تحويل النفايات لأعمال فنية صديقة للبيئة
يستفيد 25 طفلاً بمدينة الدار البيضاء بالمغرب من معرض نُظم في شاطئ النحلة بدءاً من يوم 14 آب/ أغسطس الجاري (2021) ومستمر لغاية نهاية الشهر نفسه. وتنظم المعرض مؤسسة ليديك لأعمال الرعاية، بشراكة مع جمعية مدرسي علوم الحياة والأرض بالمغرب ومؤسسة محمد السادس لحماية البيئة.
تبدأ أنشطة المعرض الفنية والتربوية على الساعة الرابعة عصراً إلى غاية الساعة السادسة مساءً ويقوم الأطفال المستفيدون من إنجاز مجموعة من الأعمال الفنية صديقة للبيئة، انطلاقاً من إعادة تدوير نفايات المصطافين، تحت إشراف 6 مؤطرين من مؤسسة ليديك لأعمال الرعاية ورئيس جمعية مدرسي علوم الحياة والأرض واثنتين من أعضائها.
يضم المعرض أيضاً مكتبة صغيرة موجهة للأطفال دون سن 9 سنوات والمهتمين بالمطالعة، إلى جانب عرضه للوحات تحسيسية تجسد خطورة النفايات على الحياة البحرية، خاصة تلك النفايات المصنوعة من البلاستيك. كما تقدم اللوحات أفكارًا وحلولًا لحماية البحار والكائنات التي تعيش بها من أضرار مخلفات المصطافين.
حول المزيد عن هذا المعرض المقام عند الشاطئ، قال أسامة صلاح الدين، وهو إطار تربوي ومنشط أطفال، في لقاء تواصلي مع مراسلة “تطبيق خبّر” الميدانية في المغرب هدى لبهالة، إن حرص مؤسسة ليديك لأعمال الرعاية منذ سنوات على تنظيم المشروع الصيفي “شواطئ نظيفة”.
وبيّن أن المشروع هذا أطلقته مؤسسة محمد السادس لحماية البيئة، وجعلهم كأطر عاملين بهذه المؤسسة يبتكرون المزيد من الحلول للحفاظ على نظافة الشواطئ بمدينة الدار البيضاء وحماية الحياة البحرية.
وأوضح أن الشواطئ القريبة من الأحياء السكنية مثل شاطئ النحلة، تكتظ صيفاً بالمصطافين المحليين، الذين يتركون خلفهم في نهاية كل يوم كثيراً من النفايات الضارة بصحة الإنسان والكائنات الحية التي تعيش بالبحر، ما يتسبب في نفوق أعداد كثيرة منها.
وأضاف أن هذا ما يدفعهم كأطر لتنبيه المصطافين طيلة الوقت عن طريق حملات تحسيسية باستخدام مكبرات الصوت ومطبوعات تحسيسية والتواصل المباشر معهم، من أجل إبقاء الشواطئ نظيفة ورمي الأزبال والنفايات في الحاويات المخصصة لذلك.
ولأن الأطفال يساهمون بشكل كبير في تلويث شاطئ النحلة، قال أسامة صلاح الدين، “جعلناهم على رأس الفئة المستهدفة ضمن حملاتنا التحسيسية، وأشركناهم أيضاً في أهداف مشروع شواطئ نظيفة ومكّناهم من فرصة للإبداع الفني، عن طريق جمع النفايات المتناثرة وفرزها وإعادة تدويرها، وتحويلها إلى لوحات وأشكال إبداعية”.
وذكر أسامة أن نشاط إعادة تدوير نفايات الشاطئ تمر عبر عدة مراحل، أولها تقسيم الأطفال في فترة الزوال إلى مجموعات تتوزع على الشاطئ لجمع النفايات.
ثم يمر الأطفال رفقة الأطر في المرحلة الثانية لفرزها ووضعها في ثلاث حاويات من الحجم الكبير، حيث يتم وضع قطع الملابس والقماش في معزل عن قنينات وعلب البلاستيك، فيما تخصص إحدى الحاويات لوضع قطع الخشب والأشياء المصنوعة من الزجاج.
بعد عملية الفرز، تابع أسامة، “نقوم على الساعة الثالثة والنصف عصرًا بالنداء على الأطفال عن طريق مكبر الصوت، ونشكل مجموعات جديدة، ويتم اختيار الأطفال الذين يتجاوز عمرهم 9 سنوات للعمل في ورشة إعادة تدوير النفايات وفق توجهات ومساعدة منا”.
ورشة تدوير النفايات لمن هم فوق 9 سنوات
كما أشار إلى أن اختيار فئة عمرية معينة في العمل على إعادة تدوير النفايات يعد أمرًا بالغ الأهمية بالنسبة لهم كأطر، فالأطفال الذين يتجاوز عمرهم 9 سنوات هم أكثر قدرة على التعامل مع فرشات الصباغة والألوان والمقص ومع المواد التي تم فرزها، والتي تضم قنينات زجاجية وعلب ذات حواف حادة، سيكون العمل عليها من طرف الأطفال الأصغر سناً صعباً وفيه تهديد لسلامتهم الجسدية.
ووفق البرنامج المتبع مع جميع الأطفال، قال أسامة صلاح الدين، إن الأطفال المشاركين في المعرض الشاطئيّ يوم السبت، قسموا إلى أربع مجموعات، عملت ثلاثة منها والمكونة من الأطفال البالغين 9 سنوات فما فوق في ورشة إعادة تدوير النفايات، وصناعة أشكال بأحجام مختلفة مزينة بالألوان وبأدوات بسيطة مثل أزرار القمصان ورمال البحر والورق المقوى، فيما استفادت المجموعة الرابعة من مكتبة المعرض في انتظار انتهاء المجموعات الثلاث للاطلاع على أعمالهم الفنية.
واعتبر أسامة المعرض الشاطئي فرصة لاكتشاف مواهب جديدة للأطفال وتنمية قدراتهم الإدراكية تجاه العالم الذي يعيشون فيه، لافتاً الانتباه إلى أن إعادة تدوير النفايات أفضل طريقة لحماية البيئة، إذ عوضاً عن اللجؤ إلى حرقها يتم استغلالها في صنع أدوات وأشكال ولوحات فنية يمكن استخدامها في تزيين غرف الأطفال وصالات الجلوس أو استخدام بعضها كمنظمات للملابس والكتب.
من جهتها، قالت الأستاذة لطيفة، وهي مدرسة بإحدى مدارس الدار البيضاء وعضو بجمعية مدرسي علوم الحياة والأرض بالمغرب، إن هذا النوع من المعارض يكتسي دورًا مهما في توعية الأطفال وتعزيز ثقافتهم ومعلوماتهم العامة حول أهمية البحر ومزاياه، وما هية السلوكيات التي يجب الالتزام بها لحمايته.
وأضافت لطيفة أن الأطفال الذين يقصدون الشواطئ للاستجمام يجب أن يكتسبوا ثقافة تدبير الوقت في الشاطئ، وعدم قضاء طيلة اليوم في السباحة فقط، بل عليهم أيضا الاستفادة من هذا النوع من المعارض ومن معلوماته العلمية، وما يقدمه من أنشطة تربوية وترفيهية وحملات تحسيسية وإبداع عن طريق أفكار وإمكانيات بسيطة بما فيها النفايات التي يمكن إعادة استخدامها بشكل منطقي لحماية البيئة.
وقدم المعرض الشاطئي للأطفال المشاركين يوم السبت أيضاً أنشطة ترفيهية، تنوعت بين مسابقات ثقافية ورياضية وورش للرسم والتلوين، كما أغانٍ وأناشيد، على أن يواصل المعرض تقديم ورشاته وأنشطته طيلة الأسابيع المقبلة مع عدم تجاوز 25 طفلاً، التزاماً بالإجراءات المتبعة في المملكة المغربية للحماية من فيروس كورونا.