إثر إغلاق نشاط المقاهي في رمضان، “الكلاسيكو” يستضيف الطلاب للدراسة
قامت لجنة المكتبات التابعة لمبادرة فاعل خير بأكادير المغربية بإنشاء مكتبة عمومية بمقهى “الكلاسيكو” المتواجد بحي الموظفين عمالة انزكان آيت ملول، لفائدة الطلبة والأساتذة والباحثين وعامة الناس المهتمين بالقراءة والمطالعة.
تضم المكتبة حاليًا 50 كتابًا في مجالات مختلفة منها العلمية والأدبية، إلى جانب مراجع ومعاجم لغوية. وستقدم المكتبة خدماتها طيلة شهر رمضان وإلى حين استئناف المقهى لنشاطه السابق الذي توقف بعد قرار الحكومة المغربية القاضي بإغلاق جميع مقاهي المملكة طيلة شهر رمضان الحالي وعدم فتحها بعد الإفطار كما كان عليه الوضع سابقًا.
يأتي هذا القرار في إطار الإجراءات الاحترازية التي يفرضها فيروس كورونا المستجد، وبالقدر الذي أثار قرار الإغلاق غضب أرباب المقاهي، شكل فرصة لأرباب مقاهٍ أخرى لتغيير نشاطها أو تقديم خدمات خلال النهار وطيلة شهر رمضان.
من هؤلاء الذي قرروا ابتكار خدمات جديدة، هشام البوصيري صاحب مقهى “الكلاسيكو” الذي استغل توقف نشاط المقهى الخاص به ليفتح أبوابه أمام أبناء المنطقة من طلاب الجامعة والمدارس والأساتذة والطلاب الباحثين، يوميًا طيلة شهر رمضان من الساعة الثانية بعد الظهر ولغاية السادسة مساء، وبالمجان.
هدف هشام البوصيري من المبادرة المجانية هو توفير مكان ملائم للقاءات طلاب الجامعة والمدارس المقبلين على الإمتحانات أو الطلاب الذين يحضرون بحوثهم الجامعية.
لكن سرعان ما انتشر صدى المبادرة ما دفع لجنة مكتبات فاعل خير إلى عقد اجتماع مع صاحب مقهى الكلاسيكو لتدارس فكرة إنشاء مكتبة عمومية طيلة شهر رمضان بالمقهى، لتمكين الطلاب والباحثين والأساتذة من الحصول على المراجع والكتب التي سيحتاجونها، وفتح المجال أمام المهتمين بالمطالعة للاطلاع على كتب جديدة.
في هذا الصدد، قال عمر بنبوهو رئيس جمعية مبادرة فاعل خير أكادير، إن الفكرة لاقت ترحيبًا كبيرًا لدى صاحب المقهى، وخصص للجنة مكتبات فاعل خير يومًا كاملاً لتجهيزها وافتتاحها، مشيرًآ إلى أنه بالرغم من تخصصهم في إنشاء مكتبات عمومية في مناطق وأماكن مختلفة، فإن المكتبة هذه هي الأولى من نوعها التي يتم إطلاقها بمقهى عام.
وأوضح بنبوهو لمراسلة “تطبيق خبّر” الميدانية في المغرب هدى لبهالة أن المبادرة كانت تحت شعار “بادر للمطالعة” ولقيت استحسانًا كبيرًا وهو ما يبرزه ارتفاع عدد المتوافدين على المقهى بعد إطلاق خدمات المكتبة العمومية.
ولفت إلى أنهم صنعوا عند أحد حرفيي النجارة مكتبة بقياسات تناسب صالة المقهى، ثم جمعت لجنة المكتبات المكونة من ثمانية أعضاء الكتب من باقي أعضاء الجمعية وما تيسر وجوده من حملات سابقة، وتنوعت الكتب المتوفرة حاليًا، بين كتب التنمية الذاتية والفلسفة والدين، ومراجع علمية وروايات عربية، ومعاجم لغوية، وهي الأنواع الأكثر إقبالا من طرف الطلاب والباحثين وعشاق القراءة.
أحد الطلاب الذي زار المقهى للاستفادة من المكتبة العمومية، أوضح لمراسلة “تطبيق خبّر” أن المبادرة التي قام بها المقهى شكلت له ولزملائه فرصة للاجتماع لساعات خلال شهر رمضان للمناقشة والبحث العلمي والتحضير الجيد للامتحانات المقبلة.
وفي هذا السياق، عبّر رئيس جمعية مبادرة فاعل خير أكادير عن شعوره بالرضى والافتخار إزاء المبادرة التي أشرفت عليها لجنة المكتبات، موضحًا أن هدفهم الأساسي هو التواجد في الصفوف الأمامية حين يتعلق الأمر بتنمية المجتمع المحلي ومساعدة الشباب على بلوغ أهدافهم، خاصة في الشق العلمي والثقافي.
وأضاف بنبوهو أنه “في عصر الهاتف وألعاب الفيديو، أصبحت المكتبات مهجورة إلا من رفوفها التي نسعى بمواكبتنا المستمرة إلى نفض الغبار عنها وإضاءة عتمتها حتى لو بمبادرات بسيطة “.
بعد رمضان، ستنتقل المكتبة لموقع آخر يناسب إقبال الطلاب عليها
وقال، “نحاول قدر الإمكان أن نقرب الكتب من الشباب ونخلق لديهم عادات جديدة، خاصة خلال فترة الجائحة التي لا يجب أن تطغى سلبياتها على بعض الإيجابيات، كامتلاك وقت فراغ أكبر من السابق، وأصبح معظم الأشخاص يقضون وقتهم بالبيت، وصار من الضروري جعل الكتب عنصرًا حاضرًا في هذه الفترة في حياة الأفراد لرفع مستواهم الثقافي”.
وبيّن عمر بنبوهو أن المكتبة الحالية بمقهى الكلاسيكو ستقدم خدماتها خلال شهر رمضان فقط وفق الاتفاق المبرم مع صاحب المقهى، على أن يتم نقلها بعد ذلك إلى إحد المراكز الثقافية أو الأماكن التي ستفيد الطلاب والباحثين ويكون موقعها ملائمًا للجميع.
ولم ينس أن يقدم شكره لكل من ساهم في إنجاح إقامة المكتبة، لافتًا الانتباه إلى أن بعض الطلاب بمقهى الكلاسيكو قدموا مساهمات مالية لفائدة صندوق التبرعات المتعلق بإنشاء قاعة للقراءة والمطالعة بجماعة أمي مقرون، التي ستشرف عليها مبادرة فاعل خير خلال الأسابيع المقبلة.
واختتم حديثه بالقول إن هذه التبرعات نوع من المشاركة في إنجاح مشروع مكتبات فاعل خير ومساعيها في نشر ثقافة القراءة، خصوصًا داخل صفوف الشباب.