اليمن.. معاناة وعنصرية يتعرض لها المنحدرون من أسر أجنبية
نشر مركز صنعاء للدراسات الاستراتيجية بحثاً للباحثتين مارينا دي ريخت، وعائشة الجعيدي. البحث يناقش موضوعاً حساساً، وهو موضوع المولدين في اليمن. فمن هم المولّدون؟
يقول البحث أن مصطلح الموَلَّدين هو وصف لليمنيين المنحدرين من أسر تربطهم علاقات نسب مع دول أخرى، حيث يُعدون في بعض الحالات من ذوي الأصول المختلطة (من أب أو جد يمني، وأم أو جدة غير يمنية). ويشرح البحث كيف يتم استخدام هذا المصطلح على نحوٍ انتقاصي، ولعقود ظل الموَلَّدون عُرضة لممارسات تمييزية حيث كانوا -ولا يزالون -محرومين غالبًا من حق الحصول على الجنسية، وفي بعض الأحيان على التعليم، وعُرضة للتمييز في سوق العمل، وللوصم الاجتماعي.
يلجأ الموَلَّدون في معظم الأحيان إلى إنكار أصولهم غير اليمنية لتجنب الوصم، والتهميش، وينطبق هذا بصفة خاصة على أولئك الذين تربط أسرهم علاقات نسب مع بلدان إفريقية؛ فالموَلَّدون من ذوي الأصول اليمنية-الإفريقية يعانون بشكل أكبر من العنصرية على أساس الانتماء العرقي مقارنة بالموَلَّدين المنحدرين من أصول أخرى، مثل أولئك الذين تربط أسرهم علاقات نسب تاريخية مع بلدان في آسيا أو أوروبا.
وفي حديث لموقع أخبار الآن مع فاطمة عوض -من أب يمني وأم أثيوبية- قالت لنا: “أنا سعيدة أن هناك بحثاً يتحدث عمّا نعانيه كمولدين. سأقول لك عن تجربتي الخاصة، هناك عائلات ترفض الارتباط بنا بسبب نسبنا لأن والدتي ليست يمنية، ويرانا الكثيرون باستنقاص. والدتي عانت كثيراً. زميلي في الجامعة أراد أن يتقدم لي، وهو من عائلة كبيرة في اليمن، فقالت له والدته : أتريد أن تفضحنا وتتزوج مولدة، أفضل بنت تتمناك. عندما قال لي ذلك تمنيت أن أترك هذا البلد، وأذهب لمكان لا أشعر فيه بأنني غريبة. أنا يمنية، ولكن منذ طفولتي، وأنا أشعر بأنني مختلفة عن البقية”.
أبنائي سيُطلق عليهم لقب (مولدين)، وأنا قلقة
هناك عنصرية تمارس أيضاً ضد من تتزوج من شخص من أصول أفريقية
وفي مقابلة مع سامية وهي متزوجة من رجل من دولة إفريقية تقول أنها عندما تمشي في الشارع يقال لها “ما عجبك بهذا الخادم؟”، أي ماذا أعجبك بهذا الرجل الأسود، حيث يطلق للأسف لقب خادم باليمن على الأقليات من أصحاب البشرة السوداء، وقالت أنها عندما أنجبت ابنها كانت النساء تتساءل هل ابنك أبيض أم أسود.
“أفكر الآن بأن ابني سيطلق عليه لقب مولد عندما يكبر، وهذا يقلقني كثيراً، ويقلقني أكثر إن انجبت ابنة، هل ستعاني في المدرسة، وفي تكوين أسرة؟” تقول سامية بحزن.
الحرب وتأثيرها على المولدين
بحسب البحث أن هناك آراء متضاربة بخصوص تأثير الحرب على المولدين، منهم من يرى أن تأثير الحرب عليهم لا يختلف عن تأثيره على البقية، وهناك من يرى أن الحرب ضاعفت من العنصرية، وزاد حس الطبقية بين اليمنيين.
انتصار الحمادي عارضة أزياء من أم اثيوبية، وأب يمني محتجزة في سجن انفرادي في صنعاء، المدينة التي تحكمها جماعة الحوثيين. وتعتبر قضيتها مثالاً على تأثير الحرب على المولدين.
فبحسب منظمة هيومن رايتس واتش في تقريرها عن عارضة الأزياء، والممثلة انتصار الحمادي التي تقبع حالياً في سجن في صنعاء التي يسيطر عليها الحوثيون، ذكر التقرير أن انتصار قالت أنها عانت من عنصرية بسبب لون بشرتها، وأن حراس السجن وصفوها بالعاهرة، والأَمَة.
تقول فاطمة بحرقة: “هناك حكم مسبق، ونظرة عنصرية عننا كمولدات بأننا نعمل في الجنس، وأننا لسنا شريفات مثل اليمنية التي يقال أن أصلها نقي، هذا يجعلنا دائما عرضة للاتهامات، ولذلك ترفض العائلات الكبيرة زواج ابنها، أو ابنتها من مولد أو مولدة، ولكن من منّا يعرف ما هو عرقه أو أصله؟ ولو قمنا بفحص (دي إن أي) لعرفنا بأن لا أحد منّا عرقه نقي بل نحن خليط من أعراق مختلفة.. ولكن من يفهم؟”.