انتشار المدارس الدينية غير المنظمة في إدلب
- المدارس المتطوعة في مديرية تربية حماة وإدلب تعلن تعليق الدوام إلى حين تأمين حقوق المعلمين
- هيئة تحرير الشام ترفض منح تراخيص لمراكز التعليم في مناطق سيطرتنا
وسط الأوضاع المتردية التي تعيشها المدارس العامة في محافظة إدلب، وانتشار المدارس الخاصة بشكل غير مسبوق، والسير نحو احتكار التعليم في أبناء ميسوري الحال، يتنامى أيضاً نفوذ مدارس من نوع آخر لا سلطة لـ مديرية التربية والتعليم عليها، فلها مناهجها الخاصة، وتمويلها الذي يقتطع باسم التربية والتعليم من واردات المعابر، لتكون مسماراً آخر يدق في نعش العملية التعليمية في إدلب.
وفي شهر شباط فبراير الفائت، أصدرت المدارس المتطوعة في مديرية تربية حماة وإدلب بيانا، أعلنت من خلاله تعليق الدوام، حتى تأمين حقوق المعلمين المستحقة، وهي على الأقل رواتبهم الشهرية، وذلك ضمن إضراب عام، يحمل اسم “إضراب الكرامة للمعلمين”، الأمر الذي تكرر أكثر من مرة في المنطقة سابقا، دون جدوى، مع تصاعد الحركات الاحتجاجية، المطالبة بتحسين وضع المعلمين المتطوعين.
وفي إطار ذلك التضيق والاستغلال قامت مؤخرا هيئة حكومة الإنقاذ” الذراع المدنية لـ”هيئة تحرير الشام” برفض منح ترخيص لمركز اشراقة الغد” التعليمي، العامل في منطقة إدلب بحجة “عدم استيفاء الشروط المطلوبة مما دعا المركز عن اعتذاره للطلاب والطالبات المُسجلين في دوراته التعليمية المجانية.
وفي حديث خاص لأخبار الآن تقول مديرة المركز والتي رفضت الإفصاح عن اسمها خوفا من تحرير الشام من الانتقام منها: إن المركز تم افتتاحه في عام 2017، ضمن بلدة الغدفة شرقي محافظة إدلب، والتي سيطرت عليها قوات النظام مطلع عام 2020 وتم نقله إلى مدينة إدلب والمركز يعمل منذ خمس سنوات على تقديم دورات مهنية وتعليمية للطلاب قبل أشهر طلب مننا الترخيص وقمنا بتقديم الترخيص لحكومة الإنقاذ التابعة لتحرير الشام وفي كل مرة نذهب بها يكون هناك تلاعب علينا ولم نكن على علم بما يريدون مننا وفي النهاية أخبرونا نه لم يعد هناك ترخيص لأي معهد أو مركز في مناطق سيطرتنا بقرار من وزير التربية، وفي حال إقامة أي دورات سوف يتم إغلاق المركز وكانت لغتهم بتهديد وكانت لغة مهينة لنا رغم أننا بعد محاولات طويلة كنا نسعى لتقديم التراخيص إليهم ورغم أننا لم نخالف القانون على الإطلاق.
وتواصل حديثها أنه حاولنا التحدث إليهم بلطف أنها المركز اليوم يخدم أكثر من 80 طالبة وأربع شعب داخل المركز منها شعبتان لفرع الأدبي وشعبتان لفرع العلمي وشعبة واحدة تحضيرية وكنا نخطط لتوسيع المركز وتخديم أكثر من 100 طالب جميعهم من الأوائل في دراستهم حيث كنا على متابعة معهم ولكن ظروف الحياة وفقر عوائلهم أجبرهم على ترك التعليم وكنا نحاول للوصول للحلم الذين يسعون إليه في بلد دمر فيه الحجر فكيف للحلم واليوم هيئة تحرير الشام تسعى لتدمير ما تبقى من الجيل الذي تبقى في بلده من أجل النهوض بها.
وتتابع أنه على الرغم من ارتفاع نسبة العمالة خاصة في مناطق إدلب وفقر الأهالي وتدني الوضع المعيشي عليهم إلا أن حكومة الإنقاذ وبقرارتها التي لا تنتهي والتضييق الذي لا ينتهي تزيد ضغوطها على الأهالي في المنطقة التي تسيطر عليها من خلال صور لا تنتهي وكان أخرها إحكام قبضتها على المراكز والمدارس الخاصة وقطاع التعليم بشكل عام.
ويتزامن ذلك مع ارتفاع تكاليف المعيشة وتردي الواقع الاقتصادي، وانتشار المدارس الخاصة بشكل غير مسبوق. يضاف إلى ذلك تنامي نفوذ مدارس دينية، لا سلطة لمديريات التربية والتعليم عليها، تمتلك مناهج خاصة، تطبعها وتشرف عليها وتراقبها هيئة تحرير الشام، رغم أنها مرخصة لدى وزارة التربية والتعليم فيما يسمى “حكومة الإنقاذ”، الذراع المدني للهيئة.
وتسعى هيئة تحرير الشام إلى السيطرة الكاملة على القطاع التعليمي في إدلب، وبث أفكارها ومعتقداتها في عقول الطلاب، من خلال استقطابهم إلى المدارس الدينية التابعة لها، وتقديم امتيازات عدة لهم.
من أبرز المدارس الدينية في إدلب دار الواحي الشريف أولى المدارس الدينية وأكبرها في إدلب التي تتخذ من عبارة “نحو جيل قرآني فريد” شعاراً لها.
وفي حديث لقناة الان مع مصدر من داخل إدارة مدارس دار الوحي الشريف يقول أنها تتكون من مؤسسة تعليمية تدرس القرآن والشريعة من خلال عدة مدارس وهي تابعة لوزارة التربية والتعليم في حكومة الإنقاذ” الذراع المدنية لـ”هيئة تحرير الشام” ومدارس دار الواحي الشريف التي افتتحت في إدلب أواخر عام 2017، تعمل على استقطاب أعداد كبيرة من التلاميذ في المنطقة، وتقدم حوافز ومزايا جذابة، في محاولة لتثقيف جيل أكثر يحمل أفكار هيئة تحرير الشام ويخدمها مصالحها.
وتعتمد مدارس دار الواحي الشريف على الفصل بين الجنسين لكل من الطلاب والمعلمين، مما يقصر المعلمات على الطالبات فقط.
أما عن دعمها فهي تتلقى دعما من الضرائب التي تفرضها هيئة تحرير الشام من خلال رسومها الحدودية. معبر باب الهوى الحدودي مع تركيا إضافة إلى المعابر بين مناطق سيطرة هيئة تحرير الشام وتلك التي يسيطر عليها الجيش الوطني السوري المدعوم من تركيا تفرض رسومًا قدرها 10 دولارات على البضائع المستوردة ، يطلق عليها “رسوم التعليم” ويتابع أنها توفر دار الواحي الشريف خدمة النقل بالحافلات الخاصة إضافة إلى التكيف في صفوفها و وجبات الطعام و الزي الذي يتم توزيعه على الأطفال بشكل مجاني ويتم إجراء المسابقات للأطفال كل شهر ويتم توزيع عليهم جوائز نقدية إضافة إلى تنفيذ الرحلات للأطفال كما أنه يتم تقديم الرواتب للمعلمين في نهاية كل شهر وفي بعض الأحيان يكون هناك مكافئات للمعلمين الذي عملوا بإخلاص حسب وصفه أنه يبلغ عدد المدارس التابعة لدار الوحي الشريف 42 مدرسة تقع في كل من مدن وبلدات وإدلب و أريحا وبنش ومعرة مصرين وكللي وحزانو والأتارب وأطمة وكفرلوسين وبابسقا وسرمدا وسلقين وحارم وباريشا وقورقنيا واليعقوبية وأرمناز و الشيخ يوسف ، الفوعة تفتناز ، البردكلي وحسب وصفه أنه نهدف إلى فتح مدارس أخرى تابعة لها في بلدات الدانة الحدودية مع تركيا و ويبلغ عدد طلاب الدار قرابة 14 ألف طالب وطالبة وهناك إقبال كبير من قبل الأهالي وتستهدف مدارس دار الواحي الشريف في الدرجة الأولى أبناء عناصرها، فضلاً عن الأيتام.
كما أن هناك عددا من المدارس الأخرى في المنطقة، لكنها ليست بنفس نفوذ وانتشار سلسلة “دار الوحي الشريف ومن بين تلك المدارس مجموعة مدارس القلوب الصغيرة التي لا تختلف في مناهجها وأدلجتها عن دار الوحي الشريف، لكنها تختص بالأطفال الأيتام وتنشئتهم.
وفي حديث خاص لأخبار الآن يقول الناشط عمار الشريفي: أنه في الوقت الحالي تعاني محافظة إدلب في شمال غربي سوريا، من ضعف شديد في القطاع التعليمي بسبب قلة الدعم المقدم من الجهات الدولية المانحة، بعد سيطرة حكومة الإنقاذ على المنطقة وهذا كله كان مخطط له من قبل هيئة تحرير الشام من أجل إخضاع القطاع التعليمي لها كما فعلت في كل القطاعات الحيوية في مناطق سيطرتها.
ويتابع أنه أخر انتهاكات تحرير الشام في القطاع التعليمي كان في إغلاق الكثير من المراكز التعليمة التي كانت تقدم خدماتها للطلاب بالمجان في مناطق سيطرتها وكانت قد ضيقت عليهم بشكل كبير حتى في النهاية اضطروا للإغلاق وكما كانت سابقا قد قامت بفصل عدد كبير من المعلمين وحسب قوله أنه قامت مؤخرا بإنهاء خدمة شريحة من المعلمين في التربية بداعي بلوغ السن القانوني ودون إشعار مسبق من قبل المديرية والذين يبلغون من العمر ما بين الـ 55 عام والـ 60 عام، حيث أن معظمهم كان يعمل بشكل تطوعي داخل المدارس، والمجمعات التربوية، لعدة أعوام ودون تقاضي أي أجور مادية من قبل الحكومة، أو من قبل أي منظمة عاملة بمجال التعليم بمحافظة إدلب.
وقامت بعد ذلك حسب قوله أصدرت حكومة الإنقاذ القرار الذي حمل “الرقم 296″- وينص على إحداث نقابة للمعلمين السوريين الأحرار تعمل بالتنسيق مع وزارة التربية والتعليم في إدلب ونص القرار على أن يكون لـ”نقابة المعلمين المحدثة شخصية اعتبارية وموازنة مستقلة ونظام داخلي معتمد لا يتعارض مع الأنظمة والقوانين”.
ويتابع قوله إن معلمي إدلب وريفها، نفّذوا مؤخرا إضراباً استمر لنحو شهرين في الفترة الأخيرة الماضية، وتلقوا وعوداً من وزارة التربية بمحاولة إيجاد حلول جذرية لقضيتهم.
وينهي حديثه معبر عن مخاوفه من الأجيال القادمة بعد سيطرة هيئة تحرير الشام على القطاع التعليمي في إدلب ما قد يؤدي إلى تنشئة جيل كامل مؤدلج لا يعرف إلا تنفيذ ما يؤمر به وسيكون لهذا تأثير سيئ حقًا في حال قررت هيئة تحرير الشام استغلال هؤلاء الأطفال وتجنيدهم للقتال في صفوفها حسب وصفه.
وتعاني محافظة إدلب في شمال غربي سوريا، من ضعف شديد في القطاع التعليمي بسبب قلة الدعم المقدم من الجهات الدولية المانحة، بعد سيطرة حكومة الإنقاذ على المنطقة وتشير مصادر عدة إلى أن “حكومة الإنقاذ” التابعة لـ “هيئة تحرير الشام” (جبهة النصرة سابقا) لا تكتفي بانتهاج هذا الأسلوب في القطاع التعليمي في إدلب، بل أيضا في عدة قطاعات مثل الصحة والتعليم والخدمات، عبر رفدها بكوادر موالية لها بشكل تام.