مصطفي مدبولي: منذ عام 2011 عانت مصر لعدد من السنوات من انخفاض في النمو وارتفاع معدلات البطالة

أكد رئيس مجلس الوزراء الدكتور مصطفى مدبولي اليوم الأحد، أن عقد المؤتمر الاقتصادي “مصر 2022” جاء إدراكا من القيادة السياسية في مصر بأهمية وضع خارطة طريق لمستقبل الاقتصاد المصري، تشارك فيها كافة الأطراف ليست فقط الحكومة بل كل “الخبراء والمتخصصين ومجتمع رجال الأعمال والأحزاب السياسية”.

وقال الدكتور مصطفى مدبولي – خلال كلمته في الجلسة الافتتاحية للمؤتمر الاقتصادي “مصر 2022” بحضور الرئيس عبد الفتاح السيسي – “إن المؤتمر الاقتصادي يأتي في خضم أزمة عالمية لم تشهدها دول العالم منذ الحرب العالمية الثانية”، مشيرا إلى أن كافة الحكومات المتقدمة والقوية اقتصاديا والدول الناشئة تصارع من أجل النجاة وضمان الاستقرار.

الحكومة المصرية في المؤتمر الاقتصادي: مررنا بـ5 أزمات والحالية الأصعب منذ الحرب العالمية الثانية

وأضاف أن مصر ليست بمنأى عن دول العالم، بل بالعكس مصر صنفت من قبل كل المؤسسات الدولية كواحدة من الدول التي كانت أكثر تأثرا بالأزمة العالمية الضخمة.

وتابع أنه من هنا جاء تكليف الرئيس عبد الفتاح السيسي للحكومة بتنظيم المؤتمر الاقتصادي؛ لمناقشة أوضاع ومستقبل الاقتصاد المصري والخروج بخارطة طريق واضحة لهذا الاقتصاد خلال الفترة القادمة.

وقال رئيس مجلس الوزراء الدكتور مصطفى مدبولي إن خارطة الطريق يجب أن تشمل جزءين، الأول التعافي من الأزمة قصيرة الأجل “الأزمة العالمية”، يلازمها حلول لبعض المشاكل المزمنة الموجودة لدينا، وحلولها تحتاج إلى تحرك على المدى المتوسط وطويل الأجل.

الحكومة المصرية في المؤتمر الاقتصادي: مررنا بـ5 أزمات والحالية الأصعب منذ الحرب العالمية الثانية

تداعيات ثورة يناير

وأشار رئيس الوزراء الدكتور مصطفي مدبولي، إلى أنه منذ عام 2011 عانت مصر لعدد من السنوات من انخفاض في النمو وارتفاع معدلات البطالة وتفاقمت هذه المشكلات؛ بسبب العجز المالي الكبير والدين العام المتزايد والهشاشة الخارجية التي اتضحت بفقدان الاحتياطي النقدي الأجنبي.

واستعرض مدبولي الخسائر التي تكبدها الاقتصاد المصري نتيجة لعدم الاستقرار السياسي وما صاحبه من أعمال إرهابية شهدتها مصر على مدار السنوات الماضية، والتي تقدر بـ 477 مليار دولار، موضحا أن الاحتياطي خسر 20.3% في الفترة ما بين 2011 إلى 2013، وكذا خسائر القطاع السياحي التي وصلت إلى 32%، ووصول متوسط معدل البطالة إلى 13%، وغيرها.

وأضاف أنه خلال الفترة ما بين فبراير 2011 إلى مايو 2013، انخفض تصنيفنا الائتماني 6 مرات، مشددا على أنه في المجمل واجهت الدولة المصرية وضعا اقتصاديا كارثيا، لافتا إلى أن استمرار تلك الأوضاع كان سيؤدي إلى مخاطر شديدة ينعكس أثرها على الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية.

وتابع أن الدولة المصرية استجابت في 2015 لهذه التحديات وهي وضع حلول جذرية، “حيث قمنا بعمل مؤتمر 2015 بعنوان (مصر المستقبل) والذي وضع 3 محاور وهي استعادة استقرار الاقتصاد الكلي، ومشروعات قومية لتبني البلد، وتحسين بيئة الاستثمار، وقامت الدولة المصرية في 2016 بالإصلاح الاقتصادي وبدأ الاقتصاد المصري في التصاعد.

وقال رئيس مجلس الوزراء الدكتور مصطفى مدبولي “إن الأهم أن هذه الفترة شهدت بدء جائحة كورونا، واستمرت عامين وبعدها بدأت الأزمة الروسية الأوكرانية، ومع ذلك فإن السنة المالية الماضية في يونيو 2022 كانت نسبة نمو الاقتصاد المصري 6.6%، ومتوسط تلك الفترة كلها 5.3%، مقارنة بـ 4.4% في الفترة السابقة، و2.3% في فترة ما قبل 2016”.

وأضاف مدبولي “أن البنك الدولي ورغم كل التحديات الموجودة ذكر – في أخر تقرير له – أن مصر من المتوقع أن تحقق معدل نمو في حدود 4.8 % في عام 2022 /2023 كأعلى معدل نمو بين أهم اقتصاديات منطقة الشرق الأوسط وإفريقيا”.

وأشار إلى أنه على الرغم من الزيادة السكانية التي استمرت خلال 10 سنوات في الفترة من 2011 إلى 2021، حيث زاد السكان 21 مليون نسمة وهو ما يعادل حجم المواليد في 6 دول أوروبية كبرى، ولكن زيادة نصيب الفرد من الناتج ارتفع من حوالي 2700 دولار إلى ما يقرب من 4000 دولار عام 2021.

ولفت رئيس مجلس الوزراء إلى أن صندوق النقد الدولي أشار – في تقريره – إلى أنه رغم كل التحديات من المتوقع أن يرتفع نصيب الفرد من الناتج المحلي الإجمالي إلى 4800 دولار في 2025، مع المشروعات التي تعمل عليها الدولة حاليا.

ونوه مدبولي بأن مصر حققت أعلى معدلات تشغيل منذ 30 عاما ونجحت في تخفيض معدل البطالة إلى أدنى مستوياته، بالرغم من أن قوة العمل زادت مع الزيادة السكانية.

وقال إنه في 2013 كانت نسبة البطالة 13% عندما كانت قوة العمل 28.4 مليون عامل، ووصلنا في 2021 إلى معدل 7.2% وقوة العمل تقترب من الـ 30 مليون عامل.

وأكد رئيس مجلس الوزراء الدكتور مصطفى مدبولي أن مصر استطاعت أن تخفض معدل البطالة، مشيرا إلى أن صندوق النقد الدولي توقع أن مصر ستخفض معدلات البطالة إلى ما دون الـ 7% على مدار الأربع أو الخمس سنوات القادمة لتصل إلى 6.7%.

وقال مدبولي “إن مشروعات الأمن الغذائي وقدرتها على حفظ الاستقرار ودفع عجلة الاقتصاد المصري ساعدت على تخفيض التضخم منذ بدء الأزمة العالمية، فمع بدء ارتفاع معدلات التضخم في النصف الثاني من 2021، كان التضخم في مصر أقل من 10% حتى نصف العام الجاري.

وقال مدبولي “إن دين الدول وصل إلى 103% و100% في 2016 و2017 وبدأنا نأخذه كمسار تنازلي، ووصلنا قبل كورونا إلى 80 و81%، مشيرا إلى أنه كان من المتوقع النزول إلى دون 75% لنصبح كأي دولة مستقرة وليس لديها مشكلة دين.

وأوضح أن حجم الدين الخارجي للناتج المحلي الإجمالي منذ بداية الثمانينيات وصل إلى 150% من الناتج المحلي الإجمالي، حيث تم الاتفاق في عام 1991 مع نادي “باريس” وعدد من الدول العربية بموجبه تم تخفيض حجم الدين الخارجي الكبير لمصر 43 مليار دولار أمريكي، وتم إسقاطه في برنامج زمني يتم تنفيذه حتى الآن، وجزء منه مبادلة الديون بالاستثمارات مع بعض الدول الأوروبية.

 

أزمات متعاقبة

أكد مدبولي أن مصر مرت خلال الفترة الماضية وخاصة خلال الـ10 سنوات الماضية بـ 5 أزمات كل واحدة منها كانت كفيلة بإسقاط وانهيار أي دولة سواء في 2011 / 2013 / 2018 وأزمة الأسواق الناشئة، و”كوفيد 19″، والأزمة الروسية الأوكرانية، لكن بالرغم من كل هذا دخلت مصر في مركز قوي على نحو استثنائي مكنها خلال جائحة كورونا أن تقاوم وتنجح لكن بتكلفة، وتمكننا من الخروج وحققنا نسب نمو موجبة، بالرغم من أن أغلب الدول المثيلة لنا في المنطقة كانت تحقق في هذا الوقت نسبا سالبة.

وقال رئيس مجلس الوزراء الدكتور مصطفى مدبولي “إننا في النصف الأول من عام “2021- 2022” وصلنا لنسبة نمو 9%، وهذا كان مؤشر لتعافي الاقتصاد المصري وكان آخر تصريح من “فاينانشال تايمز” أن مصر نجت من الانكماش العالمي أفضل بكثير بالمقارنة مع عدد من الدول”.

وأضاف مدبولي أنه بوقوع الأزمة (الروسية – الأوكرانية) واجهت مصر والعالم كله أزمة اقتصادية كان من نتائجها تباطؤ معدل النمو الاقتصادي على مستوى العالم، والذي لم يحدث منذ 40 عاما.

وتابع “إننا حرصنا في إعداد المؤتمر على رصد ما يكتب عن الأوضاع في مصر في الخارج، حيث وجدنا أنه تمت كتابة 1424 تقريرا ومقالة في شهرين فقط، كما تم عمل استطلاع رأي من خلال مجتمع الأعمال شمل 1600 منشأة أكدت أن أهم مشاكلنا الحالية “معوقات التصدير، تيسير الإجراءات، زيادة فرص التصدير، زيادة الإنتاج المحلي، إعادة فتح المصانع، معوقات الاستيراد”.

وأوضح أننا يمكن أن نلخص الأزمة في مصر في مجموعتين من التحديات، الأولى هي تحديات فرضتها علينا الأزمات العالمية منها السيولة النقدية الأجنبية والتضخم وارتفاع مستويات الأسعار وزيادة حجم المديونية والدين الخارجي ونقص مستلزمات الإنتاج، وهذه التحديات للخروج من الأزمة على المدى القصير وتم تخصيص جلسات لمناقشة هذا الموضوع.

ونوه بأن هناك تحديات أخرى هيكلية مزمنة في الاقتصاد المصري بعضها راجع لعام 1982 منها ارتفاع معدلات الزيادة السكانية، وانخفاض مشاركة القطاع الصناعي، والدين الخارجي وكيفية التحرك فيه، واستمرار عجز الميزان التجاري نتيجة تضاؤل نسبة الاستثمار الأجنبي بالمقارنة بالناتج، وتذبذب مشاركة القطاع الخاص في النشاط الاقتصادي.

وشدد مدبولي على أن الدولة وضعت أهدافا محددة، مشيرا إلى أن الهدف من خلال الجلسات هي عرض كل مسئول لرؤيته وترك المجال الأكبر للخبراء والسياسيين والاقتصاديين؛ للمساعدة في التوافق على خارطة طريق واضحة لكل هذه المشاكل.

الحكومة المصرية في المؤتمر الاقتصادي: مررنا بـ5 أزمات والحالية الأصعب منذ الحرب العالمية الثانية

وكشف عن أن هناك أهدافا نعمل عليها منها زيادة الصادرات لـ 100 مليار، وزيادة إيرادات السياحة لـ 30 مليار دولار، وبرنامج جديد مع صندوق النقد الدولي، حيث تم وضع آليات متنوعة لتعظيم مشاركة القطاع الخاص في النشاط الاقتصادي، وتدشين حزمة من إجراءات الحماية الاجتماعية بتوجيه من الرئيس السيسي بضرورة استمرار الدولة في حماية المتأثرين بأي أعباء اقتصادية.

وأشار رئيس الوزراء إلى أنه سيتم مناقشة- خلال المؤتمر- التغلب على الأزمات الموجودة الآن، والتوسع في تمويل المشروعات القومية من خلال آلية الشراكة مع القطاع الخاص وتطوير البورصة والأسواق المالية، فضلا عن تعميق الصناعة، وتوفير مستلزمات الإنتاج، والعمل على إلغاء الاعتمادات المستندية خلال الفترة المقبلة، حيث لدينا رؤية لهذه القضايا، ولكن الأهم أن نتوافق في أخر المؤتمر على خارطة طريق نبدأ في تنفيذها في الفترة القادمة.

وأكد مدبولي- في ختام كلمته- أن هدف المؤتمر عدم التجادل في الماضي، والأهم من ذلك الاتفاق معا على خارطة طريق لقطاعات الاقتصاد المصري؛ لتترجم لخطط تنفيذية تسهم في استمرار واستقرار الدولة.