شيخ الأزهر يطلق دعوة لحوار “إسلامي إسلامي”
- البابا فرنسيس يدعو لنشر ثقافة التعايش
في ختام ملتقى البحرين، وجّه شيخ الأزهر الإمام أحمد الطيب نداءً إلى علماء الطائفة الشيعية لعقد حوار إسلامي-إسلامي بهدف نبذ “الفتنة والنزاع الطائفي”.
وتوجّه الطيب في كلمة ألقاها في ختام ملتقى البحرين للحوار “الشرق والغرب من أجل التعايش الإنساني”، في حضور البابا فرنسيس في ميدان صرح الشهيد في قصر الصخير الملكي، “بنداء إلى علماء الدين الإسلامي في العالم كله على اختلاف مذاهبهم وطوائفهم ومدارسهم، إلى المسارعة بعقد حوار إسلامي إسلامي جاد، من أجلِ إقرار الوحدة والتقارب والتعارف (…) تُنبَذ فيه أسباب الفرقة والفتنة والنزاع الطائفي على وجه الخصوص”.
وقال إمام الأزهر، المؤسسة السنيّة الأكبر في العالم، “هذه الدعوة إذ أتوجه بها إلى إخوتنا من المسلمين الشّيعة، فإنني على استعداد، ومعي كبار علماء الأزهر ومجلس حكماء المسلمين، لعقد مثلِ هذا الاجتماع بقلوب مفتوحة وأيد ممدودة للجلوس معا على مائدة واحدة”.
وحدد إمام الأزهر هدف الاجتماع بـ”تجاوز صفحة الماضي وتعزيز الشأن الإسلامي ووحدة المواقف الإسلامية”، مقترحا أن تنص مقرراته “على وقف خطابات الكراهية المتبادلة، وأساليب الاستفزاز والتكفير، وضرورة تجاوز الصِراعات التاريخية والمعاصرة بكلِّ إشكالاتها ورواسبها السيئة”.
كما شدد على ضرورة أن “يحرّم على المسلمين الإصغاء لدعوات الفرقة والشقاق، وأن يحذروا الوقوع في شرك العبث باستقرار الأوطان، واستغلال الدين في إثارةِ النعرات القومية والمذهبية، والتدخل في شؤون الدول والنيل من سيادتها أو اغتصاب أراضيها”.
وأضاف أن الصراع الذي تعيشه الإنسانية اليوم في الشرق والغرب، ثماره مرة على إنسان القرن الحادي والعشرين: حروبا ودماء وتدميرا وفقرا، بل ثكلا ويتما وترملا وتشريدا، ورعبا من مستقبل مجهول، غير أن من المهم الإشارة إلى أن سبب هذه المآسي هو غياب ضابط العدالة الدولية الذي وضعه الله قانونا لاستقرار المجتمعات، وتحقيق توازن الإنسان: جسدا وروحا على هذه الأرض، وإلا تحولت المجتمعات الإنسانية إلى ما يشبه مجتمعات الغاب والأحراش.
وقال شيخ الأزهر في كلمته، إن الكارثة البيئية من صنع الإنسان، والمتابع للميزانيات الهائلة المطلوبة لتجاوز أزمة المناخ، يصاب برعب شديد.
وأضاف ما يجب على علماء الأديان فعله أمام هذه الحالة التي وصل إليها كوكبنا هو أن نبلغ صرختنا إلى أولي الثراء بأن يفكروا بمصير الجميع للتصدي للكارثة.
وجدد شيخ الأزهر النداء للاستمرار بالحوار الإسلامي المسيحي، مشيرا إلى أن به يمكن أن نتحول بوثيقة الأخوة الإنسانية من الإطار النظري إلى الإطار العملي.
من جانبه شدد البابا فرنسيس على ضرورة عدم نسيان الماضي، والعمل على نشر العدالة الاجتماعية والسلام وثقافة التعايش، والتغلب على العداء وسوء فهم الآخر.
ودعا البابا فرنسيس إلى نشر ثقافة التعايش والحوار، مؤكدا ضرورة تعزيز ثقافة التسامح ونبذ الكراهية، لأن التطرف خطر يفسد الدين الحقيقي.
ندّد البابا فرنسيس في اليوم الثاني من زيارته الى البحرين بمنطق “الكتل المتعارضة” بين الشرق والغرب والتي تجعل العالم في “توازن هشّ”، مؤكداً إصراره على خيار الحوار كبديل عن “المواجهة”.
جاءت الزيارة، وهي الثانية للبابا إلى شبه الجزيرة العربية منذ رحلته التاريخية إلى الإمارات عام 2019، في إطار ملتقى البحرين للحوار “الشرق والغرب من أجل التعايش الإنساني”، الذي حضره قرابة مئتي شخص من مسؤولين ورجال دين بارزين من الشرق الأوسط.
وأضاف البابا فرنسيس إنّ “عددا قليلا” من أصحاب النفوذ يخوضون صراعاً من أجل “المصالح الخاصة، يحيون اللغات القديمة ويعيدون رسم مناطق النفوذ والكتل المتعارضة”.
وأضاف “للأسف الشرق والغرب يشبهان بصورة متزايدة بحرين متخاصمين، لكن نحن هنا معا لأننا عازمون على الإبحار في البحر نفسه واختيارنا هو طريق اللقاء بدلا من طريق المواجهة، وطريق الحوار الذي يشير إليه هذا المنتدى”.
ونبّه البابا مما وصفه بأنه “سيناريو مأساوي”. وقال “نلعب بالنار وبالصواريخ والقذائف وبأسلحة تسبب البكاء والموت ونغطي البيت المشترك بالرماد والكراهية”.
يكرر البابا انتقاده للنزاعات التي تغزو العالم واللجوء الى لغة السلاح والتهديد باستخدام السلاح النووي، على وقع الغزو الروسي لأوكرانيا الذي دخل شهره التاسع ويعارضه بشدة.
في كلمة ألقاها في مسجد القصر الملكي بعد ظهر الجمعة، شدّد البابا فرنسيس على أن “إله السلام لا يقود أبداً إلى الحرب ولا يحرّض أبداً على الكراهية” مندداً بالذين “يؤمنون بأساليب القوة ويدعمون العنف والحرب وتجارة السلاح وتجارة الموت” في إشارة ضمنية الى بطريرك الأرثوذكس الروس كيريل، الداعم لغزو روسيا لأوكرانيا.