تركيا تقوم بتغير جميع المعطيات التي قدمتها لشعب سوريا
- الرئيس التركي يحاول تخفيف الضغوط الشعبية على حزبه
- اللاجئون السوريون في تركيا يعتبرون الترحيل إلى بلادهم بمثابة انتحار
يسيطر القلق على عددٍ كبير من اللاجئين السوريين المقيمين في تركيا خاصة المعارضين منهم أثر لقاء وزير الدفاع التركي ورئيس جهاز الاستخبارات في تركيا ونظرائهم الروس والسوريين في موسكو مؤخراً، حيث تتهم المعارضة السورية ذلك الفعل التي قامت به تركيا بخذلانهم من أجل مكاسبها خاصة و أنه تحظى مسألة اللاجئين السوريين بأهمّية كبيرة لدى الرئيس التركي وحزبه الحاكم “العدالة والتنمية”،( AK PARTY) إذ يحاول تخفيف الضغوط الشعبية على حزبه مقابل أن يكسب المزيد من الأصوات خلال الانتخابات المقبلة.
وفي حديث خاص لـ”اخبار الآن” يقول محمود الباشي ( إسم مستعار) وهو لاجئ في تركيا في غازي عنتاب ويعمل مدير شركة إنتاج ميديا بعد دخوله لتركيا عام 2014 كأنه له مخطط في أن يكمل مسيرته الصحفية في تدريب الشباب والجيل الناشئ خاصة المعارضين منهم واليوم ومع التهديدات التركية يتخوف بشكل كبير من أن يتم إغلاق شركة الإنتاج التي منحها كل ما يملك حسب ما يصف.
ويقول محمود أنه لم يفكر في العودة إلى حلب إطلاقا رغم أنه يعتبرها الجانب الأخر من جسده ولكونه مطلوب للنظام في سوريا بسبب نشاطه الصحفي في مدينته سابقاً وفي حال كان مصيره الترحيل معتبر ذلك انتحار فعلياً كونه سيتم اعتقاله على الفور خاصة و أنه يملك أرشيف كبير للمظاهرات في مدينة حلب تعود لعام 2013 والموت أهون عليه من أن يقوم بحذفها.
وقبل عام كان قد سمع عن صديق له يدعى عقيل الحلو من مدينة حلب في سوريا قرر العودة ودفع مبلغ مالي كبير جدا لأن والده تاجر في حلب وبعد عودته تم اعتقاله وحتى اليوم والده يحاول جاهدا معرفة ما إن كان حي أو ميت ولا يستطيع ودفع له المبالغ مالية جد كبيرة ويقول محمود في حال كان الاتفاق بين تركيا والنظام المجرم في عودة السوريين سيكون ذلك انتحار حتما لكل ثائر سوري.
ردود فعل غاضبة من قبل المعارضة
بالتأكيد اليوم ليس ملايين اللاجئين السوريين وحدهم سيكونون ضحية لأي تقارب ومصالحة بين تركيا و سوريا إذ يضاف إليهم عشرات وسائل الإعلام السورية المعارضة والتي تتخذ تركيا مركزا لها.
ويوضح الصحفي السوري شادي عبدلله والذي يعمل في وسائل إعلام سورية معارضة في إسطنبول أنه لا يستبعد أي سيناريوا تركي من ترحيل وسائل الإعلام والقائمين عليها في حال لم يكن هناك أي تفاهمات وسيكون مصيرها مصير الإخوان المصرية كما حدث سابقا.
ويوضح أيضاً أن تركيا في الآونة الأخيرة تقوم بتغير جميع المعطيات التي قدمتها لشعب سوريا خلال سنوات سابقا بدرجة 180 درجة وفي حال كان الاتفاق بين النظام السوري و تركيا قبيل الانتخابات التركية ناجح سيكون الترحيل أمر أكثر من حتمي، ويضيف هذا ما أتخوف منه شخصيا وما دعاني للبحث عن طريقة فعالة للخروج نحو أوروبا أو أي مكان أخر قبل يونيو المقبل مشيرا إلى موعد الانتخابات التركية.
واعتبر شادي أن تركيا أصبحت تنظر للمعارضة السورية بشكل كامل على أنها عصابات مرتزقة ويتم معاملتها على هذا النحو وتمضي نحو مصالحها الشخصية فقط
تحذيرات قبيل يونيو المقبل
وفي هذا الوقت يواجه أردوغان عاما انتخابيا في 2023، وباتت فيه المشاعر المعادية للأجانب عاملا مهما ويجد نفسه أمام أزمة اقتصادية خانقة ومشاعر سخط بين المعارضة و الأتراك.
وفي حديث خاص لموقع أخبار الآن يقول اللاجئ السوري عبد الحكيم عصفور وهو لاجئ في مدينة غازي عنتاب أنه تم تهديده بالترحيل قبل أيام كونه أقدم فقط على شكوى بحق مدرسة أبنه كونها كانت قد تعاملت معه بشكل عنصري لكونه سوري الجنسية و بعد ذلك قام بتقديم شكوى بحقها فيما اعترضت وحولت القصة لفبركة من عندها أنه كان يحاول قتلها واقتحام منزلها.
ولم تقدم الشرطة في مدينة غازي عنتاب بأي ردة فعل تجاه شكوى عبد الحكيم بينما تفاجئ أن القصة قد مضى عليها أكثر من أربعة أشهر وتلقى خطاب بمراجعة إدارة الهجرة في غازي عنتاب وكان قد تم اتخاذ قرار بترحيله ولولا محاولات عديد وتوكيل محامين كونه لم يقوم بشيء ضدها وما حدث فبركة وتم تصديقها فقط لأنها أبنة البلد وتركية الجنسية وهو سوري حتى يكون له الأمر إنذار.
ويقول ما زلت أعيش في خطر وأشعر و كأن الأمر لم يعد إنذار أنما سوف أتلقى خطاب ترحيل مع عائلتي و أطفالي التي تعلمت اللغة التركية أكثر من لغتهم الأم العربية ويشير أن ما حدث معه ما هو إلا سياسة تتبعها أنقرة من أجل ترحيل أكبر عدد من السوريين وتعتبر أي فعل سواء كان بحق أو بغير حق مصيره ترحيل الشخص ويعتبر أمر الترحيل هو أكثر من انتحار نفسي قبل أن يكون جسدي خاصة و أن الكثير من السوريين مطلوبين من قبل النظام السوري وهذا ما دعاهم للهروب حسب ما يصف ويشير إلى أنه الكثير من أصدقائه وأقاربه تخشى في الوقت الحالي أمر الترحيل كونه أصبح قضية السوريين في تركيا خاصة بعد خيانة أنقرة للشعب السوري كما يصف ويعتبر انه أكبر خطاء في حياته هو قراره بالبقاء في تركيا قبل سنوات واليوم يشعر نفسه مذنب أمام أطفاله التي ولدت في تركيا و أصبحت تتكلم التركية بطلاقة وهذا ما يشعره بذنب كبير ويقول أكثر من ثلاثة مليون سوري في تركيا حالهم مثل حالي و أسوأ.
وأعلنت تركيا عن خطط لنقل مليون لاجئ سوري إلى مناطق الشمال في سوريا، حيث أقامت بنى تحتية وبيوتا في المناطق الواقعة بين شمال غرب سوريا وشمال شرقها حيث خلقت حاجزا بينهما.
غضب سوري غير مسبوق يعم مناطق سيطرة تركيا
وقبل أيام وعقب التصريحات الأخيرة من قبل الجانب التركي بالمصالحة مع جانب النظام في سوريا والتي أصبحت أقرب من أي وقت مضى بدأت الفعاليات الثورية في مناطق شمال غربي سوريا بالدعوة للخروج بمظاهرات شعبية حاشدة، في كل المدن والبلدات الخاضعة لسيطرة المعارضة في إدلب وريف حلب، للتنديد بالموقف التركي الأخير تجاه النظام السوري والتقارب معه وخرجت مئات الأشخاص في مناطق مختلفة خاصة التي تسيطر عليها أنقرة وخرجت مظاهرات في مدن وبلدات شمال غربي سوريا الجمعة 30 من كانون الأول، تنديدًا بالتصريحات التركية حول التقارب مع النظام السوري، وتأكيدًا على استمرار الثورة السورية وشهدت عشرات المدن، كإدلب وجسر الشغور والأتارب والدانا وتفتناز واعزاز وأخترين ومارع والباب وجرابلس وعفرين وتل أبيض ورأس العين وغيرها، مظاهرات تحت عنوان “نموت ولا نصالح الأسد”.
وردد المتظاهرون شعارات رافضة لأي صلح مع النظام في سوريا الذي قتل مئات الآلاف، وهجّر المدنيين، ولا يزال يعتقل عشرات الآلاف من الأشخاص، كما حملوا لافتات استنكرت تصريحات السلطات التركية بالتقارب وإعادة العلاقات مع النظام وفي حديث خاص مع أحد المشاركين في المظاهرات ورئيس الحراك الثوري في الباب يقول عبد الجليل الحايك من ريف حلب أنه خرجنا من اجل إيصال رسالة لمن يدعي أنه ضامن مشيرا إلى تركيا التي تأمرت علينا مع الروس والنظام السوري.
ولنقول لها مهما قمتي بخذلاننا والمؤامرة علينا وعلى الشعب السوري في أراضيها أو خارج أراضيها ولنوصل رسالتنا أنه لن نصالح مع الرئيس السوري بشار الأسد والذي قام بتهجيرنا من بلادنا ونحن في أصعب حالنا ولن يكون طرف على طاولة من المفاوضات من أجل مكاسب تركية واضحة ولهذا نحن نرفض التطبيع مع هذا النظام الأكثر إجراما على مر العصور وكما ينهي حديثه أنه لن ننسى دماء أبنائنا من أجل مصالح تركية للفوز بانتخاباتها على حساب السوريين وعلى حساب كل طفل قتل من اجل الحرية
وبينما شردت الحرب نصف سكان سوريا ما قبل الحرب إما في الداخل أو في الخارج، ومعظم من في الخارج لا يريدون العودة بسبب الخوف على أمنهم وحياتهم من النظام الذي سيقوم بابتزازهم ماليا ويجردهم من ممتلكاتهم ويسجنهم.
مواجهة صعبة أمام الأكراد: هل يدفعون ثمن التقارب والمصالحة؟
ويعيش اليوم أكراد سوريا بخوف وخشية بعد أن ظلوا على مدى عقد من الزمن يتمتعون بالحكم الذاتي ويخشون أن يتسبب التقارب الواضح بين دمشق وخصمهم الحكومة التركية في فقدان حياتهم.
والكثير تحت مسمى الإدارة الذاتية يقولون إنهم قد يفقدون حقوقهم الجديدة إذا تصالحت الحكومة السورية مع تركيا وفي حال رفض الأكراد تلبية مطلب أنقرة بالانسحاب لمسافة 30 كيلومتراً عن الحدود، فإنّ اللقاء الثلاثي سيُشكّل محرّكاً خاصة وأن أردوغان بحاجة ماسة إلى انتصار ضدّ الأكراد في سوريا في إطار حملته الانتخابية” المقبلة.
وتحاول تركيا منذ مدة إعادة تطبيع علاقاتها مع نظام الأسد، وقد أعلنت أنقرة عن وجود تواصل استخباراتي مع الجانب السوري عقب كشف وزير خارجيتها عن لقاءٍ جمعه بنظيره السوري قبل أشهر.
ولكنه حتى الآن، لم تثمر محاولات الجانبين التركي والسوري عن الوصول لأي اتفاقٍ بينهما رغم موافقة أنقرة على التفاوض مع الأسد دون شروط