في يوم الشهيد.. تعرّف على قصة أول شهيد إماراتي
تحتفل دولة الإمارات في يوم الثلاثين من نوفمبر بيوم الشهيد، وهو ذكرى عزيزة وغالية على القلوب، ومناسبة للإحتفاء بالذين ضحوا بأرواحهم في سبيل الوطن، فكانوا كالشموع التي تنير درب الأجيال القادمة، بما جسّدوه من معانٍ وقيم نبيلة.
وبدأ الاحتفال بيوم الشهيد في عام 2015، عندما قام الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان، باختيار 30 نوفمبر ليكون يوم الشهيد بالتزامن مع ذكرى وفاة أول شهيد إماراتي.
فمن هو أول شهيد إماراتي وما قصته؟
سالم بن سهيل خميس بن زعيل.. الشرطي صاحب الرقم العسكري 190. هو أول شهيد إماراتي، روى بدمائه جزيرة طنب الكبرى في الثلاثين من نوفمبر من عام 1971.
وولد سالم بن زعيل في رأس الخيمة بمنطقة المنيعي، وهو الابن الرابع لسهيل بن خميس، ووالدته فاطمة بنت هلال، وهم من أهالي المنطقة الشمالية الشرقية. انضم سالم في البداية إلى فرقة الموسيقى العسكرية في الشارقة ثم انتقل إلى شرطة رأس الخيمة.
ولم يكتفِ سالم بانخراطه في سلك الشرطة فقط، بل وتقدم بالفعل بأوراقه لينضم إلى الجنود الأغرار، وتم إعطاؤه الرقم العسكري 190.
وفي يوم الــ 30 من نوفمبر عام 1971، وتحديدًا في تمام الساعة الخامسة والنصف صباحًا، كان أفراد الشرطة في مركز جزيرة طنب الكبرى يستعدون لأداء الطابور الصباحي، وإذ بهم يلاحظون البارجات الحربية الإيرانية تدور حول الجزيرة.
وفوجئ سالم وزملائه الخمسة في مركز الشرطة بمحاصرة المحتل الإيراني لهم بقوة وصل تعدادها إلى نحو 3500 جندي إلى جانب البوارج البحرية التي حاصرت الجزيرة من مختلف الجهات.
ورست السفن الإيرانية لتحاصر الجزيرة، بينما كانت طائراتهم مستمرة في الحوم حول الجزيرة لإخافة سكانها البسطاء الذين لم يتجاوز عددهم 120 فردًا، وحينها أدرك العسكريون الإماراتيون أنهم يتعرضون لغزو إيراني، فأبلغوا شرطة رأس الخيمة عبر جهاز اللاسلكي.
وقبل أن تبدأ المعركة.. لاحظ سالم وزملاؤه قيام الغزاة بإسقاط منشورات على أهالي الجزيرة تأمرهم بالاستسلام فورًا وعدم المقاومة.
وبمجرد اقتراب الغزاة من مركز شرطة الجزيرة.. بادر العسكريون الستة بإطلاق النار على الغزاة الذين ردوا بوابل من الرصاص الذي كان يخترق مبنى المركز، ثم أمر سالم سهيل زملاءه بالتجمع حول سارية علم رأس الخيمة، والدفاع والذود عنه والحرص على عدم إنزاله نهائيًا من السارية.
وتمكن سالم سهيل وزملاءه من إيقاع إصابات وقتلى بين جنود الجيش الإيراني الذي هاجم مركز شرطة طنب الكبرى، وتبين لاحقًا أن من بين القتلى قائد القوة في جنود العدو.
هدأت المعركة قليلاً بعد ذلك.. وطلب الغزاة التفاوض على استسلام الجنود الإماراتيين، لكن سالم سهيل ردّ عليهم بأن علم بلاده لن ينزل عن ساريته، فكان الردّ الإيراني بوابل كثيف من الرصاص لمبنى الشرطة، والجنود الإماراتيون يردّون عليهم.
واختار كل واحد من الجنود الستة جانبًا من جوانب المبنى لإطلاق النار، واستمر الحال هكذا لمدة 8 ساعات، فاستعان حينها الغزاة بجنود ”كوماندوز“ ومظليين لاقتحام المبنى، قُتل منهم أربعة على يد الجنود الإماراتيين، وكذلك قائد للإيرانيين برتبة جنرال.
ورّد الغزاة بإطلاق قذائف زوارقهم الحربية، وأُصيب الجنود الإماراتيون بالإنهاك، وجُرِحَ اثنان منهم بطلقات إيرانية، وعندما أدرك سالم سهيل أنهم خسروا المعركة، وقف عند السارية رافضًا نزول العلم، فأُطلِقت عليه النيران التي اخترقت جسده.
وبقيت دولة الإمارات فخورة بهذا البطل، الذي يعد الشهيد الإماراتي الأول، ومات يدافع عن سيادة وطنه وحماية علمه في ملحمة بطولية سجّلها التاريخ لهذا الرجل وزملائه بأحرف من ذهب ستتذكرها الأجيال في كل إحتفاء بيوم الشهيد.