ماهي انعكاسات عملية الحسكة على تنظيم داعش؟
- وثائق رسمية تكشف نواب والي الشام الحاليين
- تواصل تصفية قيادات الصفوف الأولى لداعش
نفذت قوات أمريكية عمليتين عسكريتين في غضون أقل من 24 ساعة في محافظة الحسكة شمال سوريا أسفرت عن مقتل عدد من قياديي تنظيم داعش، أبرزهم أبو هشوم الأموي الذي قالت عنه الولايات المتحدة أنه نائب والي الشام، وأبو معاذ القحطاني مسؤول شؤون الأسرى والسجناء في التنظيم، في حين قُتل في عملية سابقة راكان وحيد الشمري المكنى محليا بـ “أبو حايل الحربي”، والذي عرّفته الولايات المتحدة بأنه مسؤول في تنظيم الدولة ومعروف عنه تسهيل تهريب الأسلحة والنقل السري للمقاتلين.
وقُتل “راكان الشمري” وأحد مساعديه واعتقل إثنان آخران كانا برفقته في قرية ملوك سراي جنوب مدينة القامشلي بمحافظة الحسكة فجر الخميس 06 أكتوبر/ تشرين الأول، وهي قرية تخضع أمنيا وعسكريا لقوات النظام السوري.
نفذت عملية الإنزال التي أسفرت عن مقتل الشمري سبع طائرات أمريكية، جيث عمد جنود أمريكيون إلى محاصرة المنزل الذي يعيش فيه بغية اعتقاله، لكنه قتل بعد ما أبدى مقاومة للقوات المهاجمة.
وتخضع المنطقة التي قتل فيها الشمري لسيطرة قوات النظام السوري والقوات الحليفة له في واقعة قلّما توقع أحد أن يختبئ قيادي أو مسؤول في التنظيم في قرية أو بلدة تخضع لسيطرة قوات النظام الأمنية والعسكرية، مثل قرية “ملوك سراي” بريف مدينة القامشلي بمحافظة الحسكة حيث قُتل راكان وحيد الشمري.
ولم يمض يوم كامل على هذه الحادثة لتعلن القيادة المركزية ببيان ليلة الجمعة، مقتل قياديين آخرين في تنظيم “داعش”، بضربة نفذتها في شمال سوريا، وأسفرت عن مقتل كل من “أبو هشوم الأموي”، نائب والي سوريا، ومسؤول كبير آخر في التنظيم مرتبط به قالت انه “أبو معاذ القحطاني” المسؤول عن شؤون الأسرى أو السجناء في التنظيم.
ومنذ انتهاء العمليات القتالية الكبرى بهزيمة تنظيم داعش من منطقة الباغوز في مارس/ آذار 2019، تبنى التنظيم الإرهابي استراتيجية العمل بمجموعات متنقلة فيما يعرف باسم ولاية الشام التي تضم إداريا وتنظيميا الأراضي السورية ولبنان وتركيا.
ووفق متابعة إصدارات التنظيم والعمليات العسكرية التي تنفذها قوات روسية أو سورية لملاحقته والقضاء عليه، فان التنظيم يتواجد بشكل مكثف مع مناطق نفوذ في جغرافية البادية السورية الممتدة بين محافظتي حمص ودير الزور على الحدود مع العراق، إضافة إلى انتشار دون مراكز نفوذ في ريف محافظة الحسكة، وانتشار اقل كثافة في مناطق أخرى في محافظات الرقة ودرعا وإدلب وأريافها.
ووفق مصادر خاصة لقناة أخبار الآن، ووثائق رسمية فإن نواب والي الشام الحاليين هم كل من أبو الزبير الشامي وأبو حذيفة الشامي وأبو المثنى الجزراوي وبشير العدناني، وليس بينهم من قالت عنه الولايات المتحدة انه أبو هشوم الأموي نائب والي الشام.
وتعتمد الولايات المتحدة في معظم الأحيان على مصادر محلية أو متعاونين محليين أو معلومات من معتقلين أو وثائق تصل إليها أو تستولي عليها في التعرف على قادة التنظيم وقيادييه، لكن ليس بالضرورة أن تكون جميع المعلومات دقيقة وصحيحة، وفق المصدر الذي تحدث للقناة.
ويرجح المصدر أن والي الشام الحالي هو أبو المثنى الجزراوي، أو على الأقل انه اليوم مسيّر شؤون الولاية بعد اعتقال الوالي السابق المعتضد بالله الشامي من قبل فصائل في الجيش الوطني قبل عدة أشهر مع بعض المعلومات غير المؤكدة أن المعتقل يخضع للتحقيق من قبل السلطات التركية.
لا توجد تأكيدات على ما قالت القيادة الأمريكية الوسطى أنها قتلت “نائب قائد تنظيم الدولة في سوريا”، لكنها بالتأكيد قتلت أعضاء مهمين في التنظيم منهم مثلا ما قالت انه راكان وحيد الشمري أو أبو حايل الحربي الذي كان يسهل تهريب الأسلحة والمقاتلين، وهو منصب عادي لكنه مهم لديمومة عمل التنظيم، وهو على الأغلب يتبع تنظيميا لولاية العراق ويتولى مسؤولية تهريب ونقل الأسلحة والمقاتلين على جانبي الحدود بين ولايتي الشام والعراق، وفق ما تحدث به مصدر خاص بقناتنا يعمل امنيا في أحد الفصائل وله باع طويل بالتحقيقات مع معتقلي تنظيم داعش كما يعرّف عن نفسه.
قتلت القوات الأمريكية عددا من قادة داعش في سوريا خلال عملية إنزال وبضربة جوية ليل الأربعاء والخميس، على ما أعلنت القيادة العسكرية الأمريكية.#أخبار_الآن #داعش #داعش_ضد_داعش #اعترف_بالسر #مواجهة_التطرف #سورياhttps://t.co/pmiV2Ajt3n pic.twitter.com/qenlYm5zMx
— Akhbar Al Aan أخبار الآن (@akhbar) October 7, 2022
يمكن القول، إن التنظيم بات عاجزا عن إيجاد ملاذات آمنة لإقامة كبار قياداته الذين باتوا يتساقطون واحدا تلو الآخر لأسباب منها رفض المجتمعات لهذا التنظيم وبالتالي تعاون السكان المحليين مع الجهات المناهضة للتنظيم للدلالة على المنتسبين للتنظيم والقبض عليهم أو قتلهم.
ومنذ مقتل أمير التنظيم أبو بكر البغدادي في أكتوبر/ تشرين الأول 2019 زادت عمليات قتل أو اعتقال كبار قادة التنظيم بمن فيهم اثنان من الأمراء، أبو إبراهيم القرشي البغدادي الذي هو حجي عبد الله قرداش والذي قُتل في ريف إدلب في فبراير/ شباط من هذا العام، واعتقال خليفته أبو الحسن الهاشمي القرشي الذي يُعتقد انه بشار خطاب غزال الصميدعي أو حجي زيد المعتقل في تركيا منذ نهاية أيار/ مايو الماضي ومقتل عدد من قياديي التنظيم ابرزهم ماهر العقال الذي قتل في يوليو/ تموز الماضي وعدّته الولايات المتحدة بانه أحد القادة الخمسة الأبرز في التنظيم.
لكن العمليات العسكرية الأمريكية الأخيرة في محافظة الحسكة والأسماء “غير المعروفة” لقيادات فاعلة في التنظيم، تشير إلى تعرف الولايات المتحدة على الاستراتيجيات الجديدة التي اعتمدها تنظيم داعش بتجديد قياداته الفاعلة في الصفوف المتقدمة عبر الزج بقيادات غير معروفة سابقا من الصفوف المتأخرة في مواقع المسؤولية المتقدمة.
ومن المرجح إن قيادة التنظيم لجأت إلى هذه الاستراتيجيات في محاولة منها لتجنب الملاحقات الأمنية لقياداته التي غالبا ما تعتمد على قاعدة بيانات حصلت عليها الولايات المتحدة أو التحالف الدولي سواء بالإنزالات الجوية واعتقال قيادات ومصادرة ما يمتلكون من وثائق، أو من خلال متعاونين من الفصائل السورية أو الأجهزة الأمنية والمخابراتية للدول مثل العراق أو غيره.
وعلى ما يبدو، فإن تساقط قيادات التنظيم من الصفوف الأولى والثانية وضعت التنظيم في حالة إرباك جعلته يُحجم عن الاعتراف باعتقال ما يُعتقد أنه أمير التنظيم بشار خطاب غزال الصميدعي المعروف باسم حجي زيد، أو الإعلان عن خليفة جديد، ما يقود للقول بان التنظيم سيتجه لإدارة ولاياته إدارة لا مركزية يصبح فيها دور خليفة التنظيم أو أميره دورا اعتباريا لا قيمة تنظيمية له، مع احتمال أن لا يكون هناك تعيين لخليفة جديد على الأقل في المرحلة الراهنة، وتولي ولاية الشام التي تمثل اليوم الولاية المركزية للتنظيم قيادة فروع التنظيم الأخرى.
وفي خضم حملات الاعتقال والقتل والاختراقات الأمنية لقيادات الصفوف المتقدمة وزيادة وتيرتها في الأشهر الأخيرة، لجأ التنظيم لأسماء جديدة قد تكون غير مدرجة في قاعدة البيانات المتوفرة لدى التحالف وأجهزة المخابرات الإقليمية، أو إن المعلومات المتوفرة عنها هي معلومات عادية لا تشير إلى إمكانية أن يكون هؤلاء قادة أو في مواقع المسؤولية المتقدمة، لذلك بدت الأسماء التي أعلنت عنها الولايات المتحدة غير معروفة إلى حد ما، وهذا لا يعني أن التحالف تجنب الكشف عن الحقيقة إنما يعني أن الرأي العام ومراكز التفكير والباحثين والمهتمين لم يتعرفوا بعد على الاستراتيجية الجديدة للتنظيم.