المليشيات الإيرانية تنشر الرعب والفوضى في ريف الرقة الجنوبي
يحكي المدرس السابق محمد الحمدان الذي يقطن في ضواحي محافظة الرقة الجنوبية الشرقية، عن معاناته مع المليشيات الطائفية التي تدعمها إيران في سوريا.
يقول الحمدان إنه بعد سيطرة النظام السوري على بلدته “معدان” تم تسليمها للمليشيات الإيرانية، ويؤكد المدرس السابق أن تلك المليشيات مارست أنواعاً شتى من الطائفية والإجرام أجبرته على هجر مدينته “معدان” إلى الرقة عام 2018.
سيطرت قوات النظام السوري والمليشيات الإيرانية على مدينة معدان, وبلدات وقرى أخرى في ريف الرقة الجنوبي أواخر عام 2017 ، وسيطرت على هذه المناطق من قبضة تنظيم داعش.
كانت المعارك بين الجانبين “سريعة” في الوقت نفسه ، كانت المعارك “مرعبة للغاية وخلفت الكثير من الضحايا”، حيث يحكي نازحون من الريف الجنوبي الشرقي عن الأعمال العدائية التي انتهت بسيطرة النظام السوري على كامل المنطقة، حتى مدينة الرقة.
وأشار الحمدان إلى ضراوة القصف وسياسة الأرض المحروقة التي كانت قوات النظام والميليشيات المتحالفة معه تتبعها، وكانت بذلك تتقدم رغم انسحاب مقاتلي داعش “المتسرع” إلى المناطق التي احتلوها في ذلك الوقت في الرقة ودير الزور والبادية.
الفرار من الموت
أجبرت المعارك في ريف الرقة الجنوبي الشرقي المدنيين المذعورين على عبور نهر الفرات بحثاً عن الأمان على الضفة المقابلة التي تسيطر عليها قوات سوريا الديمقراطية، بينما مات الكثيرون غرقاً في النهر , لكن الناجين انتهزوا الفرصة وفضلوا ذلك على العيش تحت رحمة قوات النظام.
ينقسم ريف الرقة إلى منطقتين خاضعتين لسيطرة قوات سوريا الديمقراطية وقوات النظام السوري والمليشيات الإيرانية، ويربط بينهما معبر “العكرشي” الواقع على بعد نحو 20 كيلومتراً جنوب شرقي الرقة، كما يحدد النفوذ العسكري نقاط التهريب عبر نهر الفرات الذي يقسم إلى مناطق في ريف الرقة الشرقي.
استهدف الرعاة وأهالي ريف الرقة الجنوبي بعدة “مجازر” قُتل فيها العشرات خلال السنوات الثلاث الماضية، وكان اللوم يوجه غالباً إلى الميليشيات الإيرانية وقوات النظام، وخوفاً من المصير نفسه، قرر حسن الخضر (30 عاماً) وثلاثة من أشقائه مغادرة مسقط رأسهم “السبخة” والتوجه إلى الرقة بمجرد سيطرة قوات النظام على المنطقة.
قال الخضر إن الشبان هم الهدف الرئيسي للانتهاكات، مضيفاً أن مناطق سيطرة النظام في ريف الرقة تكاد تكون خالية من الشباب، ويتهم النظام السوري “في كثير من الأحيان” تنظيم داعش بارتكاب جرائم وانتهاكات تستهدفهم، على عكس السكان الذين يتهمون الميليشيات الإيرانية.
الميليشيات الإيرانية.. قتل وسلب أرزاق السكان المحليين
في 17 نيسان، عثر أهالي قرية الخميسية بريف الرقة الجنوبي الشرقي على جثث رعاة غنم، وذكر موقع “عين الفرات” الإخباري المحلي أن الضحايا قتلوا ونهبت مواشيهم، واصفاً الحادث بأنه من حوادث السرقة المتكررة للمواشي التي ترتكبها المليشيات الإيرانية.
يعاني ريف الرقة الجنوبي من الإتاوات بالإضافة إلى جرائم القتل المتكررة، حيث تفرض المليشيات مثل هذه الضرائب ليس فقط على السكان , ولكن أيضاً على الأشخاص الذين يدخلون ويغادرون المنطقة باتجاه الأراضي التي تسيطر عليها قوات سوريا الديمقراطية في الرقة.
على سبيل المثال يتوجب على السيارات الخاصة وسيارات الركاب, دفع إتاوات للميليشيات تتراوح ما بين 1000 إلى 50000 ليرة سورية، كما يتعين على السائقين دفع مبالغ أكبر عندما تكون السيارات محملة بالسلع أو الخضار.
وصف الحمدان أوضاع السكان في مناطق سيطرة المليشيات الإيرانية بـ “البائسة”، مضيفاً أن البنية التحتية مدمرة تماماً والخدمات معدومة، ناهيك عن الاعتقالات المتكررة والانتهاكات والجرائم ضد المدنيين.
أما بالنسبة لزيارات مسؤولي النظام إلى المنطقة، فقد نفى الحمدان هذه الزيارات ووصفها بأنها “استعراض مراوغ للقوة” لأن السلطة الفعلية والأقوى هي الميليشيات الإيرانية.
دعوات لقوات سوريا الديمقراطية لحكم المنطقة
قال شيخ إحدى العشائر في ريف الرقة الجنوبي الذي تديره قوات سوريا الديمقراطية، طلب عدم الكشف عن هويته، قال إن العشائر العربية في ريف الرقة الذي يسيطر عليه النظام طالبوا بـ “تحرير” المنطقة وضمها إلى مناطق الإدارة الذاتية الكردية، وإنهاء سيطرة النظام والميليشيات الإيرانية هناك.
وأكد الشيخ أن نظراءه في مناطق النظام بعثوا برسائل عدّة عبر وسطاء إلى قوات سوريا الديمقراطية والتحالف بقيادة الولايات المتحدة، وأوضحت تلك الرسائل الوضع في ريف الرقة الخاضع لسيطرة النظام، مستشهدة بانتهاكات متكررة.
قال الشيخ إن التحالف لم يرد بعد، مضيفاً أن التحالف وقوات سوريا الديمقراطية مسؤولان عن إنقاذ المدنيين من الانتهاكات اليومية.
القضاء على الميليشيات الإيرانية بغض النظر عن الوسائل
أكد عدد من أهالي مدينة معدان، الذين فروا من منازلهم بعد أن استعاد النظام السوري المنطقة، أن أقاربهم الذين ما زالوا في معدان ومناطق أخرى يأملون بأن ينتهي نفوذ النظام بأي شكل من الأشكال, بسبب الانتهاكات الطائفية التي يتعرضون لها، وسبق أن توجّهت قبائل عربية إلى وسائل الإعلام ودعت قوات سوريا الديمقراطية إلى ضم مناطق سيطرة النظام في ريف الرقة.
في 4 أيلول / سبتمبر 2020 ، تحدث أحد أعيان عشيرة العلي، رمضان الرحال ، لإحدى وسائل الإعلام، وقال إنه تلقى مناشدات من أهالي ريف الرقة الجنوبي الشرقي، تطالب بسحب السلطة من يد النظام ومنحها لقوات سوريا الديمقراطية والتحالف الذي تقوده الولايات المتحدة بعد أن تعرضوا لـ “صدمة” من قبل المليشيات الإيرانية، وأرجع الرحال هذه المناشدات إلى الانتهاكات العديدة بحق المدنيين التي ترتكبها الميليشيات الإيرانية التي تعمل كقوة مطلقة في مناطق سيطرة النظام في ريف الرقة ودير الزور.
بالإضافة إلى أعمال القتل والانتهاكات تشهد القرى والمدن في ريف الرقة الخاضع لسيطرة النظام , حملات اعتقال متواصلة بذريعة البحث عن عناصر محتملة لتنظيم داعش، لا سيما في ظل تصاعد أنشطة داعش خلال الأشهر الماضية، حيث استهدف مقاتلو داعش قوات النظام والميليشيات المتحالفة معهم أو الأشخاص الذين يتهربون من الخدمة العسكرية الإلزامية.
وتسيطر قوات النظام السوري والمليشيات الإيرانية على عدة مناطق بريف الرقة، مثل بلدة الرصافة جنوب مدينة المنصورة، على بعد 30 كم غرب الرقة، وكذلك مدن معدان والسبخة وقراها في الريف الجنوبي الشرقي،