تفاقم تحديات الأمن الغذائي في تونس والجفاف يعمّق الأزمة الاقتصادية
أصبح الأمن الغذائي لتونس مهدداً، مع موسم جفاف للعام الثالث على التوالي، في بلد يصارع للخروج من أزمة مالية واقتصادية خانقة، إذ يُقر مسؤولون بأن الوضع خطير للغاية، مع تراجع حاد بمخزونات السدود، وسط خطة للتقشف في استهلاك المياه.
وقال المسؤول بوزارة الفلاحة، حمادي الحبيب، إن “الوضع خطير للغاية بسبب سنوات الجفاف المستمرة… الآن يبلغ منسوب السدود في تونس 25% من سعتها، بينما وصل في بعضها إلى 10% فقط” وأضاف: “فقط 660 مليون متر مكعب هي كميات المياه في 37 سداً بالبلاد”.
ومنذ سبتمبر/أيلول، سقطت 110 ملايين متر مكعب فقط من الأمطار في تونس، أي حوالي خمس المعدل الطبيعي، إذ أن المعدل الاعتيادي لا يقل عن 520 مليون متر مكعب.
خطر الجوع والعطش يحدق بالتونسيين
وفي الشمال الغربي وتحديدا في محافظة سليانة، لا تتجاوز الكميات الحالية أربعة ملايين متر مكعب في سد سليانة، الذي يتسع لحوالي 27 مليون متر مكعب، وسط حيرة المزارعين الذي ينتظرون موسماً زراعياً صعباً للغاية.
فيما يتوقع المزارعون واتحاد الزراعة حصاداً هزيلاً للحبوب هذا العام، بسبب الشح الكبير في الأمطار، كما تواجه بقية الزراعات مثل الزيتون، الذي يمثل أهم صادرات تونس، خطر التراجع الكبير، وبالتالي زيادة عجز الميزان التجاري الغذائي للبلد الذي توشك ماليته العامة على الانهيار.
وبسبب الجفاف وندرة الأعشاب وغلاء الأعلاف، اضطر كثير من المزارعين للتخلي عن آلاف الأبقار، ما خلف تراجعاً كبيراً في إنتاج الحليب، الذي اختفى من رفوف أغلب المتاجر. وفاقم ذلك غضب السكان الذين يعانون الويلات للحصول على سلع أخرى من السكر والزيت والزبدة والأرز.
دعوات للتقشف في استهلاك المياه
وبالتزامن، نشرت مراكز تنمية زراعية في البلاد بيانات محلية تدعو الفلاحين لوقف استعمال مياه الري في الزراعات السقوية (القائمة على السقي إما بواسطة الأنهار أو العيون أو المياه الجوفية) للخضراوات قائلة إن الأولوية للحبوب والزيتون، ثم بعد ذلك لأشجار الفواكه.
وكإجراء عاجل، بدأت السلطات بمنح الأولوية لمياه الشرب عبر الحد من الحصص المائية الموجهة للقطاع الزراعي، لكن ذلك أدى إلى ندرة بعض المنتجات الزراعية وارتفاع أسعار الخضر.
وبينما قفز المعدل العام للتضخم إلى 10.1% في نهاية شهر ديسمبر/كانون الأول، ارتفع تضخم السلع الغذائية لما يقارب 15%.
ومع ندرة مواردها المائية، تتعاظم الخشية في تونس من العطش هذا العام، ولجأت الحكومة الشهر الماضي لرفع أسعار الماء الصالح للشرب للبيوت والفنادق، سعياً لترشيده.
فيما يقول المسؤول بوزارة الفلاحة حمادي الحبيب “إذا لم نأخذ قرارات في يناير (كانون الثاني) لتقليص مياه الري، ومنح الأولوية لمياه الشرب، تأكدوا أنه في أغسطس (آب) لن نجد مياه الشرب في العاصمة والساحل وصفاقس”. وأشار مسؤول من شركة توزيع المياه المملوكة للدولة إلى قرارات حازمة لم يعلن عنها، لكن من المرجح أن تكون قطع المياه لفترات وفقاً لخبراء.
وبينما دعا خبراء إلى إعلان حالة الطوارئ المائية في البلاد، بسبب الجفاف المستمر، والتراجع المخيف لمنسوب السدود، شجعت الحكومة في قانون ميزانية 2023 السكان على حفر مخرات لتجميع مياه الأمطار.
وتلوح في الأفق أزمة وقود، مع ندرة المواد البترولية، والظرف المالي الحالي الذي تشهده تونس، والأزمة الأوكرانية، وهي كلها ضغوط ترزح تحتها خزينة الدولة، حسبما قال المدير العام لإدارة المحروقات بوزارة الطاقة التونسية، رشيد بن دالي، الأربعاء 29 يونيو/حزيران 2022.