صمود الموصل أمام محاولات داعش لطمس هويتها
- تتركز حملة الإعمار في المدينة على جهود أبنائها وإصراراهم على عودة الحياة فيها
- تقوم منظمة اليونسكو بحملة كبيرة لإعمار أهم المعالم الأثرية في مدينة الموصل
في الذكرى الخامسة ليوم النصر على تنظيم داعش الإرهابي، والتي تُصادف التاسع من ديسمبر، لاتزال عجلة الإعمار بطيئة في مدينة الموصل.
ففي مثل هذا اليوم من عام 2017 أعلن رئيس الوزراء العراقي آنذاك حيدر العبادي، تحقيق النصر على تنظيم داعش الإرهابي بعد ثلاث سنوات من الحرب.
واستعادت القوات العراقية آنذاك جميع أراضيها من قبضة التنظيم الإرهابي الذي كان قد احتل مناطق شاسعة من شمالي وغربي البلاد وسيطر على ثلث مساحتها بداية من مدينة الموصل، حينما سقطت ثاني كبرى المدن العراقية بيد داعش في العاشر من حزيران / يوليو 2014.
وبعد مرور 5 سنوات على إعلان “النصر” على تنظيم داعش، لاتزال عجلة الإعمار بطيئة في مدينة الموصل ومظاهر الدمار والخراب شاخصةً ومتركزةً في الجانب الأيمن والمنطقة القديمة من المدينة التي شهدت أعنف المعارك وكانت نهاية القتال فيها، فلا تزال العديد من البيوت والمباني ودور العبادة مدمرة.
على ماذا تتركز حملة الإعمار؟
وتتركز حملة الإعمار في المدينة على جهود أبنائها وإصراراهم على عودة الحياة فيها، فبجهودٍ ذاتية من السكان يتم تعمير منازلهم، فضلاً عن قيام العديد من المنظمات على إعمار عدد من البيوت السكنية والمحال التجارية بالإضافة لبعض المعالم التراثية.
ويشرح “رحو العباس” أحد سكان مدينة الموصل لموقع “أخبار الآن” عن واقع المدينة الآن: “الموصل تفتقر للبنية التحتية، الإعمار يقتصر على تبليط الشوارع لا بناء مستشفيات ولا بناء البيوت، الشغل تركز على المنظمات الخيرية وكذلك أبناء المدينة هم اللي رجعو الحياة للمدينة”.
وأضاف: “الحكومة مالا شغل بالتعمير البيوت الي على حافة النهر كلا ما تعمرت مدمرة واكو مناطق متفرقه هم بعد ماتعمرت”.
كما لفت: “أنا محلي اشتعل وشقتي ادمرت بالقصف لحد الآن ماتعمرت وعندي إصابة من آثار التحرير بس ماقدمت تعويض لان بيها روتين ممل وطويل”.
وأشار العباس إلى أن “الحكومة صح تنطي تعويضات للناس المتضررة من الحرب لكن تنطي نص المبلغ”.
وكان رحو العباس قد افتتح مؤخراً مطعماً للأكلات التراثية الموصلية معللاً سبب افتتاحه هكذا مشروع اللي المحافظة على هذه الأكلات من الاندثار والضياع وكذلك لتعريف السياح بالأكلات الموصلية”.
الوضع الحالي في الموصل
وعن وضع المدينة الحالي يقول العباس: “العافية درجات قبل داعش كنا عيشين بس هسه أمان أكثر فرق كبير عن وقت داعش وعن هسه، هسه الأمان أكثر تقريبًا أفضل، مدينة بالعراق صارت الموصل حسب اعتقادي أنا، بعد داعش انكسر حاجز الخوف الي يغشع شي غلط يبلغ هسه العالم متعاوني مع القوات الأمنية كثير ولأن القوات الأمنية حسنت تعاملها مع المواطن”.
وفي هذا السياق، تقوم منظمة اليونسكو بحملة كبيرة لإعمار أهم المعالم الأثرية في مدينة الموصل، لعل أبرزها جامع النوري ومنارته الحدباء الشهيرة وكنيسة الطاهرة الكبرى وكنيسة اللاتين (الساعة)، وكانت اليونسكو قد أطلقت في فبراير من عام 2018 مبادرة “إحياء روح الموصل”، وبدعم مالي من دولة الإمارات العربية المتحدة والتي تهدف لإحياء وإعمار معالم الموصل الأثرية التي دمرت خلال سيطرة تنظيم داعش.
تغيير واقع الموصل
وغير بعيدٍ عن جامع النوري ومنارته الحدباء، عمل بعض من الشباب الموصلي بعد تحرير المدينة على تغيير واقع المدينة المنكوب بإمكانيات بسيطة فقد غيروا واجهة محلة حمام المنقوشة والتي كانت عبارة عن أنقاض وخراب إلى زقاق جميل يزهو بالألوان وأصبح قبلة للموصليين والسياح من كافة المحافظات العراقية والسياح الأجانب كذلك.
أيضًا، تحدث ياسر الكوياني رئيس قسم المتحف في مؤسسة بيتنا للتراث والفنون والثقافة ، لـ “أخبار الآن”: “حقيقة بعد عمليات تحرير المدينة انتهى الدور الأمني للقوات الأمنية فجاء دور الشباب الموصلي والحكومة في إعادة الحياة الى مدينة الموصل المنكوبة بالأخص للمنطقة القديمة التي تعرضت لأشرس المعارك خلال عمليات التحرير، وبدأ دور الشباب في إعمار المنازل والإغاثة والتنمية وكثير مجالات حياتية بشكل تطوعي”.
وأضاف: “نحن كمؤسسة ‘بيتنا’ بعد التحرير مباشرة اتخذنا من هذا البيت أن يكون أشبه بمركز ثقافي تراثي، فأطلقنا عليه اسم “بيتنا” أنا ومجموعة من الشباب الموصلي حولناه إلى بيت موصلي يعود بيك إلى السنين الماضية إلى فترة أكثر من 100 عام، يعني الي يريد يشوف الموصل بيجي هذا البيت”.
وعن محاولة داعش لطمس الهوية الموصلية يتحدث ياسر لـ “أخبار الآن”، حاول داعش بشتى الطرق طمس هوية الموصل لكن هذا البيت أعاد إحياء التراث للأجيال القادمة وللأجيال الي مالحقت علينو وكذلك للسياح من الدول الأجنبية والعربية وكذلك من المحافظات العراقية الي تجي هوني تتعرف على تاريخ الموصل من خلال هذا البيت التراثي”.
وعمل شباب مؤسسة ‘بيتنا’ لم يقتصر على منزل فقط كما يقول ياسر “طبعاً مدخل محلة حمام المنقوشة الي تقع بينو مؤسسة بيتنا كان عبارة عن أنقاض وخراب فحولنانو الى متنفس تراثي مهم لأهالي الموصل ولأهالي المنطقة بالتحديد وعمرنا مداخل المحلات ووضعنا أسماء تراثية ووحدنا الواجهات ورصفنا الطريق بمادة المقرنص وصاغت المنطقة قبلة للسياح ولكل شخص يزور الموصل”.
“ودعمنا بعض الشباب وبعض الأشخاص بمحلاتهم الخاصة والزقاق صاغ واجهة للموصل كلا، الي يغيد يغشع الموصل القديمة يجي هوني والمحلات والحياة وخصوصا قريب على الجامع النوري ومنارته الحدباء في شارع الفاروق الي هو من أهم المعالم والرموز الدينية في محافظه نينوى”.
ويضيف ياسر: “طبعا أكيد نقول الحكومة بلطت الشوارع وبعض المستشفيات ولكن بعد ينقص حركة الاعمار الكثير مثلا المشاريع الاستثمارية وكذلك تفتقر الموصل الى الفنادق والى إكمال الجسور وكذلك يجب إعادة بناء البيوت في المنطقة الواقعة على حافة نهر دجلة مابين الجسر القديم والخامس لان هاي المنطقة دمرت بالكامل”.
ولفت: “كذلك لازم تصيغ مشاريع استثمارية حتى تشغل أيدي عاملة أكثر لأن نسبة فقر وعطالة كبيرة بالموصل ونسبة أيتام ومعوقين وجرحى، ويجب الاهتمام بالأضرحة ودور العبادة لتحسين واقع المدينة من الناحية السياحية”.
الحياة قبل وبعد داعش
ويقول ياسر: “أكيد كثير شغلات تغيرت قبل داعش كان اكو غياب للحياة الثقافية والفنية والاجتماعية والإعمار كان متوقف بسبب تهديدات التنظيمات الإرهابية والجماعات المسلحة، إذ كانوا يهددون أي مشروع يصيغ أي إعمار، الموصل كانت متاخرة كثير عن العالم وعن المحافظات العراقية الأخرى”.
ونوه إلى أن: “داعش زاد الطين بلة ودمر البنى التحتية عدا الي ادمرت في بداية الاحتلال وخلال معارك التحرير” كما يقول الگوياني.
ما تغير بعد داعش
وأشار: “الي تغير بعد داعش هو حركة الإعمار لكن هي حركة مشتركة بين المنظمات والحكومة المحلية، المنظمات رجعت قسم كبير من المحلات التجارية والمنازل في المنطقة القديمة لكن الموصل تحتاج جهد أكبر لأن هذه الجهود لا تكفي لإعادة الحياة في الموصل لأنها تحتاج جهد حكومي كبير أيضًا”.
وفي هذا الصدد، كان إصرار الموصليين حاضرًا كما يقول الگوياني: “كثير ناس كان عندها إصرار كبير على إعادة الحياة في المدينة القديمة من الموصل، كثير ناس عادت على بيوتها في نص الخراب والدمار ورغم انو بعض البيوت لاتزال تجري فيها عمليات إزالة الألغام”.
ويأمل سكان مدينة الموصل بمشاهدة جهد أكبر من الحكومة المحلية بإعمار ماتبقى من البنى التحتية ليتحسن واقع مدينتهم على كافة الأصعدة.