الدولار الليبي انتشر بشكل واسع بعد 2011
انتشر الدولار الليبي بشكلٍ كبير في أسواق شرق الفرات بدايةً من عام 2011، وذلك كونه يُباع بنصف قيمته الأصلية، ولا يدخل ضمن العمليات المصرفية، ولا يصلح إلا للتبادل المحلي، فبالتأكيد أنت الآن تتسأل لماذا يتم بيعه بنصف قيمته، ولما كل هذا الانتشار الرهيب؟
والإجابة على هذا التساؤل، أسهل مما تعتقد فعلى الرغم من كونها دولارات حقيقية وسليمة، ولكن تم تجميد ارقامها التسلسلية من قبل البنك الفيدرالي الأمريكي، وذلك كونها دولارات لم يتم الحصول عليها بطرقٍ مشروعة، أي أما أن تم الحصول عليها عن طريق السرقة أو عبر تجارة محرمة دوليًا، كتجارة المخدرات والسلاح، أو في تمويلات الجماعات الإرهابية، لذلك يقوم الفيدرالي الأمريكي بتجميد رقمها التسلسلي، وذلك لوقف التعامل بها.
الدولار المجمد: قصة “مختلقة” لبيع الأموال المزيفة
“الدولار المجمد” قصة يستخدمها المجرمون لبيع الأموال المزيفة، وتختلف طرق إقناع العميل بشراء هذه العملات المزيفة فتارة يتم الترويج بكونها دولارات من العمال الأتراك في ليبيا أو دولارات نهبت من خزائن العراق بعد الحرب، ويتم عادة تقديم خصومات على هذه الأموال بأكثر من ٥٠٪.
كما يتم تعقيد عملية تداول هذه الأموال عن طريق خلط الأموال المزيفة بالمال الحقيقي لجعل عملية كشفها أكثر صعوبة.
مواصفات ما يطلق عليه “الدولار الليبي المجمد” تندرج بين مفهومين: إما أن يكون الدولار أصوله مجمدة، بحيث لا يمكن تداوله رغم أنه نظامي. هذه الدولارات بحسب خبراء ماليين ليست مزورة بل هي استحقاقات حكومية، وفردية عائدة للعاملين في” ليبيا” هُربت من قبل سماسرة مختصون لهذا الغرض في كل من تركيا، وسوريا، والعراق، والأردن، وليبيا ودول عربية أخرى تعاني رقابة نظامها المالي الرقمي الضعف، مما يسهل إغراق أسواقها بملايين الدولارات.
بالنسبة للنوع الثاني من “الدولار المجمد” فهو يكون مزيفا أو مزورا، حيث تقوم بعض العصابات بتزوير الدولار بأدق التفاصيل وتستخدم أسطورة “الدولار المجمد” لترويجه وبيعه. كما يمكن أن يكون “الدولار المجمد” عملات حقيقية أصلية ولكنها تكتسب بوسائل غير مشروعة، وتحاول عصابات الجريمة المنظمة التخلص منها وإدخالها للنظام المالي.
وفي كلتا الحالتين فإن تداول “الدولار المجمد” وبيعه وشراؤه يعرض صاحبه إلى المسؤولية القانونية في جميع الدول.
ووفق تقارير صحفية، استخدم لأول مرة مصطلح (الدولار المجمد العراقي)، في عام 2003 حين خسرت المصارف العراقية مليارات الدولارات، فتقدمت بغداد حينها بطلب رسمي لواشنطن، بتجميد جميع الأوراق النقدية التي اختفت من المصارف العراقية.
وعلى خُطى العراق، طلبت ليبيا من البنك الفيدرالي تجميد دولاراتها التي نهبت من بنوكها، وشهد الدولار المجمد انتشارًا واسعًا بعد الحرب الليبية عام 2011 وانتشر كالنار في الهشيم حتى وصل إلى قلب سوريا، وبات يتداول في معظم المحافظات السورية.
وفي تعليقه حول عدم قدرة الصرافين التمييز بين العملة المجمدة والأخرى العادية قال التاجر، والصراف”شمدين النبي” في حوار مع “أخبار الآن”: “هي دولارات نظامية غير مزورة، لا يمكن للعاملين بمجال الصرافة معرفة إذا كانت تلك الدولارات تم تجميدها أم لا، لأن قوائم الأرقام التسلسلية التي تم تجميدها عادةً ما تتوفر لدى البنوك فقط، أما طرق كشف الدولار المزور فهي عديدة بعضها عن طريق فحص اللاصقة الليزرية باستخدام دبوس، أو من خلال أجهزة عد النقود التي تُميز المزور من السليم، كما أن من يمتلك الخبرة في التعامل مع النقود يستطيع كشفها بمجرد لمسها باليد”.
وعلى وقع تدفق العملة المجمدة، هوت الليرة السورية لأدنى مستوياتها، فبات المواطن المتضرر الأول والأخير منها، وبحسب “شمدين النبي” فإن تبعاتها السلبية تنعكس على الأسرة، والمجتمع، والرابح هو النظام القائم في سوريا.
تعبر الأوراق الخضراء الغير شرعية بطرق عديدة لمناطق شمال وشرق سوريا عبر التبادل التجاري، وسماسرة التهريب، وهي تدخل ضمن عمليات غسيل الأموال.
وبحسب “آلان بكو” العضو المالي في المجلس التشريعي التابع للإدارة الذاتية الكردية، تنتشر مجموعات نشطة في تركيا تروج عبر منصات التواصل الاجتماعي للدولارات المجمدة، وبيعها بنصف قيمتها.
ونوه بكو إلى شراء هذه العملات الغير شرعية من قبل أشخاص في شمال شرق سوريا وهم بدورهم يدخلونها إلى الأسواق.
وأشار المسؤول الكردي إلى عمليات نشطة للتبادل التجاري في المنافذ الحدودية التي تربط مناطق الإدارة الذاتية بمناطق المعارضة السورية المنتشرة فيها الأموال الغير سليمة وقال: “التبادل التجاري ساهم في إدخال تلك العملات المجمدة لمناطقنا”.
إغلاق البنوك الدولية، والحكومية منذ أزمة البلاد كانت عقدة المنشار أمام جهود الإدارة الذاتية في حربها لوقف تدفق الدولارات المجمدة لأسواقها.
وحول إجراءات الإدارة قال آلان بكو: “أصدرت الإدارة الذاتية توجيهات للجان الاقتصادية، والمالية المختصة لمتابعة سوق المال في شمال وشرق سوريا، ومحاولتها فتح قنوات اتصال مع البنوك العالمية للحصول منها على أرقام أو شفرات هذه الأموال التي دخلت إلى مناطقنا والتي تضر بالمنطقة برمتها وليست فقط مناطق شمال شرق سوريا”.
عدم امتلاك المؤسسات المالية التابعة للإدارة الذاتية، قاعدة بيانات لكشف الأرقام التسلسلية لهذه الدولارات عقدت الأمور أكثر حتى اختلطت العملة العادية بالعملة المجمدة، فازدهرت على وقعها تجارة تبييض الأموال في بلد عانى من ويلات الحرب والفقر.