انقسامات سياسية في العراق قد ترجئ انتخاب رئيس للجمهورية
- بعد ستة أشهر من الانتخابات النيابية المبكرة في أكتوبر 2021، لا يزال العراق من دون رئيس جديد
- يوجد أربعون مرشحاً لمنصب الرئاسة لكن المنافسة الفعلية تنحصر بين شخصيتين
يعقد البرلمان العراقي السبت جلسة من المقرر أن ينتخب فيها رئيساً للجمهورية، في محاولة هي الثانية، تأتي وسط تأزم سياسي متواصل منذ أشهر، لكن الدعوات إلى المقاطعة تهدد بإفشال العملية.
بعد ستة أشهر من الانتخابات النيابية المبكرة في أكتوبر 2021، لا يزال العراق من دون رئيس جديد، وبالتالي من دون رئيس حكومة جديد يتولى السلطة التنفيذية.
وعلى رئيس الجمهورية أن يسمي، خلال 15 يوما من انتخابه، رئيسا للوزراء وعادة ما يكون مرشح التحالف الأكبر تحت قبة البرلمان، ولدى تسميته، تكون أمام رئيس الحكومة المكلّف مهلة شهر لتأليفها.
إلا أن هذا المسار السياسي غالبا ما يكون معقدا وطويلا في العراق بسبب الانقسامات الحادة والأزمات المتعددة وتأثير مجموعات مسلحة نافذة.
ويوجد أربعون مرشحاً لمنصب الرئاسة لكن المنافسة الفعلية تنحصر بين شخصيتين تمثلان أبرز حزبين كرديين: الرئيس الحالي منذ العام 2018 برهم صالح، مرشح حزب الاتحاد الوطني الكردستاني، وريبر أحمد، مرشح الحزب الديموقراطي الكردستاني، ويفترض أن يحصل المرشح على أصوات ثلثي النواب ليفوز.
ومنذ أول انتخابات متعددة شهدتها البلاد في 2005 ونظمت بعد التدخل الأمريكي الذي أدى الى سقوط نظام صدام حسين في 2003، يعود منصب رئيس الجمهورية تقليديا الى الأكراد، بينما يتولى الشيعة رئاسة الوزراء، والسنة مجلس النواب.
ويتولى الاتحاد الوطني الكردستاني تقليدياً منصب رئاسة الجمهورية، مقابل تولي الحزب الديمقراطي الكردستاني رئاسة إقليم كردستان، بموجب اتفاق بين الطرفين.
وفشلت المحاولة الأولى لانتخاب رئيس للجمهورية في 7 فبراير الماضي لعدم اكتمال نصاب الثلثين (أكثر من 220 نائباً من 329) بسبب مقاطعة الإطار التنسيقي الذي يمثّل أحزاباً شيعية بارزة، مثل كتلة دولة القانون التي يرأسها رئيس الوزراء الأسبق نوري المالكي، وتحالف الفتح، المظلّة التي تنضوي تحتها فصائل الحشد الشعبي الموالية لإيران.
وبعد فشل الجلسة الأولى، ثم تعليق المحكمة الاتحادية ترشيح وزير الخارجية السابق هوشيار زيباري المنتمي إلى الحزب الديموقراطي الكردستاني للرئاسة، أعيد فتح باب الترشيح للمنصب مرةً ثانية.
“مناورة سياسية”
وتوجد مخاوف من تكرار سيناريو الجلسة السابقة نفسه، مع استمرار الانقسام الشديد بين الأطراف الشيعية.
ويدفع التيار الصدري بزعامة رجل الدين الشيعي مقتدى الصدر، الفائز الأكبر في الانتخابات التشريعية، إلى عقد الجلسة. وهو شكل تحالفاً برلمانياً من 155 نائباً مع الحزب الديموقراطي الكردستاني وتكتل سني كبير من مجموعة أحزاب أبرزها حزب يقوده رئيس البرلمان محمد الحلبوسي.
ويؤكد الصدر حيازته غالبية كافية في البرلمان للمضي في تشكيل “حكومة أغلبية وطنية”، وهو يأمل في فك الارتباط مع تقليد التوافق الذي يتيح لمختلف القوى السياسية النافذة المشاركة في السلطة.
وبذلك، يضع الصدر خارج حساباته قوى وازنة على الساحة السياسية، خصوصا الإطار التنسيقي.
في المقابل، يدعو الإطار التنسيقي الذي يملك تحالفاً بأكثر من مئة نائب، إلى المقاطعة.
وأعلن الأربعاء تحالف “إنقاذ وطن” الذي يقوده الصدر دعمه الواضح للمرشح ريبر أحمد للرئاسة، ولجعفر الصدر، سفير العراق لدى لندن وقريب زعيم التيار الصدري، لرئاسة الحكومة.
ودعا الصدر النواب المستقلين إلى المشاركة والتصويت.
في الأثناء، أكدت مصادر برلمانية لفرانس برس أن نحو 131 نائباً قد يقاطعون الجلسة، ما يعني عدم تحقق النصاب اللازم، وإرجاء جديد للانتخابات البرلمانية.
ويهدد ذلك بإطالة أمد الأزمة، وقد يؤدي إلى حل البرلمان وانتخابات تشريعية جديدة.
وفي حال انعقاد الجلسة، يستبعد رئيس مركز التفكير السياسي والمحلل السياسي العراقي إحسان الشمري أن “يحسم الانتخاب من الجولة الأولى”.
ويشير إلى احتمال عدم تحقيق “أي من المرشحين الأوفر حظاً على غالبية الثلثين” اللازمة لانتخاب رئيس. ويعني ذلك احتمال التوجه إلى “جولة ثانية” للانتخابات الرئاسية، “لغرض حصول المرشح الذي حصل على أكبر عدد من الأصوات على غالبية الثلثين”.
ويستبعد الشمري أن يتم حل البرلمان في حال إخفاق الجلسة، ويعتبر أن هذا الطرح “مناورة سياسية تهدف إلى تحفيز النواب على حضور الجلسة من أجل تحقيق النصاب”.