محطة أمكدول تقلل من انبعاثات ثاني أوكسيد الكربون
احتضنت مدينة الصويرة، أو مدينة الرياح كما يحب أن يسميها ساكنتها وزوارها، سنة 2007 محطة الرحبة أمكدول التي تعد أول محطة لإنتاج الطاقة الكهربائية بالمدينة.
ساهمت هذه المحطة بحسب تقرير وزارة الطاقة والمعادن في تقليل انبعاثات ثنائي أوكسيد الكربون بنسبة 156000 طن سنويًا وتوفير ما قدره 210 جيغاواط سنويًا، وذلك بالنظر إلى قوة الرياح التي تشتهر بها المدينة والتي تصل إلى أزيد من 100 كلم في الساعة.
وطاقة الرياح هي نوع من الطاقة التي يرتبط إنتاجها بوجود الرياح، عبر توظيف جريان الهواء من خلال توربينات الرياح لتشغيل المولدات ميكانيكيًا كي تولد الكهرباء.
وتسهم الشمس من خلال أشعتها التي ترسلها على الأرض بكيفية متفاوتة، في وجود مناطق ذات حرارة وضغط جوي مختلف حول الكرة الأرضية، حيث يتولد على إثر هذه الضغوط المختلفة حركات هوائية تسمى الرياح، وهي العنصر الأساسي في إنتاج الكهرباء بواسطة الطواحين الهوائية أو المولدات الهوائية، بحسب قوة وسرعة الرياح التي تمر بها.
وتدخل طاقة الرياح ضمن ما يصطلح عليه الطاقة المتجددة هي الطاقة المستمدة من الموارد الطبيعية التي تتجدد أو التي لا يمكن أن تنفذ (الطاقة المستدامة). ومصادر الطاقة المتجددة، تختلف جوهريًا عن الوقود الأحفوري الذي يضم البترول والفحم والغاز الطبيعي، وله كلفة بيئية كبيرة.
ولا تنشىء الطاقة المتجددة في العادة مخلفات كثاني أكسيد الكربون أو غازات ضارة تعمل على زيادة الاحتباس الحراري كما يحدث عند احتراق الوقود الأحفوري أو المخلفات الذرية الضارة الناتجة من مفاعلات القوي النووية، ما يجعلها من بين أهم الحلول البيئية في العالم حاليًا.
تحظى الطرق التي تعتمد على الرياح باهتمام متزايد في البلدان المتقدمة وبعض البلدان النامية؛ ويعتبر المغرب أحد الدول العديدة التي وضعت خططًا لزيادة نسبة إنتاجها للطاقات المتجددة، بحيث نجحت في تغطية احتياجاتها من الطاقة بنسبة 37% من استهلاكها عام 2020.
حول أهمية الطاقة الريحية، قال السيد مصطفى بنرامل رئيس جمعية المنارات الإيكولوجية من أجل التنمية والمناخ لمراسل “تطبيق خبّر” الميداني في المغرب يوسف أسكور، إن الطاقات الريحية تلعب دورًا كبيرًا في الحد من تغير المناخ.
وأوضح أنها تساهم في إنتاج الطاقة الكهربائية المنزلية، وأيضا تستعمل في القطاعين الفلاحي والصناعي، وهو ما يساهم في التقليل من الاعتماد على الطاقات الأحفورية، وبالتالي تقليل نسبة انبعاثات ثاني أكسيد الكاربون، ما يساهم بدوره في انخفاض درجة احترار الغلاف الجوي.
ولفت بنرامل إلى أن الطاقة الريحية يمكن أن تساعد في استعادة المناخ لعافيته بعد أن كان منهكًا بفعل الاحترار العالمي، وهو ما أثر سلبًا على الدورات المناخية سواء من حيث التساقط المطري أو ارتفاع درجة الحرارة واتساع مساحة المناطق الجافة على حساب الغطاء النباتي والتنوع البيولوجي، وهو ما يعانيه المغرب خلال السنوات الأخيرة.
كذلك أضاف أن هذه التغيرات هي التي دفعت بالمغرب إلى إيلاء أهمية كبيرة لمسألة تحقيق اكتفائه الذاتي على مستوى المصادر المولدة للطاقة الكهربائية عبر الطاقات الصديقة للبيئة، إذ تمثل نسبة تبعيته للخارج في مجال الطاقة حوالى 96%، لذا تعين عليه تنويع مصادر تزوده وتثمين موارده باستعمال الطاقات المتجددة: الشمسية والريحية والمائية أساسًا.
كما أكد بنرامل أن المغرب يعدّ حاليًا من بين الدول صاحبة الريادة في إنتاج الطاقة الخضراء على صعيد العالم، وذلك بعد أن بذل جهودًا على مدار السنوات الماضية، وسّع خلالها حقول الطاقة الريحية ونشر المزيد من مولِّدات الرياح في سياق خطة متكاملة هدفها إيجاد بديل حقيقي للحد من اعتمادها على الوقود الأحفوري وأصبح تطوير القطاع خيارًا استراتيجيًا.
الطاقات المتجددة فرص يراهن عليها المغرب
وأشار بنرامل إلى الفرص التي يمكن أن يراهن عليها المغرب في مجال الطاقات المتجددة، موضحًا أن المغرب وعلى الرغم من كونه دولة غير منتجة للنفط وإنتاجيته ضعيفة في مجال الغاز والفحم، ولكنه يتوفر على العديد من الإمكانيات للطاقة المتسدامة.
إذ يستفيد المغرب من 300 يوم من أشعة الشمس في السنة، وسرعة الرياح 9 أمتار في الثانية في المناطق الساحلية، فضلاً عن موارد المياه، وهو ما يجعل خيار الاعتماد على الطاقة الريحية اختيارًا مربحًا.
وتتم عملية إنتاج الطاقة الكهربائية من الرياح بواسطة المراوح التي تشكّل كمحركات ويتسبب مرور الرياح على شفرات المراوح في دورانها، وهذا الدوران يشغل المحركات فتنتج طاقة كهربائية.
اعتاد ساكنة منطقة واسن المجاورة للرحبة الريحية مكدول بالصويرة سماع صوت المحركات والطاقة المتولدة من حركة دوران المراوح العملاقة المثبتة بالرحبة. لكن، وأمام الأمل الكبير الذي تحمله هذه التجربة لمستقبل العالم والأجيال القادمة، تظل حقول الطاقة الريحية تجر على السكان المجاورين لها بعض الإزعاج الناتج عن صوت احتكاك الشفرات.
حول ذلك تواصل مراسل “تطبيق خبّر” مع الفاعل الجمعوي البيئي عبد الجليل الكميري بشأن التحديات التي ما تزال مشاريع الطاقة الريحية بالصويرة تواجهها.
أكد الكميري أن الرياح فرصة بيئية يجب أن نعزز الاهتمام بها، على الرغم من حدود هذه التجربة، والتي تتمثل بشكل أساسي في كلفة الاستثمار والضجيج الناتج عن حركة المراوح، لكن يظل من الممكن تجاوزها مع السعي الدؤوب لتحسين عمل المراوح العملاقة.
وأضاف الكميري أن امام التحدي البيئي العالمي الخانق، يجب أن نبني ثقافة الحلول، خصوصًا وأننا بصدد طاقة لا تطلق أي غاز من شأنه أن يتسبب في الاحتباس الحراري، ومادتها الخام، أي الهواء، موجودة عبر العالم ومتوفرة بالمجان.
يذكر أنه سنة 2020 وعلى بعد 25 كلم شمال شرق مدينة الصويرة، أحدثت محطة ثانية بمنطقة “جبل لحديد” وتصل قدرتها الإنتاجية سنويًا إلى 600 جيغاواط ساعة، ما يحقق تفادي انبعاثات ثنائي اوكسيد الكربون بما قدره 460000 طنًا سنويًا.
كما يستعد المغرب لإنتاج الكيلواط الأقل كلفة في العالم اعتمادًا على الطاقة الريحية، وذلك بفضل المشاريع المدرجة ضمن برنامج 850 م، وهو ما يجعل الرياح فرصة حقيقية للتنمية.