حلاق مغربي بالدار البيضاء يقدم خدماته مجانًا للأيتام

أطلق الشاب المغربي أنس ازين، البالغ من العمر 30 سنة، والمالك لمحل للحلاقة الرجالية بحي أناسي بمدينة الدار البيضاء المغربية، يوم الجمعة 3 أيلول/ سبتمبر الجاري (2021)، مبادرة إنسانية لإسعاد الأطفال الأيتام من خلال تقديم خدماته مجانًا لهم.

تعد المبادرة الأولى من نوعها بالعاصمة الاقتصادية، وتهدف إلى تقديم حلاقة شعر مجانية للأطفال الذكور الذين فقدوا آباءهم أو أمهاتهم في حادث أو في ظروف صحية أو حتى في وفاة عادية.

تخفف المبادرة كذلك القليل من عبء المصاريف والمسؤولية الملقاة على الشخص المكلف برعاية هؤلاء الأطفال، سواءً كان أبا أو أما أو أحد أفراد الأسرة، خاصة أن محل الحلاقة الذي يملكه أنس ويشتغل فيه رفقة مساعدين آخرين يقع بحي شعبي حيث معظم الأسر محدودة الدخل.

حول فكرة المبادرة، قال أنس ازين لمراسلة “تطبيق خبّر” الميدانية إن تقديم خدماته بشكل مجاني في وقت سابق بإحدى دور الأيتام بدولة الكويت حين عمل هناك بأحد صالونات الحلاقة الرجالية، واستشعاره السعادة التي كان الأطفال والمشرفون عليهم يشعرون بها، جعله يفكر في مواصلة العمل بالمبادرة بعد عودته للمغرب.

وأوضح أنس أن عمله بالكويت سابقًا لساعات زمنية محددة سمح بوجود وقت كاف لاستثماره في نشاط إنساني له علاقة بمهنة الحلاقة التي ارتبط بها منذ صغره.

بعد فترة قصيرة من البحث عن جمعيات ودور أيتام، تمكن أنس من العثور على دار أيتام قريبة من مقر عمله، حيث اقترح مبادرته على المسؤولين فيها فرحبوا بالفكرة. بدأ أنس بزيارة الأطفال مرتين في الأسبوع، وكان يستفيد من مبادرته عدد كبير من الأطفال، بما فيهم حديثو الولادة.

حين عودته لبلده الأم بصفة نهائية في عام 2019، تلقى أنس عدة اتصالات من طرف المسؤولين بدار الأيتام التي كان يزورها، ما جعله يكلف شقيقه الذي كان يشتغل حلاقًا أيضًا في الكويت بالاستمرار في تقديم نفس الخدمات وتعويض مكانه هناك. فيما ظلت فكرة المبادرة نفسها تراوده لتطبيقها في المغرب.

بيّن أنس أن انشغاله بالعثور على محل خاص وتجهيزه وتسييره أجّل شروعه في تنفيذ مبادرته التي قرر إطلاقها أخيرًا قبل أيام من الدخول المدرسي. فمبادرته، كما أشار، تستهدف حتى الأطفال الأيتام الذين يدرسون بالمدرسة أو بإحدى روضات الأطفال.

وبهدف نشر خبر المبادرة ليصل إلى عدد كبير من الأطفال، لجأ أنس ازين، إلى وضع إعلان عبر الواجهة الزجاجية لمحله والمقابلة للشارع، ليتمكن الزبائن والمارة من مشاهدته وإبلاغ العائلات التي لديها أطفالًا أيتاما.

وكشف أن هذا الإعلان لعب بالفعل دورًا فعالاً وأساسيًا في انتشار المبادرة خلال زمن قياسي، “إذ أتى في أقل من أسبوع عدد من الأطفال الذين استمتعوا بهذه التجربة الجديدة، وصار الشابان اللذان يعملان معي يتنافسان بدورهما على حلاقة شعر كل طفل يأتي”.

ولإدخال الفرح أكثر على الأطفال، يقوم أنس ومساعديه بتلبية رغبة كل طفل يتمنى الحصول على قصة أو تسريحة شعر معينة، منها تسريحات لمشاهير ولاعبي كرة القدم كبار.

وأشار أنس إلى أن الخدمات المجانية التي أضحى يقدمها صالون الحلاقة خاصته تدخل السعادة والارتياح على أسر الأطفال أيضًا. فقد عبرت له إحدى الأمهات حين قدمت بصحبة ابنها عن امتنانها له، وأخبرته أن مبادرته ستساعدها في توفير ثمن الحلاقة لقضاء ضروريات أخرى، كما ستخفف عنها أرق التفكير حين عدم وجود نقود كافية.

يطمح أنس ازين في المستقبل لتوسيع خدماته المجانية عن طريق صالون حلاقة آخر بمساحة أكبر يمكنه من استضافة عدد كبير من الأطفال في نفس الوقت، كما يسمح له بتشغيل المزيد من الشباب الراغبين بتعلم مهنة الحلاقة، وفي نفس الوقت يسهم بزرع العمل الإنساني بداخلهم انطلاقًا من خدمات بسيطة، لكن لها مفعولها السحري في إسعاد الأطفال وأسرهم.