الجزيرة تتأثر بالفيضان كل عام
وسط ارتفاع مناسيب المياه في نهر النيل الأبيض، لا يقف أهالي جزيرة توتي الواقعة عند ملتقي النيليين الأزرق والأبيض مكتوفي الأيدي. فسكان الجزيرة التي تضررت من فيضان العام الماضي (2020)، بدأوا بالاستعداد مبكرًا لصد فيضان متوقع هذا العام عبر إقامة سد ترابي وحواجز رملية ووضع أنقاض على امتداد جزيرة توتي تحسبًا لأي طاريء قد يحدث من زيادة منسوب النيل.
حول هذا الموضوع، تحدث مراسل “تطبيق خبّر” الميداني في السودان وليد محمد مختار إلى المهندس عبد الرحيم حمد، الأمين العام للجنة الفيضانات 2020 – 2021 بجزيرة توتي الذي بيّن أن الجزيرة تتأثر بالفيضانات في كل عام.
وقال المهندس عبد الرحيم، “في هذا الصدد قمنا بتكوين لجنة للفيضانات تعمل بتناغم كامل بين أعضاءها، وأنجزت الكثير من الأعمال، فقد قمنا بجمع الجوالات الفارغة وملئها بالتراب والرمال لسد الثغرات في التروس الترابية من الجهة الشرقية والغربية، كما جمعنا الأنقاض والرمال وإستخدمناها كترس للتصدي لفيضان هذا العام”.
وأضاف م. عبد الرحيم أن الترس يحيط بجزيرة توتي حوالى 7 كيلو مترًا، وهو جاهزًا تمامًا لمواجهة الفيضان، مبيّنا أن جهودًا كثيرة وكبيرة تضافرت من قبل جهات عديدية، من بينها جهود لحكومة ولاية الخرطوم التي قامت هذا العام بإمدادنا بكمية من القلابات والآليات والمهندسين لمساعدتنا، ونحن في جزيرة توتي مستعدون تمامًا لصد أي فيضان بإذن الله”.
كما أوضح أن مجموعة من الشباب تعمل على مراقبة نهر النيل لسد أي ثغرة في التروس، لافتًا إلى أن تجربتهم مع الفيضانات كبيرة ولديهم خبرة في مواجهة هكذا أحداث، ما يجعلهم أكثر ارتياحًا من أي وقت مضى.
يذكر أن مواطني جزيرة توتي وعلى مر التاريخ يستمرون في القيام بصد الفيضانات بالطرق البدائية التي خلدها الفن السوداني في أغنياته وأشعاره، إذ توارثوها عن آبائهم وأجدادهم قبل 100 سنة، يجمعون الرمال والجوالات الفارغة ويستخدمون أجسادهم لصد الفيضان .
سدود بالطرق القديمة أمام الفيضان
في نفس السياق، قال خوجلي كمال الدين، وهو أحد سكان جزيرة توتي، إن “الجزيرة تعرف الفيضانات منذ قديم الزمان، ونادرًا ما تنجو منه، وتعمل على مواجهته وصده بالطرق الأهلية المتوارثة من الآباء والأجداد”.
وأوضح خوجلي لمراسل “تطبيق خبّر” أنهم “منذ العام الماضي أصبحت الفيضانات تأتينا بطريقة مخيفة ، لكن هذا العام قمنا بالاستعدادات مبكرًا لصد الفيضان، ويعمل أهالي الجزيرة بعضهم مع بعض لكي لا يحدث ضرر كما سبق.
وعقب إشارته لقيامهم بعمل تروس ترابية على امتداد الجزيرة بالتنسيق المشترك مع اللجنة المختصة، ختم حديثه مطالبًا الحكومة بعمل معالجة دائمة للتقليل من الفيضانات ومخاطرها.
تعتبر جزيرة توتي منطقة سياحية جذابة، إذ تسمى درة النيل، وتكسوها خضرة تسر الناظرين، كما تشتهر بزراعة الفواكه كالمانجو والليمون والبرتقال وغيرها.
في ذات السياق أيضًا، بيّن مؤيد أمين، وهو أحد شباب جزيرة توتي، لمراسل “تطبيق خبّر” قيامهم بالاستعداد لمواجعة الفيضانات بشكل مبكر، خوفًا من تكرار ما حصل العام الماضي وتكرار الأضرار التي خلفها الفيضان حينها.
وطالب مؤيد سكان الجزيرة بالتعاضد والوقوف يدًا بيد، وإمدادنا بالجوالات الفارغة وتسليمها للجنة المختصة بجمع الجوالات لاستخدامها كترس ترابي لصد الفيضان.
كما طالب جميع المواطنين على ضفاف النيل بالحذر والتجهيز المبكر، قائلًا، “نحن في جزيرة توتي مستعدون لمواجهة الفيضانات، وقد قمنا بعدد من المقترحات من بينها الحائط الواقي من الناحية الشرقية، ونطالب الحكومة بمساعدتنا لإنجازه”.
من جانبه، وفي تصريح صحفي، حذر اللواء شرطة عثمان العطا، مدير دائرة الدفاع المدني بولاية الخرطوم، المواطنيين من الاقتراب من نهر النيل والسباحة فيه، وذلك لوصوله لمرحلة الفيضان بسبب ارتفاع مناسيب النيل الأزرق، وخطورة ذلك الأمر عليهم، خصوصًا بعد ظهور بعض التماسيح المتوحشة والثعابين القاتلة، مايعرض حياتهم للخطر والموت.
كما حذر المكتب الصحفي للشرطة من تحرك المواعين النهرية والقوارب على مياه النيل، مشيرًا إلى أن كل من يخالف هذه التعليمات ستتخذ في حقه إجراءات قانونية صارمة.
الجدير بالذكر أن برنامج الأمم المتحدة للحد من مخاطر الكوارث اختار في عام 2015 جزيرة توتي ضمن أفضل 8 مناطق على مستوى العالم في استخدام المهارات التقليدية والثقافة المحلية للحد من مخاطر الفيضانات.
مع ارتفاع مناسيب نهر النيل عادت المخاوف من جديد لسكان المناطق الواقعة على ضفاف النيلين، وهو واقع يتطلب من الجهات المعنية أخذ التحوطات اللازمة ومعالجتها في أقرب وقت.