حمارة بمقاطعة مولاي رشيد بالدار البيضاء في المغرب الأسبوع الماضي، عقب انتهاء أشغال البناء والإصلاحات فيه.
ويعد هذا الفضاء الأكبر من نوعه بالمنطقة، نظرًا لاحتوائه على 6 ملاعب صغرى خاصة بالفرق الشبابية، وملعب كبير خاص بتكوين الناشئين الأطفال. وقد شيع على مساحة تقدر بثلاث هكتارات من أجل ضم أكبر عدد من أبناء الساكنة.
ويهدف لمنحهم مساحة أكثر اتساعًا لممارسة رياضتهم المفضلة، وتشكيل المزيد من الفرق الرياضية لكرة القدم، والخروج من قوقعة التهميش وتجنب الوقوع في بؤرة المخدرات، كما الحصول على مكان ملائم وآمن.
هذا ما أكده الطفل أشرف، البالغ من العمر 12 سنة. إذ قال بعد إنتهاء أول حصة تدريبية له على ملعب التكوين بفضاء فيكس الرياضي، إن انتقاله رفقة مدربيه وزملائه إلى الفضاء الرياضي جعله في غاية السعادة.
كما أخبر مراسلة “تطبيق خبّر” الميدانية في المغرب هدى لبهالة أنه متحمس لخوض الكثير من المباريات، بل إن لعبه على أرضية مجهزة بالعشب جعله يشعر أنه يتمرن بإحدى الملاعب الكبرى الشهيرة بالعاصمة الإقتصادية.
وبيّن الطفل أشرف أنه لأول مرة لا يشعر بالخوف من الحضور إلى الملعب أو الذهاب منه بمفرده، نظرًا لكون الفضاء الرياضي الحالي يوفر له ولزملائه الكثير من الأمان.
افتتاح هذا الفضاء الرياضي أسعد الأهالي وخفف معاناة أطفالهم خلال التدريب
في سياق متصل، صرح المدرب محمد الحنبولي أن فضاء فيكس الرياضي لكرة القدم والذي أخذ اسمه من اسم شجر Ficus الذي اخضرت به جنبات الملاعب السبعة، يعد بالنسبة له وللمدربين والأطفال إنجازًا عظيمًا بالمنطقة.
وأوضح الحنبولي الذي طبع اسمه بالمنطقة على تداريب كرة القدم، وسمي برجل المهام الصعبة بعد أن قضى حتى يومنا هذا 23 سنة في تدريب الأطفال، أنهم تمكنوا أخيرًا من طي صفحة كانت مكتوبة بالمعاناة، وتجربة طويلة محفوفة بالمخاطر.
فقد لفت إلى أن التجربة بصمت وجودها على أرضية غير مهيكلة في الخلاء، حيث كان يتدرب عدد قليل من الأطفال ممن استطاعوا بإلحاحهم إقناع أسرهم، باللعب في مكان يبعد عن الإقامات السكنية ويصبحون فيه أكثر عرضة للسرقة أو التحرش.
وأضاف لمراسلة “تطبيق خبّر” أن أطفالًا آخرين فشلوا في نيل موافقة وخوض تدريبات في معشوقة الجماهير المستديرة لخوف أهاليهم من تعرض أطفالهم لمخاطر شتى.
وكشف المدرب الحنبولي أن الخطر الذي كان يلازم الأطفال وهم في طريقهم للتمرينات الرياضية كان يجعل مسؤوليتهم مضاعفة تجاه الأطفال، إذ لم يكونوا يكتفون بتدريبهم فقط بل بحمايتهم أيضًا.
وشرح أن حمايتهم للأطفال تبدأ من المحيط الخارجي ثم وصولًا إلى تجنب وقوعهم على أرضية ليست صالحة، ومساوئها أكثر من امتيازاتها، إلا أنها كانت إجبارية و خيارًا أولا لا ثانٍ له، فوقوع أحد الأطفال قد يتسبب له في إصابات خطيرة تؤثر على جسمه و تدريباته.
وتحدث الحنبولي عن بعض الذكريات من اللحظات الصعبة التي كانت حاضرة بالأمس القريب في عمله كمدرب، فالمقابلات الودية أو التنافسية بين مختلف الفئات العمرية التي كان يشرف على تدريبها، كانت تكلفه من الجهد والتعب ما ليس بالهين.
فعدم توفر حي حمارة على ملعب، وغلاء مصاريف وسائل النقل وغياب وسيلة كافية لنقل المدربين واللاعبين، كان يدفعهم إلى قطع مسافات طويلة مشيًا على الأقدام للمشاركة في هذه المباريات بإحدى الملاعب. بالتالي فإنهم كانوا يلتحقون بها بتعب سابق لأشواط المباريات وتحدٍ أكبر للفوز والتعامل كأن الأمور في مجراها الصحيح.
من جهته، أوضح المدرب محمد الإدريسي لمشيشي الذي اشتغل 21 سنة في مهنته كمدرب بحي حمارة، أن الفضاء الرياضي لكرة القدم بالمنطقة وحّد لأول مرة مشاعر السعادة في قلوب الأهالي.
وأشار إلى أن شعور المدربين لم يختلف عن شعور الأطفال وآباءهم الذين فضل البعض منهم الحضور قبل نهاية الحصص التدريبية بنصف ساعة للاستمتاع بما جادت به قدرات أبنائهم، بعد أن دغدغ عشب الملعب الأخضر نبض أقدامهم الصغيرة.
وبيّن ألإدريسي لمشيشي أن الأطفال انطلقوا بحركات تؤطرها توجيهات المدربين التي تهدف إلى ملأ خزان اللاعبين المعرفي بكل ما يتعلق بقوانين كرة القدم وطرق اللعب والتكتيكات.
وقال إن تمارين اللياقة البدنية لكرة القدم تعد خطوة ضرورية في بداية مشوار اللاعبين، كونها تزيد من قوة جسمهم بشكل عام وتقوي عضلاتهم، خاصة أنها تركز على الجزء العلوي والجزء السفلي.
فتمرينات الجزء الأول تزيد من قوة الذراعين والكتفين وتمنحهم القدرة على تنفيذ بعض تكتيكات اللعب خلال خوضهم مباريات تنافسية أو ودية، فيما تركز تمرينات الجزء الثاني على تدريب عضلات الساقين لجعلها ذات قدرة كبيرة على تحمل الجري وتحمل الوقوف ساعات طويلة.
وأشار إلى أن التداريب الجماعية التي يخوضها أطفال حي حمارة بالغة الأهمية، إذ تسمح، خصوصًا لمن التحقوا للمرة الأولى بزملائهم، معرفة القواعد العامة للعبة وتعلم الخطط والاستراتيجيات الجماعية المهمة واكتساب مهارات التمرير واستلام الكرة والمراوغة وغيرها.
بعد الافتتاح تضاعف عدد الراغبين بالتدريب في لعبة كرة القدم
من جانبه، أكد المدرب أشرف بن عاصب أن تجهيز حي حمارة بفضاء رياضي خاص بكرة القدم، ضاعف عدد الراغبين في الانخراط والمشاركة في التدريبات والمباريات المستقبلية التي يسهر على إنجاحها المدربون الثلاثة، لتكون في مستويات عالية.
وأوضح لمراسلة “تطبيق خبّر”أنه “بعد سنوات عجاف وامتلاك ملعب مجهز، لا وجود للمستحيل، والقادم سيكون مبصومًا بالنجاحات وتكوين أبطال صاعدين ستشهد لهم مشاركتهم في البطولات الوطنية ولما لا الدولية وإنجازاتهم الكروية، بانتمائهم الأصلي إلى فضاء فيكس”.
وقال بن عاصب أن “فيكس” أضحى اليوم عرين الأسود الثلاثة وأشبال ستحارب بشراسة للنهوض بكرة القدم المحلية والمغربية، لافتًا إلى أن التحدي الأكبر بدأ للتو، وسيعملون بجهد خلال السنوات المقبلة لاستقطاب أكبر عدد من أبناء الحي وتكوينهم وصقل مواهبهم الكروية.
وكخطوة رامية لتحقيق هذه الأهداف، أوضح بن عاصب أنه اشترى رفقة المدربين لمشيشي والحنبولي المزيد من القمصان الرياضية من مالهم الخاص، من أجل تمكين أبناء الأسر المعوزة والعاشقين للمجال الكروي من الالتحاق بزملائهم وتبسيط الطريق أمامهم.
وأوضح أن إدماج هذه الفئة في الرياضة يعتبر حبل إنقاذ لهم وسيجنبهم صحبة السوء والانحراف، ومشاركتهم المستمرة في التدريبات ستبني شخصيتهم وتزيد من تحصيلهم الدراسي وتكوينهم الأخلاقي، فالرياضة أخلاق قبل أن تكون تدريبًا بدنيًا يخدم اللعبة بالدرجة الأولى.
تجدر الإشارة إلى إن الفضاء الرياضي فيكس، يضم حاليًا عشرات من الأطفال القاطنين بحي حمارة، تم تقسيمهم لمجموعات حسب الفئات العمرية، كفئة 2009_2008، وفئة 2012_2011، وفئة 2015_2914. ويشرف كل من المدربين الثلاثة على تدريب فئة معينة وفق برنامج الحصص الصباحية التدريبية، التي تقام أيام الاثنين والأربعاء والسبت والأحد.
كما سيباشر شباب الحي الذين يلعبون ضمن فرق يشكلونها بتنسيق مسبق فيما بينهم اللعب على أرضيات الملاعب الست المخصصة لهم خلال الأسابيع المقبلة.