أوضح الصحافي والباحث السوري في شؤون الجماعات المتطرفة، محمد الخضر في لقاء خاص مع “أخبار الآن” وتعقيبا على حملة الأعتقالات التي نفذتها هيئة تحرير الشام خلال الأيام الماضية، ان “الهيئة” اثبتت أكثر من مرة أنها لا تحتاج الى مبررات لاعتقال او مهاجمة فصائل أخرى لان مبرراتها هي نفسها، مثل التعامل مع الغرب والنظام السوري، لافتا الى أنه من غير الممكن القول ان هناك اعتقالات أخيرة، فهناك اعتقالات تنفذها الهيئة بشكل يومي تقريبا.
وقال الخضر أن الاعتقالات التي نفذتها هيئة تحرير الشام اخيرا هي نوع من غربلة الصفوف وهي تحدث بشكل دوري، وعندما تشعر بان تيار معين بدأ بالنمو داخل الهيئة فتقوم بتلك الاعتقالات لبتر ذلك التيار قبل ان يشكل نوع من الازعاج او الخطر، وذلك في محاولة للابقاء على الاشخاص الموثوق بهم في محيط الدائرة الضيقة المحيطة بـ أبو محمد الجولاني.
وأضاف الباحث في شؤون الجماعات المتطرفة: “الهيئة تتشدق دائما عندما تعتقل احد بان لديها دليل، ولكن 90 في المئة من الحالات لم تقدم دليلا، وهي تعتقل اي شخص يقوم بمعارضة الحكومة المؤقتة او قرارتها او معارضة الشخصيات المتنفذة في هيئة تحرير الشام، واحيانا قد يتم اعتقال اي شخص قام بمشاركة منشور على الفيسبوك، وهم لا يبحثون عن حجج لاظهارها لمعرفتهم التامة بانهم اصحاب اليد الطوله على الارض في تلك المنطقة ولا احد يستطيع محاسبتهم، ولذلك في معظم الاحيان يتم الاعتقال لاسباب شخصية وفي حالات قليلة يكون الشخص المعتقل ضدهم.
واردف الخضر قائلا: دائما هيئة تحرير الشام تقوم باخذ حجج الاخطاء الشخصية، وذلك عندما يتم ارتكاب خطأ من قبل احد العناصر حتى ولو كان الموضوع بسبب عداوة شخصية يتم اعتقاله ومن ثم اذا تم تبرئته بالدليل القاطع لوسائل الاعلام، تقوم الهيئة باصدار بيان ان ما حدث اخطاء فردية ولا تعبر عن الهيئة، لافتا بالوقت نفسه الى ان الاخطاء الفردية عندما تكثر تصبح دليل على التوجه بالنسبة للهيئة.
وعن القرارات التي يتخذها عناصر الهيئة، قال الخضر: “قد تكون القرارات فردية، بالنسبة لموضوع العناصر على الحواجز ونقاط التفتيش والدوريات التابعة للهيئة، ولكن بالنسبة للهيئة والقيادات العليا فالخط العريض هو بيد ابو محمد الجولاني والدائرة الضيقة المحيطة به ولا يزالون نسبيا هم الممسكون بزمام الامور”.
وختم الباحث السوري حديثه قائلا: “ابو محمد الجولاني، اعتقد انه كان اذكى من بعض القيادات المتطرفة التي كانت في قيادات الجماعات الجهادية الذين سبقوه، لذلك فهو منذ البداية احاط نفسه بدائرة ضيقة من الاشخاص الذين يثق بهم تمام الثقة ويعرف بان ولائهم الشخصي له وليس لهيئة تحرير الشام، وبذلك ضمن مصيره انه لن يكون مشابها لمن سبقه مثل ابو مصعب الزرقاوي او من تم الوشاية بهم، واما بخصوص اندثار نفوذ الجولاني، فهو يقوم بخطوات استباقية بحكم انه بدأ بمحاولة تكوين جناح سياسي في محاولة لتحقيق بعض المكاسب على الارض من الغرب واللقاء الاخير الذي اجراه مع الصحفي الامريكي أخيرا يظهر انه يحاول اعادة تطبيق تجربة طالبان في افغانستان”.
اعتقالات ضد معارضي الجولاني
أشارت تقارير إلى قيام هيئة تحرير الشام باعتقال العديد من العناصر المتطرفة المنتمين لتنظيمات أخرى، في حملة قمع جديدة تستهدف معارضي الجولاني.
ووفقا لمنشور عبر حساب ” رد عدوان البغاة” عبر تطبيق تليغرام، فإن الهيئة قد احتجزت أحد أعضاء جماعة أنصار الإسلام، ويدعى “أبو عروة كنصفرة“.
وفي رسالة ثانية في اليوم نفسه، زعم ” رد عدوان البغاة” أن هيئة تحرير الشام اعتقلت ستة متطرفين “مستقلين” ، وهم أبو أسامة الجزيري ، وأبو الدرداء الجزيتي ، ومعاذ التركي، وعبد الرحيم تركي وعبد الرحمن التركي.
هيئة تحرير الشام تزيد من حملات القمع
ووفقا لـ BBC Monitoring فإن الأسماء الحركية لمن تم توقيفهم، تشير إلى أن بعضهم أجانب، ربما من الجزائر وتركيا وفرنسا، كما أوضحت رسالة ثالثة أنه تم القبض على عنصر “مستقل” آخر هو أبو الليث.
كما نشر عدد من العناصر المتطرفة المؤيدين للقاعدة عبر تطبيق تليغرام أيضاً، أسماء بعض ممن تم اعتقالهم على يد هيئة تحرير الشام.
سياسة قمع المعارضين
وتستمر هيئة تحرير الشام في اعتقال العناصر غير الخاضعة لتشكيلاتها أو حتى ضمن غرفة عمليات “الفتح المبين” التي تضم “تحرير الشام” و”الجبهة الوطنية للتحرير” و”جيش العزة”، والمسؤولة عن العمليات العسكرية في محافظة إدلب وريف حلب الغربي وسهل الغاب شمالي حماة، وتلال وريف اللاذقية الشرقي.
كما أفاد المرصد السوري لحقوق الإنسان في الخامس من أبريل، أن الهيئة اعتقلت ستة متشددين، بينهم بعض الأجانب في 4 أبريل / نيسان، معظمهم أعضاء في حراس الدين.
حيث اعتقلت الهيئة في فبراير الماضي أربعة فرنسيين، منهم الصحفي الفرنسي موسى الحسان، خلال عملية مداهمة في مدينة جسر الشغور والقرى المحيطة بها.
واعتقلت في نفس الشهر أحد كوادر “حراس الدين”، يدعى “أبو عبد الله السوري”، شمال إدلب، وهو ابن القيادي السابق في تنظيم “القاعدة” “أبو فراس السوري” الملقب بـ “النموس”.
كما شهدت حملات الاعتقال أيضًا قياديين وعناصر سابقين، من بينهم “أبو مالك التلي” و”أبو العبد أشداء”، اللذان أسسا فصائل مستقلة عنها، انضمت إلى جانب تنظيم “حراس الدين” تحت مظلة غرفة عمليات “فاثبتوا”.
تبرير الجولاني
وبشأن تلك الاعتقالات، برر زعيم هيئة تحرير الشام، أبو محمد الجولاني خلال مقابلته الإعلامية مع الصحفي الأمريكي مارتن سميث إن كل الأشخاص الذين تم اعتقالهم هم “عملاء للنظام السوري، أو عملاء روس يأتون لوضع مفخخات، أو حتى أعضاء في تنظيم داعش” على حد قوله، واصفا تلك الاعتقالات بأنه تستهدف اللصوص والمبتزين للهيئة.
فيما أشار المرصد إن حملة الاعتقالات تلك تأتي في إطار محاولة الجولاني، الترويج لنفسه بمحاربة الإرهاب ضمن المناطق التي يتواجد بها، رغم عدم تعقيبه مرارا وتكرارا على الانتقادات بشأن قمع معارضيه.
فيما ألقت المقابلة التي اجراها أبو محمد الجولاني مع وسائل الإعلام الأمريكية بضلالها سلباً على صورته وصورة هيئته في نظر الفصائل المتطرفة الناشطة في الشمال السوري من جهة، وجعلته “لقمة” سائغة يلوكها اقل الاشخاص مرتبة في عالم التنظيمات الإرهابية من جهة ثانية. وذلك وفقا لردود الأفعال التي انتشرت عبر منصات التواصل الاجتماعي عقب نشر بعض من مقاطع الفيديو للمقابلة قبل عدة ايام.
الجولاني يبرر مقابلته مع الإعلام الأمريكي
رغم المبررات التي ذكرها أبو محمد الجولاني رداً على الانتقادات الشديدة التي وجهت له من قبل منافسيه المتشددين عندما أعلنت قناة “PBS” لأول مرة أن الصحفي مارتن سميث، التقى زعيم “هيئة تحرير الشام” في محافظة إدلب، لكنه فشل في تحسين صورته على الساحة وفقد ثقة الدائرة الضيقة المحيطة ودفعتهم الى الانشقاق والأمثلة كثيرة.
ودافع أبو محمد الجولاني عن خطوته بلقاء الإعلام الامريكي، بأن هيئة تحرير الشام بحاجة الى كسر عزلتها ونقل رسالتها بشكل واسع النطاق، خاصة بعدما قطع الجولاني علاقاته مع تنظيم القاعدة في العام 2016.