حركة الشراء بالجملة والتقسيط متضررة
تشهد عملية تسويق الأدوات المدرسية بالجملة والتقسيط في سوق درب عمر بالدار البيضاء، الذي يعد أكبر سوق في المغرب لبيع مختلف السلع، تراجعًا ملحوظًا يقترب من أن يتحول إلى كساد تجاري بالتزامن مع اقتراب الدخول المدرسي في 10 أيلول/ سبتمبر الجاري.
فعلى الرغم من توفر العرض بأثمان في متناول أصحاب المكتبات الصغرى وتجار التقسيط وكذلك الآباء، فإن الطلب ما يزال في حدود ضيقة لم يعهدها تجار الجملة خلال السنوات الماضية قبل عام 2020. وتعزى الأسباب في هذا التراجع إلى التداعيات الاقتصادية المتواصلة التي خلفتها جائحة كوفيد 19، والتي شلت عجلة مجالات اقتصادية مختلفة بما فيها مجال بيع المستلزمات المدرسية.
حول المزيد عن هذا التراجع، قال حسن نبيه، وهو تاجر يعمل بإحدى مكتبات البيع بالجملة والتقسيط بدرب عمر، في حوار مع مراسلة “تطبيق خبّر” الميدانية في الغرب هدى لبهالة، إن تداعيات جائحة فيروس كورونا التي ما تزال مستمرة للعام الثاني على التوالي، أثرت بشكل مباشر على سوق بيع الأدوات المدرسية.
وبيّن حسن أن نسبة المبيعات تراجعت أكثر من السنة الماضية. مشيرًا إلى أن تجار الجملة وتجار البيع بالتقسيط يعيشون حاليًا حالة من القلق في الأسبوع الأخير قبل انطلاق الدراسة بجميع المدارس المغربية. وأكد حسن نبيه أنه ومنذ 21 عامًا من العمل في مجال تسويق الأدوات المدرسية، يمر لأول مرة رفقة باقي زملائه التجار بدرب عمر بمثل هذه الفترة الحرجة على حد تعبيره.
وقال، “نحن عادة وفي السنوات الماضية قبل الجائحة، كنا نبدأ الاستعدادات للدخول المدرسي في شهر حزيران/ يونيو، وذلك بشراء كافة الأدوات المدرسية التي قد يحتاجها التلاميذ من شركات محلية أو شركات صينية نتعامل معها سنويًا عن طريق وسطاء تجاريين. وبعد مرحلة الاستعدادات نبدأ عملية التسويق في الشهرين الأخيرين اللذين يسبقا انطلاق الدخول المدرسي ونستأنف العمل مباشرة بعد انتهائه”.
وأكد حسن أن “جميع السلع كانت حينها تنفد تقريبًا بعد بيع نصفها لأصحاب الجملة والنصف الآخر لأصحاب المكتبات الصغرى وباعة الشوارع، سواءً الذين ينشطون بالعاصمة الاقتصادية أو خارجها في المدن والمناطق المغربية الأخرى، باعتبار سوق درب عمر هو المزود الرئيس لهذه الأخيرة، لكن بالنظر إلى أوضاع هذه السنة وهذا التوقيت بالتحديد أقول نحن انتهينا قبل أن نبدأ”.
من بين الأسباب الأخرى التي ساهمت في تراجع التسويق، أوضح حسن، أن جميع المكتبات الصغرى وبعض باعة التقسيط الذين يتقاطرون عادة على سوق درب عمر، اكتفوا هذا العام ببيع مخزونهم من الأدوات المدرسية الذي بقي لديهم من السنة الفارطة وقد لا يكفي لسد الطلب، مشيرًا إلى أن بعضهم غير قادر على اقتناء المزيد بسبب الديون المتراكمة من العام الماضي.
وختم حسن كلامه بالقول، “لقد كان التجار يظنون أن الجائحة ستنتهي بحلول العام الجديد، وسيتمكنون من سداد ديونهم بعد عودة الحياة الإقتصادية إلى طبيعتها، لكنهم تفاجئوا بأن الوضع لم يعد كما أبدًا”.
خفض عدد الموظفين في المكتبات لتقليل الخسائر
من جهته أكد مصطفى زوزان، وهو مالك نفس المكتبة التي يعمل بها حسن نبيه، أن تجارة الأدوات المدرسية بالجملة والتقسيط كانت في السابق تدر عليه دخلًا جيدًا، وتساهم في عيش أسر كثيرة. وكشف أنه كان يشغل إلى جانبه 5 أشخاص آخرين، ليستطيعوا تلبية جميع طلبيات الزبائن الذين كانوا يعملون في تجارة الجملة أو التقسيط إلى جانب الزبائن من الآباء أيضًا، لكن بعد الأزمة التي أتت بها الجائحة، اضطر للاكتفاء بمساعدين فقط.
وبنبرة حزينة واصل مصطفى حديثه،”كنتي ترين أمام هذه المكتبة طوابير طويلة من الزبائن يقفون في انتظار دورهم لشراء ما يلزمهم، لكن اليوم بالكاد يأتي 8 أو 10 زبائن، أغلبهم من الآباء”.
في سياق نفس التبعات الإقتصادية وتأثيرها على مجال تسويق الأدوات المدرسية، صرح عبد اللطيف الإدريسي بائع بالتقسيط ومالك عربة مجرورة بشارع لالة ياقوث التابع لدرب عمر، بأن الاستعدادات للدخول المدرسي من طرف الآباء مرت على غير عادتها هذه السنة.
وأكد الإدريسي لمراسلة “تطبيق خبّر” الميدانية أن الإقبال على اقتناء الأدوات المدرسية تراجع بشكل كبير مقارنة مع العام الماضي، مرجعًا السبب إلى ضعف القدرة الشرائية للآباء خاصة بعد مصاريف التسجيل المدرسي وتخوفهم من اعتماد التعليم عن بعد في وقت لاحق، أو تقليص ساعات الدراسة.
هذا التراجع، كما ذكر الإدريسي، كلفه وزملائه خسائر بالجملة، أولها انعدام الدخل اليومي الكافي لسد احتياجاتهم واحتياجات أسرهم، وثانيًا سداد الديون التي تثقل كاهل بعضهم بعد اقتناء سلعتهم من أصحاب مكتبات البيع بالجملة التي يعملون بقربها.
أما باقي باعة التقسيط، فقال مصطفى الإدريسي أنهم “قد صرفوا جميع مدخراتهم المالية في شراء الأدوات المدرسية التي كانت تجارة فاشلة هذه السنة، فأملنا كان معلقًا على الزبائن وعلى ما نعرضه بأثمنة في متناول الجميع، لكن العرض فاق الطلب بأضعاف، ونحن اليوم في حيرة من أمرنا”.
وأعرب عن قلقه وقلق الباعة الآخرين بخصوص مصير كميات الأدوات التي يتوفرون عليها، والتي يظل بيعها رهينًا فقط بفترة الدخول المدرسي، كونها أيضًا تجارة موسمية لا يمكن عرضها والاعتماد عليها في باقي فترات السنة.
يشار إلى أن وزارة التربية والتعليم المغربية كانت قد أجلت يوم 23 من شهر آب/ أغسطس المنصرم، الدخول المدرسي للموسم الجديد 2021 – 2022 إلى 10 أيلول/ سبتمبر الجاري، من أجل تلقيح الأطفال المتمدرسين المتراوحة أعمارهم بين 12 و17 سنة.
كما منحت الآباء حرية اختيار تدريس أبنائهم باعتماد التعليم عن بعد أو التعليم الحضوري، نظرًا لاستمرار الجائحة وعدم بلوغ المناعة الجماعية. وهذه الأسباب أيضًا ساهمت بدورها في جعل شراء الأدوات المدرسية أمرًا ثانويًا لدى معظم الأسر المغربية، فيما صرفت أسر أخرى النظر عن ذلك خلال الموسم الدراسي الجديد الذي سينطلق بعد أيام.