فيلم “ريش” يشعل جدلا وطنيا في مصر بسبب اتهامات بـ”الإساءة لصورتها”
- ضجت وسائل التواصل الاجتماعي في مصر برسائل تدعم الفيلم منتقدة اندفاع البعض لمهاجمته
- يعيش ما يقرب من ثلث سكان مصر البالغ عددهم أكثر من مئة مليون نسمة، تحت خط الفقر
أثار الفيلم المصري “ريش” الذي حصد مساء الجمعة جائزة أفضل فيلم عربي طويل في مهرجان الجونة السينمائي، جدلا كبيرا في مصر إثر اتهامات له بالإساءة لصورتها من خلال التركيز بشكل “مؤذ” على الفقر المدقع.
فقد فتح الممثل شريف منير النار على العمل من خلال خروجه من القاعة أثناء عرض الفيلم أخيرا في مدينة الجونة، معتبرا أنه يصوّر حياة المصريين بـ”شكل مؤذٍ”.
وأعقب هذا الموقف انتقادات لاذعة من نجوم سينمائيين و برلمانيين مصريين رأوا في الفيلم تشويها لسمعة مصر.
غير أن آخرين أشادوا بفيلم عمر الزهيري معتبرين أنه يسلط الضوء على مشكلة اجتماعية حقيقية بطريقة فنّية تحمل رسائل بنّاءة.
وقال الزهيري لوكالة فرانس برس مساء الجمعة عقب نيل فيلمه جائزة “نجمة الجونة” لأفضل فيلم عربي طويل في ختام الدورة الخامسة من المهرجان، إن “أي عمل فني سيولّد دائماً برأيي وجهات نظر مختلفة”.
وتابع “الفيلم أهم من أي جائزة”، معتبرا أن قوة “ريش” تكمن في الإحساس الذي يقدّمه والأصالة الفنية والقيم الإنسانية.
ويروي الفيلم الاجتماعي قصة “أم ماريو”، وهي امرأة فقيرة في منطقة الصعيد الريفية بجنوب مصر، تكافح من أجل إعالة أسرتها بعد تحوّل زوجها إلى دجاجة بسبب سحر أقيم عليه.
ولا يأتي فيلم “ريش” الفائز أيضا بجائزة أسبوع النقاد في مهرجان كان السينمائي أخيرا والذي يضم طاقما من الممثلين الهواة، على ذكر قرية مصرية بالاسم.
إلا أن منتقدي العمل اتهموه بالإساءة إلى صورة مصر من خلال تصوير حياة الفقر المدقع بشكل قالوا إنه لا يشبه الوضع في البلاد حاليا.
وقال الممثل شريف منير في تصريح تلفزيوني “العشوائيات التي كانت موجودة لدينا لم تكن تعيش بهذا الشكل”.
كذلك انتقد النائب المصري محمود بدر الفيلم عبر تويتر، معتبرا أن “التعري الحقيقي” هو صنع فيلم يصور البلاد كما لو أنها لم تشهد أي تطور، ومتهما مخرج الفيلم بأنه “باع موهبته” لإنجاز عمل يحصد من خلاله الجوائز في المهرجانات.
كما تقدم المحامي سمير صبري، صاحب السجل الحافل بالدعاوى القضائية في حق أشخاص يتهمهم بتشويه صورة البلاد، ببلاغ إلى النائب العام وإلى نيابة أمن الدولة العليا في مصر ضد صناع فيلم “ريش” بحجة أنه “أساء للدولة المصرية والمصريين”.
ضجت وسائل التواصل الاجتماعي في مصر برسائل تدعم الفيلم منتقدة اندفاع البعض لمهاجمته
وأكد الباحث في مجال الحقوق الاقتصادية أسامة دياب لوكالة فرانس برس أن طريقة تصوير الفيلم للفقر في مصر لا تنطوي على أي مبالغة، بالاستناد إلى أرقام حكومية في هذا الموضوع.
ويعيش ما يقرب من ثلث سكان مصر البالغ عددهم أكثر من مئة مليون نسمة، تحت خط الفقر.
وأشار دياب إلى أن عدد الفقراء “يتزايد باطراد في مصر منذ التسعينيات حسب الأرقام الرسمية”.
وقال إن تقليص الفقر لم يكن يوما أولوية في السياسة التي وضعتها الحكومة المصرية بالاتفاق مع صندوق النقد الدولي.
ولفت إلى أن “التأثير غير المتناسب” لجائحة كوفيد-19 في السنتين الماضيتين وسّع الهوة الاقتصادية في البلاد.
وأضاف “أعلى تركيز للفقر يطاول النساء اللواتي يعشن في منطقة الصعيد الريفية، وهو للمفارقة الساخرة محور الفيلم”.
لا يوجد إنتاج فني يمكن أن يشوه سمعة مصر
وخفضت مصر قيمة الجنيه المصري في عام 2016، من ضمن حزمة إجراءات تقشفية قاسية للحصول على قرض بقيمة 12 مليار دولار من صندوق النقد الدولي.
الصندوق الذي يتخذ مقرا له في واشنطن مقرا له، الشهر الماضي إن الدولة الواقعة في شمال إفريقيا كانت واحدة من الأسواق الناشئة القليلة التي نجحت في تحقيق نمو إيجابي رغم الجائحة.
وأضاف دياب “برنامج صندوق النقد الدولي في 2016 يتحدث فقط عن تخفيف الصدمات التي تسببها الإصلاحات الاقتصادية من دون الحديث عن تخفيف حدة الفقر. لم يكن هدفا في حد ذاته”.
ورأى الناقد السينمائي طارق الشناوي الذي شاهد العرض الأول للفيلم في مهرجان كان السينمائي خلال الصيف الفائت، أن الانتقادات الموجهة للفيلم “مبتذلة وسخيفة”.
وقال في الجونة “لا يوجد إنتاج فني يمكن أن يشوه سمعة مصر”.
وامتدح فيلم “ريش” بوصفه عملا “عظيما” من الناحية الفنية.
وقال “إذا كنت تسلط الضوء بالفعل على مشكلة اجتماعية، فأنت تريد حقا دفع بلدك إلى الأمام وليس إهانتها”.