أطول نهر بالمغرب يعاني التلوث والجفاف
- نهر أم الربيع يعدّ أكبر نهر في المغرب
- يصل طوله إلى ما يقارب 600 كيلو متر تقريبًا
- يبعد مسافة لا تقلّ عن 25 كيلو مترًا عن مدينة مريرت
تتضح المظاهر الأولى لتغير المناخ في المغرب في اضطراب معدل التساقطات وارتفاع معدل درجات الحرارة، الشيء الذي يؤثر بشكل سلبي على الموارد الطبيعية، والنظم البيئية المختلفة وعلى الإنتاج الزراعي والثروات البحرية.
أفضى توالي سنوات الجفاف وارتفاع مستويات الحرارة، وما كان للتغيرات المناخية من تبعات إلى حصول تداعيات بيئية، من أهمها الجفاف وما آلت إليه مجموعة من الأنهار والوديان بالمغرب من وضعيات جد مقلقة، على غرار ما يحدث لنهر أم الربيع الذي يعدّ أكبر نهر في المغرب؛ إذ يصل طوله إلى ما يقارب 600 كيلو متر تقريبًا.
نهر أم الربيع الذي ينبع تحديدًا في جبال الأطلس بمنطقة الأطلس المتوس،؛ يبعد مسافة لا تقلّ عن 25 كيلو مترًا عن مدينة مريرت، التي تبعد بدورها مسافةً قليلةً لا تتجاوز 30 كيلو مترًا عن مدينة خنيفرة.
وهو يجري من المنبع بمجرى سريع وعميق؛ ويصل تدفقه إلى ما نسبته 142 مترًا مكعبًا في الثانية الواحدة، ويستمرّ بجريانه باتجاه الجنوب الغربي حتى يصل إلى مدينة خنيفرة، وعلى بعد مُعيّن يستمر النهر بالجريان مع تغيير مساره بالاتجاه الشمالي الغربي، حيث ترفده في جريانه بعض الأنهار قبل تغيير مساره، من أهمها الوادي الأخضر، ونهر عبيد، ويصبّ النهر في أزمور قرب خنيفرة.
أضحى مصب النهر بمدينة أزمور يعرف خطرًا بيئيًا داهمًا جراء ما لحقه من تلوث. وقد عرف نهر أم الربيع خلال السنوات الاخيرة شحًا كبيرًا في مياهه بفعل توالي سنوات الجفاف وانخفاض صبيب المياه الذي هدد بشكل مباشر التنوع الإحيائي بالنهر، وذلك راجع أساسًا لإنجاز عدة سدود على طوله.
وجاء تشييد السدود على طول النهر كجواب استباقي لأزمة العطش التي تهدد العالم جراء تبعات التغيرات المناخية، إذ تم الرهان على الحفاظ على المياه بحقينة السدود لتحقيق الأمن المائي وضمان تزويد عدد من المدن بالماء الصالح للشرب وتجنب أزمة العطش.
ركود المياه ساهم في التلوث
لكن في المقابل، تراكم الحصى أسفل مصب نهر أم الربيع ساهم في انسداد هذا المصب، ما أعاق وصول مياه النهر إلى مصبها الاعتيادي؛ وهو البحر، ما تسبب في مياه راكدة وملوثة جراء وجود مصب للمياه العادمة في النهر.
وكانت دراسة أنجزت سنة 2012 من طرف الاتحاد الأوروبي، قد سبق ونبهت من أن 66 مليون متر مكعب من المياه الرمادية والسوداء من أصل سكاني، وصناعي وفلاحي، ترمى في السنة بالنهر، الشيء الذي أفضى إلى كارثة بيئية فيه، حيث نفقت في الأيام الأخيرة ألاف الأسماك، في استمرار غياب محطة لمعالجة المياه العادمة.
امتدت آثار الكارثة البيئية إلى المجال الاقتصادي، إذ عبّر أرباب قوارب الصيد والنُزهة عن امتعاضهم الكبير بعد الكارثة التي حلت بالنهر، ونفوق الألاف من أسماكه جراء ارتفاع نسبة التلوث الناجم عن انسداد المصب ورمي مياه الصرف الصحي به دون معالجة، والروائح الكريهة التي أضحت تنبعث من مياهه بعد أن كان وجهة سياحية يقصدها العديد من السياح من داخل المغرب وخارجه.
مطالبات بإعادة فتح المصب لتتجدد مياه النهر
عبد العظيم أبو السماح، وهو صاحب قارب للنُزهة بالنهر، صرح لمراسل “تطبيق خبّر” الميداني في المغرب يوسف أسكور أن مجال عمله يوفر مصدر دخل أزيد من 500 فرد من مدينة أزمور وضواحيها، وأن ما يشهده النهر من تلوث يهدد بشكل مباشر صحة العاملين في مجال قوارب الصيد والنُزهة كما ساكنة مدينة أزمور، زد على ذلك توقف نشاط الصيد بالنظر إلى تراجع الثروة السمكية بشكل كبير جدًا.
إثر ما يحدث، قام عبد العظيم أبو السماح وبقية زملائه بتنظيم مسيرة رمزية انطلقت من جانب القنطرة نحو المصب مطالبة بإعادة فتحه حتى تتمكن مراكب الصيد من ولوج المحيط، وحتى تتجدد مياه النهر وتعود لها الحياة بعودة الأسماك القادمة من البحر.
من جهته، وخلال تصريح لمراسل “تطبيق خبّر”، أرجع عبد الكبير المكاوي، وهو صاحب مركب للصيد التقليدي، إشكالية تلوث نهر أم الربيع إلى مقالع الرمال التي تعمل على ضفاف النهر، والتي استمرت لمدة عشر سنوات بحيث تسببت في تشويه المجال البيئي وتغيير خطير في التيارات المائية ، فضلًا عن وتكدس كبير للحصى بالمصب ما جعل الحوض المائي عبارة عن بركة نتنة من المياه الملوثة.
على إثر هذا التهديد الإيكولوجي الذي يهدد التنوع الإحيائي كما النشاط الاقتصادي وصحة السكان وكذكك العاملين بالنهر، تشكلت تنسيقية للقوى المدافعة عن مصب نهر أم الربيع، والتي اختارت العمل على دق ناقوس الخطر لأجل التدخل لحل ومعالجة هذا المشكل البيئي الخطير.
يذكر أن نهر أم الربيع يحتوي على مجموعةٍ كبيرة من العيون العذبة منها والمالحة؛ يصل عددها إلى ما يقارب سبعًا وأربعين عينًا، وتقسم إلى أربعين عينًا عذبةً، وسبع عيون مالحة.
وعلى غرار سياسة السدود التي أطلقها الحسن الثاني، تمّت إقامة ما يقارب أحد عشر سدًا على جانبي النهر، كما أنّه ليس من الممكن إقامة ميناء على شاطئه؛ وذلك لأنّه منخفض ورملي من أحد جانبيه، وصخري من الجانب الآخر.