سوريا الديمقراطية تواصل عملياتها ضد داعش في مخيم الهول

  • وقوع 28 جريمة قتل الفترة الماضية
  • خلايا داعش تحاول لملمة نفسها والسيطرة على المخيم
  • خطة دولية لتفكيك المخيم

لم تحُدُّ الحملات الأمنية التي نفذتها قوات سوريا الديمقراطية، منذ انهيار داعش على أعتاب بلدة “الباغوز” في وادي الفرات، الانفلات الأمني والفوضى و مسلسل الاغتيالات في مخيم الهول، الذي يُوصف بأنه الأخطر في العالم .

ويُرجح المراقبون والباحثون في شؤون الجماعات الإرهابية استمرار آلة القتل بحق القاطنين في دويلة الهول لحزمة أسباب، يتصدرها الدعم الكبير الذي يحصل عليه التنظيم داخل المخيم من الأموال والأسلحة التي عبدت الطريق لسيطرته  الكاملة على الهول بقيضة من حديد.

ومع تعاظم خطورة خلايا داعش في مخيم الهول ارتأت قوات سوريا الديمقراطية شن الحملة الأمنية الثالثة المسماة (الإنسانية والأمن) التي انطلقت منذ 25 من الشهر الفائت سبقتها عمليتان امنيتان الاولي كانت في حزيران 2020و الثانية كانت في اذار 2021.

الحملات الأمنية .. لماذا لا توقف مسلسل القتل في "مخيم الهول"

قوات سوريا الديمقرطية في مخيم الهول

إدارة المخيم أعلنت في منتصف يوليو الماضي حصيلة جرائم القتل في الهول منذ مطلع العام ووثقت وقوع 28 جريمة قتل منها 12 شخص من الجنسية السورية و14 من الجنسية العراقية بينهم سيدتين مجهولتي الهوية  إضافة إلى 15 محاولة قتل فاشلة .

فيما أحصت الأمم المتحدة في بيان مقتضب تابعته أخبار الآن في يوليو الماضي حدوث 100 جريمة خلال 18 شهرا.

فرق داعش تجوب مخيم الهول

واكبت أخبار الآن تطورات الحملة الأمنية لقوات سوريا الديمقراطية داخل مخيم الهول والتي انتهت في 17 أيلول فيما لازالت ترتيبات جديدة من قبل إدارة المخيم تنفذ لمنع الذئاب الرمادية لداعش أن تنفذ أحكام التنظيم بحق المخالفين لفكره.

واعتقلت القوات الأمنية بحسب الحصيلة النهائية  لحملة الإنسانية والأمن التي نشرتها قوات سوريا الديمقراطية على موقعها الالكتروني 226 من خلايا داعش بينهم 36 سيدة ارتكبن جرائم القتل والترهيب في المخيم، وعثروا  على 25 خندقاً ونفقاً  و25 كغ من المواد المتفجرة((  تي ان تي )) ومسدسات وكواتم صوت واسلحة قاذفة وقنابل يدوية وأجهزة اتصالات ومخازن أسلحة وبذات عسكرية عائدة للجيش التركي  كما حصلت اشتباكات  بين خلايا داعش وبين القوات الأمنية في المخيم  وارتقاء  عدد من قوات الكوماندوز التابعة لقسد خلال تلك العملية كما حررت فتاتان ايزدياتان كانتا قد خطفتا منذ 2014 من سنجار في العراق على يد التنظيم إبان سيطرته على سهل نينوى وسنجار الموطن الأصلي لأيزديي العراق. ..

الحملات الأمنية .. لماذا لا توقف مسلسل القتل في "مخيم الهول"

حملة تفتيش في المخيم بحثا عن أسلحة وعتاد

وتعليقاً على نتائج  الحملات والعمليات الأمنية الأخيرة  لفت مدير المركز الإعلامي لوحدات حماية الشعب سيامند علي إلى أن قوات سوريا الديمقراطية تواصل ملاحقة خلايا داعش في شرق الفرات وداخل المخيمات المخصصة لعائلات التنظيم وتحقق نتائج جيدة في ردع الإرهاب المسلح الذي ينشط في البوادي السورية وتنفذ عمليات استنزاف لمقدرات البلاد وقتل الأبرياء.

وانتقد علي في حديث لأخبار الآن تخاذل المجتمع الدولي ودوره الخجول حيال تسوية ملف الإرهاب في شمال شرق سوريا سواء داخل السجون أو داخل المخيمات لاسيما المخيم الذي تقطنه عائلات التنظيم منذ انهيار دولته المزعومة في اذار 2019 ونقلهم لأسر مقاتلي داعش على عجالة إلى داخل المخيم الذي وفر لهم بيئة لممارسة شرائع التنظيم وتحويل المخيم لدويلة إرهاب ..

الحملات الأمنية .. لماذا لا توقف مسلسل القتل في "مخيم الهول"

ومن جانبها كشفت روسيتا وهي ناجية أيزيدية كانت قد حررت في منتصف يونيو الماضي من مخيم الهول عن وجود فرق لخلايا داعش تجوب  خلال ساعات الليل في المخيم وهي تقتل الرافضين لشريعته ولأوامره وأضافت الشابة الايزيدية أن رجال ونساء داعش يرتدون اللباس الأسود الذي فرضه التنظيم على النساء وقالت :” الدواعش يفرضون أتاوات شهرية على سكان المخيم كما أن جهاد النكاح يمارس من قبل النساء الداعشيات اللواتي يضعن أرحامهن في خدمة التنظيم من خلال انجاب المزيد من المقاتلين المستقبليين لأحياء دولته من جديد”.

الحملات الأمنية .. لماذا لا توقف مسلسل القتل في "مخيم الهول"

كيف يمول داعش نفسه في الهول؟

فكرة التمويل الذاتي من فرض الإتاوات وإدارة شبكات تهريب البشر هي من أدوات تنظيمات الإسلام السياسي، ومنها تنظيم داعش الذي يتخذ من فرض الضرائب على قاطني المخيم، وبحسب الباحث المصري “منير أديب” المتخصص في شؤون المجموعات الإرهابية، فإن الأموال التي تجمع من شبكات التهريب من المخيم إلى منطقة رأس العين، والتي تتعدى مبلغ 100 ألف دولار لقاء تهريب ثلاثة من عائلات التنظيم ، هي تقدم للتنظيم أموالًا طائلة يستخدمها في تجنيد المزيد من الموالين، وعلى عملياته الإرهابية في المخيم أو خارجه، سواءً ضد قوات سوريا الديمقراطية أو قوات النظام السوري.

الحملات الأمنية .. لماذا لا توقف مسلسل القتل في "مخيم الهول"

ومن جانبه أشار الصحفي المتخصص في شؤون الإرهاب “أحمد محمد” إلى المساعدات المالية، التي تقدمها المنظمات الإنسانية التابعة للأمم المتحدة لعائلات داعش وهي تشكل أحد النوافذ التي يحصل منها داعش على تمويله.

أحمد أضاف في حديثه لـ“أخبار الآن” أن خلايا داعش ترهب قاطني المخيم، وتهددهم بالقتل والجلد وقطع الأيدي والأرجل وحز الرؤوس إن امتنعوا عن تمويلها عبر إتاوات يفرضها على سكان الهول، وعلى المحال التجارية في سوق المخيم كما تنتشر مكاتب التحويل في مخيم الهول التي تحول منها لقاطني المخيم الأموال من الخارج فتستولي عليها خلايا داعش بالتهديد.

صعوبة السيطرة على المخيم

يعتقد “زانا عمر” الصحفي المتخصص في شؤون الجماعات الإرهابية، أن الحملات الأمنية في المخيم هي خطوة جيدة لضبط الأمن واعتقال المطلوبين، لكنها غير كافية وذلك لأسباب يعزيها  لأخبار الآن؛ إلى الأعداد الهائلة للقاطنين في المخيم، ومنها متعلقة باستراتيجيات داعش في المناورة والاختفاء وقدرته الكبيرة في تجنيد المزيد من الموالين داخل المخيم الذي تسكنه أسر مقاتلي التنظيم ممن لهم معتقل في السجون، أو لديهم قتيل أو مفقود ويتقن تنظيم داعش إثارة عواطف حاضنته من المريدين لتجنيدهم في صفوفه.

ومن جهة أخرى وضح “سيامند علي” المسؤول الإعلامي لوحدات حماية الشعب أن :” الهول هو عبارة عن مخيم وليس معتقل؛ لذا نراعي الحالة الإنسانية التي تعد أحد أهم أسباب عدم ضبط المخيم أمنيًّا لذا نحاول خلق التوازن بين تخفيف الفوضى والإرهاب من جهة، والوضع الإنساني لقاطني المخيم من جهة أخرى، كما أن المساحة الواسعة للمخيم وافتقار قوات سوريا الديمقراطية للتقنية الأمنية المتطورة كما في دول الخارج، يصعب المهمة بالإضافة إلى دور بعض المنظمات الإنسانية السلبية في مساندة خطط داعش، ناهيك عن الأعداد العالية للمتواجدين في المخيم والذي يقارب الستين ألف شخصًا، وهو يعادل سكان مدينة بأسرها يصعب ضبطها”.

الحملات الأمنية .. لماذا لا توقف مسلسل القتل في "مخيم الهول"

فيما نبَّه الصحفي الكردي زانا عمر من أعداد اليافعين في المخيم دون سن 18 كثيرة جدا، لاسيما مع تشجيع داعش لنسائه إنجاب المزيد من الأطفال سواءً من تعدد الزوجات أو من زيجات جهاد النكاح وقال :” تعدد الزيجات ظاهرة متأصلة في المجتمعات ذات الطابع العشائري التي ينحدر منها القاطنون في المخيم (السوريون – العراقيون) لذا دائما هناك إنتاج لجهاديين محتملين، وبشكل مستمر ولو دققنا في المعدلات العمرية ممن يقومون بأعمال العنف في المخيم، هو ما يتراوح بين 13-18 عاما أي أن هذه الفئة العمرية منذ ظهور داعش في 2014  قبل عشر سنوات، كانوا أطفالًا بعمر 3 و 2 سنه و المراد قوله هنا أن إنتاج الجيل الجديد للجهاديين في المخيم، يحمل صفة الاستمرارية والديمومة وبالتالي العمليات الأمنية لقسد ستشن  لتواجه أجيالا جديدة  من الجهاديين”.

وأشار زانا إلى أسباب تقنية منها ما يتعلق بشح الدعم المقدم (التقني – المالي) من قِبَل المجمع الدولي و التحالف الدولي لإدارة المخيم و قوات سوريا الديمقراطية و القوى الأمنية والتي لا تفي بتحقيق الأهداف؛ لضبط المخيم بقبضة حديدة  رغم خبرتها في مواجهة داعش، وهو ما يساعد و يعوض الشح في الدعم وضمان عدم خروج الأمور عن السيطرة أكثر.

الحملات الأمنية .. لماذا لا توقف مسلسل القتل في "مخيم الهول"

قوات سوريا الديمقراطية تعثر على أسلحة ومتفجرات في المخيم

وبالمقابل اتهم “أحمد محمد” مراسل وكالة هاوار الناطقة باسم الإدارة الذاتية منظمات إنسانية بضلوعها في تهريب أسلحة وأموال عبر الشاحنات، التي تستخدمها لنقل المواد الإغاثية وإدخالها لمخيم الهول، وتهريب عوائل التنظيم من المخيم باتجاه مناطق الاحتلال التركي مستغلة صفتها كمنظمات تعمل خلف ستار الأمم المتحدة والتي تمنحها حصانة عدم تفتيش السيارات التابعة لها أثناء دخول وخروجها من الهول.

وبدورها كشفت قوات سوريا الديمقراطية في بيان تابعته “أخبار الآن” على ثلاثة مصادر يستقي منها تنظيم داعش الحصول على حاجته من الأسلحة والأموال وتهريب نسائه وأطفالها، متهمة بعض موظفي المنظمات تسهيل دخول الدعم للخلايا، وبشكل خاص منظمة بهار للشؤون الإنسانية، وعن المصدر الثاني والثالث قالت :”الأسلحة الفردية والقنابل التي أخفتها نساء التنظيم وأطفاله بين حوائجهم وملابسهم خلال نقلهم من الباغوز للهول، حيث لم تساعد التقنيات الأمنية المتوفرة وكذلك الظروف اللوجستية والأمنية الصعبة في تلك الفترة والعدد الكبير للنساء والأطفال وحوائجهم في كشفها حينها، الثالث، استغل التنظيم الإرهابي الإمكانات المادية المقدمة في صناعة الأسلحة الحادة كالخناجر والسكاكين والهراوات وأجهزة التعذيب المروّعة لترهيب القاطنين، ودفعهم للاستسلام”.

وعثر داخل المخيم على كميات هائلة من الأسلحة من بعضها قاذفات (آر بي جي) وقنابل وأسلحة كانت تدخل ضمن خطة تنظيم داعش، تفجير المخيم بحسب ما كشف سيامند علي وأضاف :” داعش كان  يسعى للانطلاق من مخيم الهول وتحويله  لقنبلة كانت ستفجر المنطقة كما أراد أن ينفذها إبان أحداث سجن غويران وتزامنت حملتنا الأمنية في الهول مع تفكيك قواتنا لشبكات داعش في تل حميس سعت هي الأخرى لتنفيذ عمليات إرهابية في مدن الشمال السوري خاصة مدينة القامشلي”.

 

 من يحكم الهول؟

وخلال عملياتها الأمنية اعتقلت قوات سوريا الديمقراطية أعدادًا كبيرة من النساء في الهول، وهو ما يشير حسب اعتقاد “اديب منير” أن نساء داعش هن المتحكمات في إدارة وحكم دويلة الهول وارتكاب العمليات الإرهابية، من قتل وتعذيب وسجن وخطف وتجنيد المريدين للتنظيم ويحكمن بشريعة داعش عبر جهاز الحسبة الذي يمارس عمله حتى اليوم .

الأمر الذي أكده مدير المركز الإعلامي لوحدات حماية الشعب ((سيامند علي)) وأضاف:” اعتقلت قواتنا في آخر عملية 36 داعشية كون النساء يحكمن الهول وقد اشتبكن في أوقات سابقة في عمليات مسلحة ضد القوات الأمنية للمخيم وهن يشرفن على تربية من يسميهم داعش بأشبال الخلافة وتدريبهم خلال الأوقات المتأخرة من الليل في مخيمات مهملة حولتها النساء لمراكز تدريب فكري وحتى عسكري”.

ونوه سيامند إلى أن الحملات الأمنية لا تقضي على داعش نهائيا؛ إلا أنها تقلل من خطورته في المخيم خاصة على المخالفين لفكره، محذرا من تصاعد نشاط  داعش وخطورة عودته بشكل أعنف أمان تخاذل المجتمع الدولي”.

وحمل سيامند حكومات الدول التي قدم منها جهاديو داعش إلى سوريا والعراق، وغضها الطرف عن تسوية هذا الملف وترك أعبائه تتحمله قوات سوريا الديمقراطية بمفردها منوهًا أن حل هذا الملف يحتاج إلى دعم وإمكانات دولية لا تملكها قسد.

الحلول

تفكيك دولة الخلافة بعد معارك تحرير الباغوز آخر رقعة جغرافية سيطر عليها التنظيم في سوريا  لا تعني انتهاء داعش، فهو لايزال يحيا في مخيم الهول، حسبما تحدث منير أديب الصحفي المتخصص في شؤون المجموعات الجهادية المتطرفة الذي يرى أن الحل في القضاء على الإرهاب في الهول عبر تفكيك المخيم، كون المتحكمون سواءً في المخيمات او داخل السجون، بحسب أديب هم أنفسهم الدواعش وهي بمثابة مراكز تدريب  أمني وعسكري وإعداد روحي؛  لذا فالحل العملي يكمن في تفكيك هذه المخيمات .

وبعد سلسلة لقاءات دبلوماسية بين مسؤولين من الجانب العراقي ومسؤولين غربيين بحثوا قضايا أمنية  تصدرها ملف مخيم الهول؛ أعلن((قاسم الأعرجي)) مستشار الأمن القومي العراقي، عن اتفاق دولي لتفكيك مخيم الهول دون التطرق إلى تفاصل عن ماهية الدول الموقعة للاتفاق أو الجدول الزمني لتنفيذ بنود الاتفاق.

وفي وقت سابق من شهر أيلول الماضي طالب “مايكل كوريل” قائد القيادة المركزية الأمريكية، بتسوية أزمة مخيم الهول، طالبا ومشددا أن الحل الوحيد يكمن في إعادة قاطني المخيم لبلدانهم، وإعادة تأهليهم لدمجهم في المجتمعات التي أتوا منها.

فيما أطلقت قوات سوريا الديمقراطية نداءات ووجهت دعاوى لحكومات الدول التي قدم منها مقاتلي وعوائل التنظيم  باستعادة كل دولة مواطنيها من الدواعش ومحاكمتهم وإعادة تأهيلهم، محذرة  في الوقت نفسه من الخطورة التي يمثلها المخيم ليس فقط على المنطقة بل على العالم بأسره.