متحف الموصل مازال مغلقا
الفرحة وإن حلت متأخرة الا انها تفي بالغرض لاسيما إن كان الامر متعلقا بحضارة بلد وتاريخ امة، وهذا ما حدث في الموصل عندما عمت الفرحة بين الأوساط الثقافية والشعبية فور الاعلان عن البدء بإعمار وتأهيل متحف الموصل الحضاري.
متحف الموصل الحضاري يعد من أهم وأبرز متاحف بلاد الرافدين التاريخية، وقد بدأت فكرة تشييده عام 1940 على قطعة أرض تقع في مركز مدينة الموصل من الجهة الغربية لنهر دجلة، والتي أقيمت عليها قاعة البهو الملكي آنذاك، لتقرر الحكومة العراقية عام 1950 تحويل هذه القاعة الى متحف.
مصدر في وزارة الثقافة والسياحة والاثار يقول (لأخبار الآن)، أن: “المتحف ما يزال في 2021 مغلقا أمام الزوار ويحتاج الى الوقت الكافي لغرض اجراء عمليات التعافي والإنقاذ والتأهيل التي من شأنها إعادة الحياة اليه بشكل تام”.
وفي 27 اذار/ مارس 1952 افتتح الملك فيصل الثاني متحف الموصل الحضاري بشكل كامل وضم قطع اثارية وتاريخية مميزة تعود الى الحضارة الاشورية، قد عثر عليها خلال عمليات التنقيب والبحث التي كانت تجري من قبل المختصين في محافظة نينوى.
“لا توجد اثار في متحف الموصل الآن، فبعد أعمال التدمير والتخريب التي تعرض لها المتحف على ايدي مغول العصر “داعش” وسرقة القطع الاثارية النادرة لم يبق سوى بعض القطع الاثارية المدمرة”
هذا ما يقوله مصدر في المتحف، ويضيف : “وزارة الثقافة والسياحة والاثار/ الهيئة العامة للأثار والتراث ومنذ تحرير الموصل عملتا على اصلاح الخراب الذي حل بالمتحف، واليوم تم التعاقد مع مؤسسة أليف بسويسرا. وبالشراكة مع مؤسسة سميثسونيان الأمريكية ومتحف اللوفر وصندوق الاثار العالمي على مشروع إعادة تأهيل وترميم المتحف من اجل ارجاع هذا الصرح الحضاري الى القمة”.
في عام 1970 ونتيجة الزيادة بالقطع الاثارية المنقب عنها تم توسعة متحف الموصل الحضاري بأشراف مباشر من قبل المهندس العراقي محمد مكية وبتمويل من مؤسسة كولينكيان، ليفتتح بحلة جديدة بتموز/ يوليو 1974، وبشكل معماري يوافق الطراز المحلي المستند الى الفترات التاريخية القديمة لحضارة بلاد وادي الرافدين.
الباحث المختص بعلم الاثار الاشورية والدراسات المسمارية يحيى الوقاص يقول، ان” اعمار المتحف الحضاري خطوة جيدة الا انها متأخرة بشكل كبيرة وتكشف عدم جديدة الجهات الحكومية سواء بنينوى او بغداد في الحفاظ على الأرت التاريخي الخاص بنينوى وشعبها
مسؤولون عراقيون يتحدثون لأخبار الآن حول وضع الآثار العراقية
والموصل هي مدينة غنية بالمواقع الاثارية التاريخية، فالمدينة القديمة هي عاصمة الاشوريين في السابق، وان للموصل قدسية للمسلمين والمسيحيين وحتى اليهود.
يتابع الوقاص في حديث الى (لأخبار الآن)، ان” اعمار المتحف لوحده لا يكفي فلا يمكن الكذب على أنفسنا أولا وعلى العالم ثانيا والادعاء بحضارة من خلال اعمار جدران المتحف، اذ لا بد من الحكومة أن تعمل على إعادة القطع الاثارية الهامة التي هربها تنظيم “داعش” الى خارج العراق ابان سيطرته على المدينة، كذلك لابد من دعم وزيادة اعمال التنقيب للكشف عن القطع الحضارية والتاريخية في نينوى ووضعها في المتحف، فضلا عن اصالح الاثار التي لحق بها الضرر بسبب الأوضاع المأساوية التي شهدتها المحافظة سنة 2014″.
وكان المتحف الحضاري يتكون من أربع قاعات أحدها للأثار القديمة واخرى للأثار الاشورية وثالثة للأثار الحضرية والاخيرة للأثار الإسلامية.
المهندسة منى البكري المشاركة في لجنة اعمار متحف الموصل الحضاري تقول إن “خطة إعادة إعمار المتحف تشمل تركيب شبكة صرف صحي جديدة، إصلاح الجدران، والأرضيات والسقف، واستكمال العمل على بناء مختبر ترميم لمعالجة الاثار والمنحوتات التالفة”.
وتضيف لـ (أخبار الآن)، ان” عمليات الإغلاق الوبائي تسببت في تباطؤ العمل خلال العام الماضي، ولكن في نوفمبر، نظم المتحف معرضًا مؤقتا لأعمال فنان محلي في قاعة الاستقبال الملكية التي تم ترميمها جزئيا”، لافتة إلى أن” السقف الزمني لأنهاء العمل بالمتحف قد تصل الى مطلع العام القادم 2022″.
” يبقى جاهلا إلى الأبد من لا يعرف التاريخ”، بهذه الجملة بدأ الناشط بندر العكيدي حديثه عن أهمية إعادة المتحف الموصل الحضاري قائلا، ان” المتحف مؤسسة علمية مؤتمنة على ثروات ثقافية- حضارية- تاريخية نادرة الوجود ولا تخص جيل معين بل هي ملك الأجيال جميعا وسمعة بلد وشاهد حي على امتداد تاريخي، كذلك يقدم رسالة وطنية صادقة لما يضمه من روائع الاعمال”.
ويضيف، ان” حرص دول العالم على حماية متاحفها الحضارية لم ينجم من فارغ بل جاء للتفاخر والتباهي وعلى الجميع ان يحذوا حذوا تلك البلدان في إعطاء الجانب الثقافي بمدينة الموصل الأولوية لان من خلال العلم والمعرفة تزدهر الشعوب لا من خلال تبليط الشوارع واكساء الأرصفة بمواد بناء فاسدة”.
جرائم داعش في تدمير المواقع الأثرية
وكان تنظيم داعش هاجم عدة مدن ومواقع تراثية في العراق وسوريا المجاورة، مثل الآثار الرومانية في مدينة تدمر السورية، وتفجير مئذنة المسجد النوري في الموصل، والتي ظلت صامدة لأكثر من 800 سنة.
وعقب سيطرتهم على المدينة، توجه مقاتلو تنظيم داعش” إلى متحف الموصل، الذي يعد ثاني أكبر متحف في العراق وموطن القطع الأثرية التي تعود إلى الإمبراطورية الآشورية.
وفي فبراير 2015، أصدر التنظيم مقطع فيديو، يظهر أعضائه وهم يستخدمون مطارق ومثاقب لتدمير القطع الأثرية غير الإسلامية، التي وصفوها بأنها أصنام.