مطعم الرحمة مائدة إفطار لا تفرق بين جنسية وأخرى
منذ بداية شهر رمضان المبارك، توزع محافظة مؤسسة ناس الخير ببرج باجي مختار، الواقعة إلى الجنوب من الجزائر العاصمة، ما لا يقل عن 500 وجبة إفطار صائم يوميًا.
يستفيد من هذه الوجبات عابرو السبيل الجزائريون والأجانب القادمون من مختلف الدول الأفريقية والناشطون في مجال التجارة بالمقايضة في رؤوس الماشية والتمور. وتأتي ضمن مبادرة مطعم الرحمة المتواجد أمام محل محمد كلغلغ، وسط مدينة برج باجي مختار.
في مطعم الرحمة، نزل التاجر فيليكس، و هو مسلم من جنسية كاميرونية، من شاحنة محملة بالشاي، قادمًا من بوابة تيمياوين الحدودية المتاخمة لمالي، ليأخذ قسطًا من الراحة بعد أن أدركه آذان المغرب ببلدية برج مختار. وهناك قدمت له وجبة من وجبات الإفطار التي تعدها مؤسسة ناس الخير.
مراسل “تطبيق خبّر” الميداني في الجزائر محمد الأمين بلحية، زار مبادرة مطعم الرحمة حيث التقى فيليكس الذي أخبره أنه تاجر مقايضة منذ السبعينيات، وينشط في مجال تجارة الشاي المالي بمقايضته بالإسمنت الأبيض المصنع بالجزائر.
وأوضح فيليكس أنه منذ ثلاث سنوات دأب على ارتياد مطعم الرحمة هذا خلال شهر رمضان لتناول وجبات ساخنة من إعداد أعضاء جمعية ناس الخير وبعض المحسنين وفاعلي الخير.
أبدى فيلكس استحسانه لمثل هكذا مبادرات التي من شأنها تخفيف العبئ على المسافرين، خصوصًا التجار الناشطين بالمنطقة، لا سيما وأنها منطقة تبادل ونشاط تجاري ضخم بين الجزائر وعدة دول أفريقية أخرى، وتشهد حركة كبيرة في الفترة الأخيرة التي أعقبت إعادة فتح السلطات الجزائرية للحدود مع مالي بعد سنوات من الغلق بسبب الأوضاع الأمنية في منطقة الساحل.
غير بعيد عن فيليكس، التقى مراسل “تطبيق خبّر” بمحمد حمودي، وهو تاجر مقايضة جزائري يعتبر أحد أقدم تجار المقايضة الجزائريين. أوضح محمد أنه يملك 4 شاحنات ذات حمولة 50 طن للواحدة ، تقوم بخمس رحلات شهريًا بين الجزائر ومالي، يصدّر خلالها التمور الجزائرية إلى النيجر ومالي، في حين يستورد الماشية الحية من أغنام وأبقار.
وفي شهر رمضان، أضاف محمد، غالبًا ما يضطر إلى التوقف لأخذ قسط من الراحة في مطعم الرحمة، يتناول خلالها وجبة الافطار قبل أن يواصل طريقه نحو الشمال.
3 طباخين وأكثر من 20 متطوعًا لتنظيم موائد الإفطار
عن هذه المبادرة التي أصبحت سنوية، أوضح طاتي دادن، رئيس لجنة الشؤون الاجتماعية بمحافظة مؤسسة ناس الخير برج باجي مختار، لمراسل “تطبيق خبّر” أن مطعم الرحمة أضحى يكتسي أهمية كبيرة بالمنطقة، و يستقطب حوالى 500 شخص يوميًا من عابري السبيل، من جزائريين وجنسيات مختلفة على غرار مالي والنيجر وبوركينافاسو والسينغال والكاميرون وغيرها.
وأضاف طاتي أن أهمية مطعم الرجمة ازدادت بعد انتعاش تجارة المقايضة في النقطة الكيلومترية رقم 30 عبر بوابة تيمياوين بين الجزائر و مالي.
كما كشف أن المطعم يشرف عليه حاليًا ثلاثة طباخين وعشرون عضوًا من الجمعية، متطوعون لتنظيم موائد الإفطار التي يحترم فيها البروتوكل الصحي المعتمد من قبل وزارة الصحة الجزائرية لمجابهة فيروس كوفيد 19.
وأكد أن موائد مطعم الرحمة لإفطار عابري السبيل متواصلة طوال أيام الشهر الفضيل، مشيرًآ إلى أن مصادر المطعم كلها من صدقات المحسنين وفاعلي الخير من أبناء المنطقة وبعض المؤسسات الخاصة والعمومية.
ولفت طاتي إلى أن نشاط الجمعية لا يقتصر فقط على تقديم وجبات الإفطار، بل يتعداه إلى توزيع قفف على أكثر من 100 عائلة معوزة، وتكريم حفظة القراءن الكريم، وتوزيع ملابس العيد على حوالى 200 يتيم بالمنطقة.
يذكر أن مؤسسة ناس الخير لها عدة فروع بالولايات الجزائرية، وهي إحدى المؤسسات الخيرية الرائدة في البلاد، ومعروفة بمشاريعها الخيرية التي تغطي جميع التراب الوطني الجزائري.
وتشمل نشاطاتها عدة مجالات، منها التربية والتعليم والبيئة والمساعدات الخيرية، كما يشرف عليها طاقم شبابي ذو كفاءة ، وتحظى باستقطاب المئات من الشباب الجزائري التواق لفعل الخير.