التعايش السلمي بين المسلمين والمسيحين في مصر
يعتبر هذا الشهر مميزاً عند المسلمين وذو مكانة خاصة عن باقي أشهر السنة الهجرية. فهو شهر الصوم الذي يعد أحد أركان الإسلام. شهر مبارك، شهر القيام وتلاوة القرآن، شهر الصدقات والإحسان والعتق والغفران.
وينتظر المسلمون هذا الشهر الفضيل من عام إلى آخر، ليعيشوا أجواءه المميزة المليئة بالمحبة، و ينغمسوا في روحانيته. ولكن لا يقتصر هذا الشعور على المسلمين فقط، بل يحتفل المسيحيون بقدوم هذا الشهر, وينتظرونه بفارغ الصبر في أغلب الدول العربية وخصوصا مصر.
ففي مصر يتعايش المسلمون والمسيحيون جنبا إلى جنب بغض النظر عن الديانة و اللهجة. وفي شهر رمضان يشارك المسيحيون المسلمين جميع العادات الرمضانية، و يشعرون بكافة الروحانيات التي يشعر بها المسلمون.
تحت شعار “رمضان يجمعنا”.. يعيش الرجل الخمسيني “أمير غطاس” الذي زين وشم الصليب يديه، وسط روحانيات رمضان. ينتظر أمير هذا الشهر سنويا بفارغ الصبر ليمارس مهنته المفضلة في بيع الفوانيس، مؤمناً بأن شعائر رمضان ليست مرتبطة بالمسلمين فقط، أو تخصهم وحدهم، بل هي أجواء جميلة يعيشها المصريون معاً.
ويقول غطاس:” بقالي ١٧ سنة هنا في شوبرا مصر ..السنة دي عملت شجرة كريسماس كبيرة جداً الرأي العام اتكلم عنها.. فلما عرفت إن الناس كلها فرحت بيها قررت أن اشتغل في فوانيس رمضان .. و قررت انو زي ما عملت شجرة كبيرة أعمل أكبر فانوس مش في مصر بس، في الوطن العربي كلو. عملت فانوس بطول ١٧ متر بالهلال بتاعو وقعدت شهر كامل اصنع فيه.. والحمدلله كل الناس فرحانة وكل مصر بتتكلم عن الفانوس دا وعن شوبرا اللي فيها وحدة وطنية ونسيج مجتمع متعاون بين المسلمين والمسيحيين.”
ويعتبر الفانوس أشهر رموز قدوم شهر رمضان. وهو جزء لا يتجزأ من زينة الاحتفال به في كل البلدان العربية. يحرص الكثيرون على شرائه مع اقتراب قدوم الشهر الفضيل لتزيين الشوارع والبيوت من الداخل، ولإضافة لمسة رمضانية في المطاعم والمقاهي.
الأجواء الرمضانية تجمع المسلمين والمسيحيين
ومن وجوه احترام المسيحيين للمسلمين في هذا الشهر الفضيل مراعاة شعورهم. فيحاول أغلب المسيحيين أن لا يتناولوا الطعام أو الشراب أمام المسلمين، و ذلك كي لا تُرهق أو تضعف نفوسهم. ويحاولون قدر المستطاع تبديل فترات العمل مع بعض زملائهم المسلمين غير القادرين على تحمل تعب العمل وضغوطه أثناء الصيام. ويتشارك ويتبادل البعض منهم العزومات مع جيرانهم المسلين في شهر رمضان من كل عام. بهذه الأفعال البسيطة يزيد شعور المحبة والتقدير بين أفراد الشعب بغض النظر عن الديانة.