فشل مفاوضات “الفرصة الأخيرة” حول سد النهضة يطرح حل “الخيار العسكري”
يقول الدكتور يسري السيد المحلل السياسي المصري المختص في الشأن الدولي في تصريحاته لـ”أخبار الآن” عن فشل المفاوضات الأخيرة حول سد النهضة “هناك رحلة من المؤامرة الإثيوبية على مصر، فمشكلة سد النهضة ليست وليدة هذه اللحظة، بل منذ عام ١٩٥٦ وما قبلها.
حيث بدأت السيناريوهات لإنشاء هذا السد وكان هناك دعم أمريكي للفكرة في فترة من الفترات بسبب الخلاف الأمريكي مع جمال عبد الناصر، ماذا يمكن أن يجعل أي حاكم مصري يركع إلا نهر النيل.”
ويفسر السيد ما يحدث الآن في مفاوضات سد النهضة بأنه سيناريو لوقف التنمية في مصر فيقول “عندما وجدت بعض القوى أن مصر بدأت تنهض رغم الظروف المحيطة بالمنطقة، بعد أن فشلوا في تدميرها وعجزوا عن إغراق مصر في ظلامية الجماعات الارهابية فليكن سيناريو آخر وهو سد النهضة إذن فالمشكلة ليست في إثيوبيا ولكن من يقف وراء إثيوبيا، حيث نجد أن المقاول الأكبر الذي يقوم بالإنشاءات في سد النهضة هي إيطاليا، والصين مسؤولة عن محطات التوربينات الموكلة إليها، وفرنسا وتركيا وغيرهم.”
يسري السيد: ليس لدينا أمطار لنزرع منها والنيل يحمل الغذاء لـ100 مليون مصري و7 مليون لاجئ
وعن تأثير سد النهضة وعلي الزراعة المصرية ومن ثم الحياة في مصر يقول السيد “الزراعة المصرية لا تعتمد على المطر فليس لدينا مطر، وكذلك مخزون المياة الجوفية في مصر قليل، لا يكفي لري ملايين الفدادين لغذاء أكثر من 100 مليون مصري وأكثر من ٧ مليون ضيف تحت مسمى لاجئ من إفريقيا وسوريا وغيرها، إذا كانت هناك دول تطلب معونات لأنها تقيم مخيمات للاجئين فإن مصر ليس لديها مخيمات لاجئين بل هم ضيوف كرام يعيشون معنا وكل هؤلاء سلة غذائهم من نهر النيل ويشربون منه.”
وعن تاريخ أثيوبيا في التفاوض حول سد النهضة يقول السيد “10 سنوات من المفاوضات والمماطلة فيها، والإثيوبيون يتابعون سيناريو فرض الأمر الواقع.
وأنا لا أعتقد أن الخطر الأكبر يكمن في الملء الثاني ولا في هذه المرحلة من إنشاء سد النهضة ولكن الخطر الأكبر سيأتي بعد الانتهاء من تشييده، وقد وضحت بعض التصريحات من مسؤولين أثيوبيين حين تساءلوا وما المانع أن نبيع مياه نهر النيل؟”
يسري السيد: سد النهضة مبني على فوالق والخطر الأكبر بعد تشغيله وليس بعد الملء الثاني
وعن خطورة التفكير في بيع ماء النيل يقول السيد “في هذه الحالة سوف يكون هناك صنبور يمكن غلقه على مصر، أي أن حصة مصر في خطر، حيث يمكن أن نصبح يوما ويقول لنا الأثيوبيون ليس لدبنا مياه من أجلكم ” مافيش مية”، فإذا لم يتم حسم هذا الموضوع الآن فستزداد الصعوبة في مواجهة هذا السد فيما بعد، المواجهة بتدمير السد أو ماشابه ذلك سوف يؤدي إلى غرق السودان وغرق جنوب مصر كله إذا امتلأ السد بالكامل.”
خطر انهيار السد لا يتمثل في تدميره عسكريا وهو ممتلئ ولكن التربة التي بني عليها السد تهدد بذلك منذ البداية وعن هذا يقول يسري السيد “الأخطار ليست فقط في تدمير السد عسكريا لكن السد نفسه مبني على منطقة فوالق جيولوجية، يمكن أن تعرض بناء السد الى الخطر، لأن كتلة المياة الكبيرة جدا في منطقة مليئة بالفوالق الجيولوجية يمكن أن تؤدي إلى انهيار السد، وفي النهاية حين ينهار ستغرق السودان ومصر معا.”
دعوة لتحرك جامعة الدول العربية نحو مجلس الأمن لانقاذ مصر والسودان
وعن الخطوات التي يجب اتخاذها قبل الملئ الثاني للسد يقول يسري السيد “الخبير في الشأن الدولي جامعة الدول العربية عليها أن تعقد اجتماع طارئ لدعم الموقف المصري وعلى الدول العربية أن تتقدم بشكوى جماعية لمجلس الأمن، فلابد أن يتحرك المجتمع الدولي بضغط عربي لكي نضع المجتمع الدولي أمام مسؤوليته الحقيقية طبقا لميثاق مجلس الأمن الذي ينص على التحرك اذا حدث ما يضير الاستقرار العالمي فماذا يمكن ان يقارن بحالة عدم الاستقرار إذا تعرض للجوع 110 مليون مصر ومعهم 7 مليون لاجئ إلى جانب شعب السودان، فليتحرك مجلس الأمن والمجتمع الدولي أم يريدون مزيدا من الصراعات والحروب لأسباب استعمارية أخرى .”
خبير سياسيي مصري: في ظل تجاهل المجتمع الدولي لسد النهضة ليس أمامنا إلا خيار الحرب
وعن سيناريو اللجوء للحل العسكري في أزمة سد النهضة يقول السيد “مصر دعمت وشاركت في تحرير القارة الإفريقية من براثن الاستعمار فلا يمكن أن تكون أداة للحرب فيها يوما ولكن حين يكون الأمر حياة أو موت ويتعلق بتهديد أمننا المائي فإنهم يضعوننا أمام الخيار الصعب، فجميع المصريون لا يسعون إلى الحرب ولكن إذا فرضت علينا الحرب فهو الخيار الوحيد في حالة صمت وضعف عربي بسبب حالة المنطقة العربية وتجاهل مجتمع دولي من أجل بضعة توازنات دولية، أعتقد أنه ليس أمامنا إلا الحر ب وأن ننفذ وصية أجدادنا حين كتبوا على جدران معابدهم، إذا انخفض منسوب النهر فليهرع جنود الفرعون لتحرير قيد نهر النيل .”
مواطنون مصريون: النيل حياتنا ولن نفرط في حقنا ويكفينا 10 سنوات من التعنت الأثيوبي
“أخبار الآن” رصدت رد فعل الشارع المصري حول فشل المفاوضات الأخيرة بشأن سد النهضة، يقول بهاء عبد الرازق مواطن مصري “النيل بالنسبة لنا خط أحمر وحياة، ويجب على إثيوبيا أن تدرك ذلك ، فالمياه عند إثيوبيا كتيرة ونحن نحتاج نهر النيل والمياه، لكن هم عاوزين يبيعوا المياة ، ليست مجرد سد، وهناك تعنت رهيب على مدار 10 سنوات ومافيش فايدة وهذه آخر فرصه لهم.”
وتقول داليا محسن (٣٠ سنة) “أكيد طبعا نهر النيل ده حياتنا كلنا وخط أحمر مثلما وصفه الرئيس السيسي، ولن نقبل مش أن يجور علي حقنا به أحد أو أن تقل حصتنا .”
بينما يري شاهين مصطفي (٣٢سنة) أنه يمكن أن يكون هناك حل سلمي بعيدا عن سيناريو الحرب فيقول لـ”أخبار الأن” “النيل لنا كمصريين هو شريان الحياة ويجب أن يكون هناك حل ودي يجعلهم يستفيدون ونحن أيضا نستفيد.”
بحدة شديدة وقلق يتحدث الرجل الستيني عبدالوهاب حسين عن نهر النيل وسد النهضة فيقول بحزم “لن نقبل أن يمس أحد أيا كان نهر النيل بأي طريقة والرئيس السيسي لا يهدد ولكنه يطلب حقنا، هذا حقنا، حق شعب مصر حق أرض مصر وكل وشاب وكل فتاة من حقهم يدافعوا عن نهر النيل، إنه جنتنا علي الأرض فيجب أن نخاف ونحافظ عليه، صعب نتهاون في أي نقطة من النيل.”
و يقول المواطن المصري علاء محمد (٥٨ سنة) “نهر النيل هو شريان الحياة وعلى ضفافه قامت حضارة المصريين ونهضتهم، فالمساس بنهر النيل هو مساس بحضارتها ونهضتها، مصر هبة النيل ولن ينازع أحد مصر في حصتها التاريخية في التنمية والحياة والوجود، فالمعركة نكون أو لا نكون.”
السفير جمال بيومي: حكومة إثيوبيا تمارس العنجهية السياسية نتيجة مشاكلها الداخلية
وفي تصريحاته لـ”أخبار الآن” وصف السفير جمال بيومي، مساعد وزير الخارجية المصري الأسبق بأن ما حدث في جميع مفاوضات سد النهضة بأنه يعود لنقص الخبرة الشديد عند الدبلوماسية الإثيوبية وأوضح السفير جمال بيومي ذلك بقوله “لا توجد مفاوضات ينفرد فيها طرف برأي واحد ويفرضه على الآخرين، فالمسؤولون في إثيوبيا لم يفكروا أن يقدموا أقل قدر من إظهار حسن النية، وما يفعلونه ما هو إلا نوع من العنجهية السياسية نتيجة أنا أمام حكومة ضعيفة في أديس أبابا لديها العديد من المشاكل في الداخل وحروب أهلية، كل ما يفعلونه في ملف سد النهضة ما هو إلا انعكاس لما يحدث عندهم، فعندما تكون الحكومة ضعيفة فإنها لا تستطيع التفاوض، ولكنه يريد أن يري شعبه أنه يتفاوض علي شئ مصيري فيوهمه أن أمن إثيوبيا ومستقبلها في خطر رغم أننا نحن المستقبلين للمياة وأمننا هو المهدد.”
ويضيف السفير جمال بيومي “إنهم يتحدثون بكلام لا يتفق مع القانون الدولي ولا يتفق مع قوانين الأنهار والتعامل بين الدول وبعضها البعض، فمثلا أوروبا كلها يخترقها نهر الدانوب ونهر الراين، ولم نسمع عن خلاف بين الدول في هذا بل إنهم يتفقوا على البيئة ونقاء المياة في أنهار أوروبا، وكذلك الوضع في أمريكا الجنوبية هناك أنهار مشتركة بين الأرجنتين والبرازيل ولا توجد مشكلات بينهم، لأن الجميع ملتزم بالمعايير والقانون الدولي المنظم للأنهار المتخطية لأكثر من دولة.”
المشكلة ليست مشكلة مياة فإثيوبيا لا تحتاج من مياة النيل في المجرى المائي أكثر من 0.5 % من احتياجاتها لأن 99.5% من احتياجاتها غارق بالأمطار، مثل الوضع في اوروبا، لكن المصريين في حاجة ماسة إلى مياه النيل وهو ما جلعنا نحن كمصريين لدينا أعقد وأرقى نظام ري في العالم الذي يوصل مياه النيل عبر ترع وقنوات إلى كل عود قصب وكل عود ذرة، ولا يوجد في الدنيا نظام ري بهذا التعقيد والرقي لأننا لسنا دولة أمطار لذا فلدينا نظام ري، أما أثيوبيا ليس لديها نظام ري فأين ستذهب بمياه النيل إذا أخذتها.”
السفير جمال بيومي: لا توجد دولة خالفت مصر إلا وندمت بعد عقود
وعن الناحية الفنية محل الخلاف في تشغيل سد النهضة يقول بيومي “فنيا، نحن أمام معضلتين أولا أن الطرف الإثيوبي ضاعف ارتفاع السد كما أنه في مستعجل على ملئه، فبينما تريد مصر آن تجعل الملء في فترة من ٧ إلى ١٠ سنوات يصر هو على أن يملأه في فترة من 3 إلي 5 أعوام”
ويحذر مساعد وزير الخارجية السابق من خلاف أي دولة مع مصر فيقول “إثيوبيا لو استمرت في خلافها حول سد النهضة مع مصر ستندم ولو بعد أعوام، فما من دولة اختلفت مع مصر إلا وندمت بعد 40 سنة عقود وأخذت الخطوة التي اختلفت مع مصر بسببها، فمثلا عندما دخل جمال عبد الناصر منظمة الجات (الاتفاقية العامة للتجارة والتعريفات) سنة 1968، غضب حلفاؤه الروس جدا وقالوا وتساءلوا كيف تدخل منظمة استعمارية، ثم دخل الروس المنظمة نفسها بعدنا بـ45 سنة عام 2013، كذلك مسيرة السلام رحمة الله على الرئيس السادات واسترد بيها كامل أرضه، من عارضوه وقتها كانوا صدام حسين والقذافي وحافظ الأسد وعلي عبدالله صالح، أعتقد أنهم ندموا وتمنوا لو أخذوا بالمبادرة مع السادات، و لكن بعد فوات الأوان، فمصر دائما أخدت مبادرات وواثقة من نفسها ولا تحتاج أن تكون ذات صوت عالي وتعمل مهاترات مع أحد فسياستنا ثابتة ومتينة ورائدة ومن لا يتبعها يندم.”
بيومي: لماذا لا تكون إثيوبيا شريكا اقتصاديا لمصر بدلا من رغبتها في بيع المياه؟
وعن الأسباب التي يروجها النظام الأثيوبي عن خلافه مع مصر يقول بيومي “إثيوبيا لا تحتاج نهر النيل، غارقة في نهر من الأمطار يتعدي الألف مليار متر مكعب من المياة نحن نريد 55 مليار متر أي عاقل أو خبير يجد أننا على حق وأعتقد أنه لا دولة في العالم إلا وستؤيد الحق المصري، نحن نسعى أن تنتعش أثيوبيا وقلنا لهم نحن نبني معكم سد النهضة ونشتري منكم الكهرباء لأن مصر ستصبح المصدر للكهرباء من العالم العربي وإفريقيا إلى أوروبا، فماذا يمنع أن تستفيد معنا إثيوبيا ونستثمر هناك ونروج للاستثمار في إفريقيا لماذا لا ينتهز الفرصة ويكون شريك استثماري واقتصادي لمصر بدلا من أن يقولوا “هنبيع الميه، فيه حد يبيع المية!”، هل يوجد مثال في العالم لذلك لدولة تبيع مياه لدول أخرى!”
السفير المصري جمال بيومي: مازال أمامنا خيارات عدة وأبواب نطرقه وصولا مجلس الأمن
وعن سيناريو ما بعد فشل المفاوضات سد النهضة يقول بيومي “مازال أمامنا وجهات عديدة قبل سيناريو الحرب المجتمعات الدولية كالاتحاد الأوروبي، الأطلنطي والولايات المتحدة الأمريكية، ويمكن أن نصعد ونطلب من مجلس الأمن أن يفرض عقوبات بمقتضى المادة السابعة التي تطبق بعقوبات في حالة تهديد الأمن والسلام، فعندما تقطع المياة عن دولة فأنت تهدد المن والسلام العالمي،أعتقد أن هذه هي الخطوات التي أمامنا ومازال أمامنا الكثير لنفعله .”