منصات التواصل الاجتماعي وسيلة تواصل المتضامنين
حوّل كثير من أصحاب الفنادق في مدينة تيزي وزو بالجزائر منشآتهم إلى ملاجئ للمنكوبين الذين فقدوا بيوتهم جراء حرائق الغابات في مختلف القرى والبلديات، فيما تحوّل شارع كريم بلقاسم وسط المدينة إلى مقر لاستقبال المساعدات الإنسانية من مختلف الولايات الجزائرية على مدى 24 ساعة منذ بداية اشتعال الحرائق قبل أربعة أيام.
محمد بركون، وهو مالك فندق الشمال الشرقي بشارع كريم بلقاسم، أعلن عبر الصفحة الرسمية للفندق في موقع فيسبوك، أنه سيخصص فندقه بالكامل لمن فقدوا بيوتهم ومزارعهم في الجبال. فحوّل غرف الفندق إلى سكنات عائلية مجانية، استقبل فيها أكثر من 80 عائلة، وخصص الطابق الأرضي للشيوخ وكبار السن، ممن لا يمكنهم الصعود إلى الأدوار العليا.
وقد زار مراسل “تطبيق خبّر” الميداني في الجزائر عبد المؤمن لعرابي المنطقة والتقى بصاحب الفندق الذي عبر رفقة زوجته عن سعادته بتقديم هذه الخدمة لكل من يحتاج المساعدة.
في الجزائر.. فنادق تتحول لملاجئ مجانية وتضامن وطني مع المنكوبين جراء الحرائق بمنطقة القبائل
وأوضح أنه خصص 70 غرفة كاملة وهي غرف الفندق، للعائلات التي وصل تعدادها لأكثر من 160 عائلة مقيمة منذ أيام، لافتًا إلى أنهم سيقيمون لديه مجانًا حتى تنتهي هذه الأزمة. كما أشار إلى أن الأولوية في استقبال المنكوبين جراء الحرائق كانت لكبار السن والعائلات والنساء، بعد الطلبات الكبيرة التي وصلت إليه بعد نشر المنشور.
هبة تضامنية وطنية ومساعدات من كل ولايات الجزائر لمنكوبي الحرائق
وعقب إسكان هذه العائلات في الفندق، تدفقت المساعدات الإنسانية من قبل المتطوعين، والمجتمع المدني في منطقة القبائل. وقال محمد إن كل المواد الغذائية والفرش، وحتى الأطباء بما فيهم الأطباء النفسيين يصلون تباعًا كل يوم للوقوف على حالة العائلات المقيمة والاطفال، والعمل تطوعًا على مساعدة المقيمين.
يقدم هذا الفندق خدماته مجانًا للعائلات المتضررة من الحرائق رفقة فندقين آخرين هما فندق افزيم، وفندق حمداد وسط المدينة. وفي معرض حديثه لمراسل تطبيق خبّر، بيّن محمد أن مبادرته هذه لقيت تضامنًا واسعًا من قبل المجتمع المدني في المنطقة، ومساعدات إنسانية هائلة لم تتوقف طيلة أيام عند باب الفندق.
تلعب منصات التواصل الاجتماعي دورها في سرعة التنسيق بين المتطوعين والجمعيات المدنية للوصول للمنكوبين ومساعدتهم
“كريم بلقاسم” نقطة التقاء قوافل المساعدات من مختلف المناطق
بعد الليلة الأولى من اشتعال الغابات والقرى الأمازيغية، نشر شباب على وسائل التواصل الاجتماعي نداءات لإغاثة العائلات المنكوبة، ومنذ تلك اللحظة لم تتوقف القوافل عن الوصول إلى مدينة تيزي وزو، وتحديدًا إلى شارع كريم بلقاسم أين يتم تفريغ الشاحنات والسيارات وتوزيع المعونات على القرى والبلديات المنكوبة.
في ظل الأزمة، يحاول المتطوعون ما يمكنهم للتوعية حول مخاطر انتشار كورونا
بشير حكيم، أحد المتطوعين والمنظمين لعملية استقبال القوافل القادمة من مختلف الولايات، صرح لمراسل
“تطبيق خبّر” أن البداية كانت بنشر إعلان عبر إحدى الصفحات لتركيز المعونات في شارع كريم بلقاسم، أحد أكبر شوارع مدينة تيزي وزو على أن يرسلها الشباب المتطوع إلى القرى والبلديات المنكوبة جراء حرائق الغابات في أعالي جبال تيزي وزو.
تمثلت المعونات في المياه المعدنية والمواد الغذائية والملابس، والأغطية والفرشات، وحتى الأدوية، سواء كانت مضادات الحيوية أو تلك المخصصة للحروق.
تحول شارع كريم بلقاسم في تيزي وزو لمركز قوافل المساعدات والمتطوعين
ويعمل الشباب بالتنسيق مع لجان القرى والأحياء المنكوبة الذين يرسلون إليهم مايحتاجونه من مواد، وعلى إثر هذه المتطلبات يرسلون إليهم المواد عبر شاحنات وسيارات تخص متطوعين من المنطقة. وحسب بشير حكيم، فقد تم اختيار شارع كريم بلقاسم وسط تيزي وزو بحكم شهرته وقربه من مدخل المدينة.
وكانت المعونات قد وصلت من معظم مناطق الجزائر في هبة تضامنية وطنية لا مثيل لها، فيما تم إرسالها إلى كل من مقلع، وميشلي، وأقبيل، وبني دوالة، ومعاتقة، وهي كلها مناطق مستها حرائق الغابات بحكم أنها تقع في جبال
منطقة القبائل.
متطوعون يساهمون في نقل المساعدات في تيزي وزو
كما أوضح بشير أن ممثلي لجان القرى والأحياء ينتقلون إلى شارع كريم بلقاسم لإعلام الشباب العاملين على تنظيم وجمع التبرعات والمعونات، ما يتطلبه سكان القرية من أدوية ومواد غذائية وأدوية أو أفرش بحسب عدد السكان ونسبة الخسائر المادية جراء الحرائق، ومن ثم يقوم الشباب بفرز المؤونة وإرسالها مع سيارات وشاحنات لمتطوعين من المنطقة.
وقد تكون لدى القرى سيارات لنقل المساعدات، لكن في حالة عدم وجودها، يتكفل الشباب بإعلان عن حاجتهم لسيارات لنقل هذه المعونات، ومن ثم يجدون من يتطوع لنقلها إلى جبال القبائل، في عملية تضامن واسعة من قبل الناقلين في المنطقة.