الأحلام تراود عوائل داعش عند الخروج من الهول
لا تسير الأمور هنا على وتيرتها، فالمخيم الواقع في الشمال السوري، يعد واحدا من “القنابل الموقوتة” في العالم.
الوضع الإنساني والأمني الصعب، جعل الخروج من هذا المخيم حلما صعب المنال لكثير من العوائل، التي تواصل الليل بالنهار، رجاءًَ وأملا في الرحيل عن المكان.
بين هؤلاء أم محمد التي تتحضر للخروج من مخيم الهول مع أطفالها الستة بعد أن قتل زوجها الداعشي وتركها تواجه مصيرا لاتقوى امرأة على تحمله.
وتخبرنا: “أرغب بنسيان الماضي، وأن زوجي قتل وكل المآسي التي عشتها بسبب الحرب، نريد الخلاص والبدء بحياة جديدة”
وأضافت: “أتمنى إرسال أطفالي للمدارس، والمجتمع سوف يتقبلني لأنني لست مذنبة”.
أما إيمان الصغيرة التي لا تزال في بدايات عقدها الثاني، فلا تحلم سوى بمقعد في فصل دراسي، يسع كتبها وأقلامها، بعد أن بقيت طويلة حبيسة المخيم.
عشرات العائلات تغادر الهول
أملا بحياة أفضل ومستقبل بعيدا عن تنظيم داعش الإرهابي، غادرت دفعة جديدة من “عوائل التنظيم” مخيم الهول الخاضع لسلطة الإدارة الذاتية الكردية في شمال شرق سوريا.
وتتجه الدفعة المؤلفة من ٥٣ عائلة و١١٧ شخصا معظمهم من النساء والأطفال، تم التأكد من عدم تلطخ أيديهم بالدم، إلى دير الزور بقرار من مجلس سوريا الديمقراطي.
الدفعة مؤلفة من ٥٣ عائلة و١١٧ شخصا معظمهم من النساء والأطفال.
قاسم.. حكاية أخرى
قاسم شاب في السابعة عشر من عمره لا يستطيع حتى الحديث عن داعش بسبب خوفه منهم ويتمنى مستقبلا ا=أفضل خارج أسوار المخيم.
يحدثنا من خلف لثامه قائلا: “أنا لا أستطيع التحدث من الخوف والرعب لأنكم تعلمون ما المصير الذي سأواجهه في المستقبل إن تحدثت، وأتمنى أن أخرج من المخيم لنتخلص من الرعب الذي نعيشه ونعود إلى بلدتنا ونبني مستقبلنا من جديد”.
وتحاول الإدارة الذاتية في شمال سوريا السماح للسوريين الذين لم تثبت مشاركتهم في الأعمال الإرهابية بمغادرة المخيم.
ويقول مدير مكتب الخروج إن هذه الدفعة هي الأولى خلال العام ٢٠٢٢ استكمالا لرحلات ديرالزور وتشمل ٥٣ عائلة و١١٧ شخصا وتم الموافقة على خروجهم بعد التأكد من ثبوتياتهم والحصول على الموافقات الأمنية والتحقيق معهم والتأكد من عدم تلطخ أيديهم بالدماء”.
وتابع: “سيتجهون إلى دير الزور وأريافها بعد خلاصهم من فكر داعش”.
مخيم الهول الذي بات أكثر خطورة من ذي قبل أصبح جحيما لكل من يعيش فيه ويرغب بتغيير أفكاره الماضية والعيش بعيدا عن داعش.
وضع متأزم
وتعمل عشرات المنظمات غير الحكومية، المحلية والدولية، على تقديم المساعدات داخل المخيم.
ومنذ مطلع عام 2021، وثّق المرصد السوري مقتل 91 شخصاً في المخيم، غالبيتهم لاجئون عراقيون، على يد عناصر متوارية من التنظيم. وبين القتلى عاملان اثنان في المجال الإنساني.
وكانت وتيرة جرائم القتل انخفضت إثر عملية أمنية نفّذتها القوات الكردية نهاية آذار/مارس وأسفرت عن توقيف أكثر من مئة عنصر من التنظيم، قبل أن تعاود الارتفاع.
ومنذ إعلان القضاء على التنظيم في آذار/مارس 2019، تطالب الإدارة الذاتية، ذات الإمكانات المحدودة، الدول المعنية باستعادة مواطنيها المحتجزين في سجون ومخيمات أو إنشاء محكمة دولية لمحاكمة الجهاديين في سوريا. لكن مناشداتها لا تلقى آذاناً صاغية. واكتفت فرنسا وبضع دول أوروبية أخرى باستعادة عدد محدود من الأطفال اليتامى.
وحذّرت الأمم المتحدة مراراً من تدهور الوضع الأمني في المخيم. ويخشى خبراء من أن يشكل المخيم “حاضنة” لجيل جديد من مقاتلي التنظيم، وسط استمرار أعمال الفوضى والعنف وانسداد الأفق الدبلوماسي بإمكانية إعادة القاطنين فيه إلى بلدانهم.