الدورة ضمن مشروع ديموقراطية ومواطنة
نظم مركز باحثون للدراسات والأبحاث في العلوم الاجتماعية يوم السبت 03 تموز / يوليو الجاري (2021)، دورة تدريبية حول صحافة البيانات بمدينة أكادير في المغرب.
جاءت الدورة التدريبية ضمن مشروع ديمقراطية ومواطنة الذي يدخل في إطار برنامج ”البحر الأبيض المتوسط، من ضفة إلى أخرى’’ الذي ترعاه مؤسسة فرنسا ومنظمة الهجرة والتنمية. وعرفت مشاركة 20 شابًا وشابة من داخل مدينة أكادير، من الشباب الصحافيين والفاعليين المدنيين المهتمين بصحافة المواطن.
يهدف مشروع ديمقراطية ومواطنة إلى تكوين قيادات شبابية إعلامية بمدينة أكادير وجهة سوس ماسة، وهو برنامج يشمل فضلًآ عن التدريب حول صحافة البيانات، تدريب حول إعداد وصياغة أوراق السياسات، وآليات الترافع والريادة المجتمعية.
مراسل “تطبيق خبّر” الميداني في المغرب يوسف أسكور، التقى حسن أشرواو رئيس مركز باحثون للدراسات والأبحاث في العلوم الاجتماعية، الذي صرح أن التدريب يهدف إلى تمكين المشاركين والمشاركات من آليات الوصول للبيانات والمعلومات المفتوحة والمتاحة، وكيفية الاستفادة منها.
أضاف أشرواو أن التدريب جرى عبر مجموعات عمل لأجل أن يكون المشاركون قادرون على سرد قصص خبرية بناءً على أدلة موثقة، وتكون لديهم القدرة على إدارة حملات المشاركة المدنية بشكل دقيق، كما أن التدريب يتيح أمامهم فرصة الالتقاء بالعاملين في الإعلام والمجتمع المدني.
صحافة البيانات من التوجهات الحديثة في الإعلام
وأوضح أن صحافة البيانات تعتبر إحدى التوجهات الحديثة في الممارسات الصحفية بعدما تراجعت معدلات القراءة لدى القراء والمتلقين.
كما ساهمت أزمة الصحافة الورقية في تطور صحافة البيانات، خاصة بعد عزوف عدد كبير من القراء عن مطالعة الصحف مثل قبل، فضلًآ عن وفرة المعلومات التي مكنت الصحفيين من معالجة هذا الكم الهائل من المعلومات التي يحصلون عليها.
وبخصوص طبيعة إعداد قصة صحافة البيانات، أوضح الصحافي الحسين بنيعيش الذي أشرف على تأطير الدورة التدريبية، أن صياغة الفرضية أو الأسئلة حول البيانات تعتبر مرحلة أساسية قبل الانغماس والشروع في القراءة والتحليل.
تأتي بعدها مرحلة جمع البيانات التي تجيب عليها، والتحقق منها، وتنقيحها، وتحليلها، والانتهاء إلى نتائج يقوم صحافي البيانات بتبسيطها بشكل يكون سهل الاستيعاب لدى القراء.
عرفت الدورة التدريبية شقًا تطبيقيًا، إذ تم توزيع المشاركين إلى مجموعات عمل، أوكل إلى كل مجموعة العمل على كتابة النموذج التصميمي الأول لقصة صحفية ومراجعتها بشكل جماعي، مع إجراء محاكاة مقابلات مع مصادر بشرية لأجل تطوير قصة البيانات، ثم تصميم العرض البصري للبيانات، وكتابة القصة، والتحقق الأخير منها، ثم نشرها، وأخيرًا قياس الأثر كالنقاش المجتمعي الذي أفرزته.
كذلك بيّن المدرب بنيعيش أن القصة الصحفية في صحافة البيانات تتضمن البحث عن أربعة عناصر هي: الظاهرة، وأسبابها، وأثرها، وحلولها.
وقفت الدورة التدريبية عند المهارات التي يجب أن يتحلى بها صحافي البيانات، فتم الحث على أهمية المهارات الصحفية، والمعارف الإحصائية والرياضية كالتغير والنسبة وغيرها، وبرامج الحاسوب، وكذلك مهارات الإعلام الرقمي، والسرد البصري ليكون قادرًا على شرح مضمون القصة بشكل مبسط.
وأوضح بنيعيش أن هناك عددًا من المفاهيم الخطأ حول صحافة البيانات، ومنها أنها هي رسومات الأنفوجراف، موضحًا أنه الجزء البصري الظاهر للمتلقي فقط، بينما صحافة البيانات تتضمن تحليل المعطيات، وليس فقط عرضها.
البيانات ليست بالضرورة أرقامًا
وأشار إلى أن صحافة البيانات ليست جامدة وإنما بحاجة إلى التواصل مع المصادر البشرية أيضًا، لافتًا النظر إلى أنه ليس من الضروري تقديم كل البيانات التي يحصل عليها الصحافي للقارئ، وإنما يجب على الصحافي أن يرشدها ويقتصر على المهم لقصته فقط.
وأكد بنيعيش أن البيانات ليست بالضرورة أرقامًا وإنما قد تكون بيانات كيفية، موضحًا أن القصة هي البطل وليس الإبهار البصري. كما أضاف أن البيانات لها مصادر متعددة ولا تقتصر على المؤسسات الحكومية، وإنما تمتد على البيانات المرتبطة بأرشيف الأخبار، ومواقع التواصل الاجتماعي، واستطلاعات الرأي، مبيّنًا أن البيانات هي المدخلات الخام، بينما المعلومات هي البيانات بعد أن تتم معالجتها.
تحدث أيضًا عما يسمى هرم الحكمة، الذي يقوم على البيانات في قاعدته، تعلوها المعلومات، ثم المعرفة، وأخيرًا على القمة الحكمة، لافتًا إلى أن هناك جهات لا ترحب بإتاحة البيانات حتى لا يصل الناس إلى مرحلة الحكمة، مطالبًا الصحفيين بإتاحة مصادر بياناتهم للجمهور في نهاية القصص التي يقومون بإعدادها.
يذكر أن انتشار صحافة البيانات في العالم يأتي في سياق سعي المؤسسات الإعلامية لمواكبة التطورات التكنولوجية، واستقطاب أكبر عدد من القراء، من خلال ابتكار طريقة جديدة لسرد المعلومات، وذلك من أجـل ضمان استمراريتها رغم تحديّات السوق.