المتطوعون ينظفون شواطىء قليبية
أطلقت مجموعة من ناشطي المجتمع المدني بمدينة قليبية من محافظة نابل شمال شرقي تونس مبادرة تطوعية لتنظيف عدد من الشواطئ من الأوساخ والنفايات، في إطار نشر الوعي المجتمعي بضرورة المحافظة على البيئة ونظافة الشواطئ، والتقليص من التلوث البحري الذي أصبح يشكل خطرًا على الإنسان والثروة البحرية.
انطلقت هذه الحملة التي شارك فيها عشرات المتطوعين من كافة الشرائح العمرية، كهول وشباب وأطفال، من شاطئ المنصورة بقليبية منذ منتصف شهر آب / أغسطس الجاري (2021)، لتليها سلسلة من الحملات الأخرى بكل من شواطئ المامونية والمرسى والفلوريدا والكورنيش.
وقبل يومين، رست المبادرة في شاطئ باريس الصغيرة (petit paris)، الذي يعتبر واحدًا من أجمل الشواطئ بمدينة قليبية، التي تُعدّ بدورها واحدة من أجمل الوجهات السياحية في تونس.
فقد قصد المتطوعون صباح يوم الجمعة الشاطئ منذ الساعة السادسة صباحًا، وانطلق الجميع في جمع النفايات بكل أنواعها، خاصة النفايات البلاستيكية، وتم وضعها في أكياس وتجميعها حذو الحاويات التي تخصصها البلدية بالشواطئ، لكي يتم رفعها فيما بعد من قبل بلدية المكان.
إزاء الهمة التي أبداها ناشطو المجتمع المدني، تحمس المطافون وشاركوا بدورهم في جمع النفايات البلاستيكية المتكدسة على الرمال وبين الصخور المحاذية للبحر.
ضرورة تحقيق التغيير المجتمعي
وللاطلاع أكثر على هذه المبادرة وأهدافها، التقت مراسلة “تطبيق خبّر” الميدانية في تونس ليلى بن سعد الفنان التشكيلي شكري بن عمر، مطلق المبادرة الذي وجدته مراسلتنا بصدد محاولة إزالة ما علق بين الصخور من نفايات بعد ما ارتدى قفازيه، وانهمك في جمع الأوساخ.
قال بن عمر الذي اضطحب معه زوجته وابنه ليشاركا بدورهما في هذا العمل التطوعي، “بعد عودتي من هولندا إلى أرض الوطن قررت الانخراط في العمل التطوعي، إيمانًا مني ومن رفاقي بضرورة تحقيق التغيير المجتمعي، وخاصة ترسيخ الوعي بأهمية المحافظة على المحيط، وانطلقنا رفقة الشباب في سلسلة حملات تنظيف الشواطئ”.
وأوضح بن عمر لمراسلة التطبيق، “قررنا أن نشرك المواطنين يومي السبت والأحد في هذه الحملات، وأن نقوم بتوعيتهم بأهمية المحافظة على البيئة، وأملنا هو ضمان حياة جميلة ونظيفة للأجيال القادمة”.
كما أضاف الفنان شكري بن عمر أن “البادرة لاقت تجاوبًا كبيرًا من طرف المواطنين والجمعيات الأخرى، وما لاحظناه هو أنه تم النسج على منوال هذه الحملة في عدة أحياء ومناطق أخرى من الجمهورية التونسية، وهي بادرة طيبة من شأنها أن تساهم في إنقاذ الأجيال القادمة والتقليص من خطر التلوث البحري”.
وفي نفس السياق، طالب بن عمر السلطات المحلية والجهوية ووزارة البيئة بضرورة إحداث مركز تدوير للنفايات. وحول الحملة، ذكر أنها انطلقت بطريقة عفوية جدًا وتفاعل المتطوعون المشاركون في سلسلة من الحملات بعد ما تم الإعلان عنها عبر مواقع التواصل الاجتماعي، وبدأت المجموعة الناشطة في العمل التطوعي تكبر شيئًا فشيئًا.
تعزيز سلوك النظافة البيئية
كذلك شهدت الحملة مشاركة عديد من الأطفال. وقال الطفل آدم بن سلامة، البالغ من العمر 9 سنوات، لمراسلة “تطبيق خبّر”، إنه يأتي إلى البحر رفقة والده يوم السبت من كل أسبوع، ويرتدي قفازتين ويقوم بجمع النفايات المتواجدة على الرمال.
وعبّر آدم عن سروره بالمشاركة في مثل هذه المبادرات الحسنة التي تهدف إلى المحافظة على نظافة شواطئهم، موجهًا نداء إلى أقرانه ودعوة إلى ضرورة الالتحاق بحملات التنظيف والمشاركة فيها.
من جانبها، قالت المربية والناشطة بالمجتمع المدني، رئيسة جمعية القلب الأبيض بقليبية سنية المجيد إن العمل التطوعي والمساهمة في نظافة المحيط هو عمل متداول منذ تأسيس الحمعية، وقد سبق لها المشاركة في عدة حملات تنظيف بالمدارس والمواقع الأثرية.
وأوضحت أن هذه الحملة التي تحمل شعار “ليست قمامتي لكنه وطني” أطلقها الناشطون في المجتمع المدني، والغاية منها هي التوعية والتحسيس، لافتة إلى أن الحملة تشمل كل مرة منطقة معينة بمدينة قليبية، وتعمل على تشريك المتساكنين فيها.
وبيّنت رئيسة جمعية القلب الأبيض بقليبية أنه في آخر الحملة سيقوم المجتمع المدني بالجهة بتحديد المناطق الأكثر تلوثًا، والمناطق التي تفتقد للحاويات أو إذا ما كانت الحاويات غير موجودة في الأماكن التي من المفترض أن توجد بها، ويتم تمكين السلطات المحلية فيما بعد بتقرير شامل يلخص الأوضاع.
كما أكدت أن هذه الحملات تهدف إلى نشر الوعي البيئي بأهمية العمل التطوعي في خدمة البيئة في إطار المسؤولية المجتمعية التي توليها الجمعيات لحماية الشواطئ من كل المخلفات والأضرار، ونشر الوعي بأهمية المحافظة على بيئة نظيفة، وتعزيز سلوك النظافة البيئية لدى جميع فئات المحتمع.