ما دور إيران في انهيار سعر صرف الدينار العراقي أمام الدولار؟
يواصل الدينار العراقي دفع الثمن، من خلال ترنحه أمام الدولار، ولعل السبب الأبرز يكمن بالتغيير الملحوظ من قبل وزارة الخزانة الأمريكية، وبنك الاحتياطي الفيدرالي في نيويورك، تجاه السياسة النقدية في العراق، بسبب عمليات تهريب العملة إلى إيران التي تعاني من عقوبات اقتصادية شديدة منذ سنوات.
رئيس وزراء العراق محمد السوداني وجّه قوات النخبة التي اعتادت إلى حد كبير على مكافحة الجماعات المسلحة والإرهابيين، بشن حملة لمكافحة تهريب العملة الأجنبية إلى إيران والتي باتت ظاهرة تؤرق الاقتصاد والإدارة العراقية.
طرق تهريب الدولار من العراق إلى إيران
السيناريو الأكثر شيوعا يرتبط في “استيراد بضائع من إيران ودول مجاورة، بفواتير إما لصفقات سلع وهمية، أو بفواتير مزورة يتم تضخيم الأسعار فيها بمستويات كبيرة.
بعض التجار والمستوردين يخفون أسماءهم من تعاملاتهم التجارية حتى لا تظهر ضمن قوائم “البنك المركزي، أو الضريبة والجمارك”، وبعضهم لا يمتلك شهادة مستورد تتيح له بالإصل إجراءات تبادلات تجارية.
وبعد الإجراءات التي فرضها المركزي بتتبع مصادر الحوالات سواء المستقبل أو المرسل، والتدقيق على “شحن البضائع ووصولها للعراق” دفعت التجار وناشطين في تهريب العملة بالجوء للسوق النقدي، بحيث يتم “تهريب دولار الكاش”، وهذا السيناريو الأكثر نشاطا خلال الأيام الحالية.
البعض يقوم بشراء الدولار من السوق العراقية، ليتم نقله عبر المنافذ الحدودية بحيث يتم تهريبه إلى إيران، وتحتاج إيران إلى عملة الدولار من أجل استقرار اقتصادها المتدهور، الذي تضرر بشدة من العقوبات الأمريكية المفروضة منذ 2018.
فقدت العملة الإيرانية المضطربة حوالي 30 في المئة من قيمتها منذ الاحتجاجات التي عمت البلاد في أعقاب وفاة الإيرانية الكردية، مهسا أميني، (22 عاما) في 16 سبتمبر، مما زاد من عزلة البلاد.
المبالغ المهرّبة
لا توجد إحصاءات دقيقة لحجم الأموال التي يتم تهريبها من العراق“، حيث توجد “حلقة مفقودة داخل المؤسسات الرسمية” التي عليها تتبع الحوالات.
البنك المركزي كان يستلم فواتير الاستيراد من دون تدقيقها، والمنفذ الحدودي يستلم البضائع من دون تدقيقها، لكن يقدّر حجم تهريب عملة الدولار بـ”10 إلى 15 مليار دولار سنويا”، وذلك اعتمادا على قيمة حوالات مزادات بيع العملة والتي بلغت حوالي 45 مليار دولار في 2021، فيما يبلغ متوسط مستوردات العراق 35 مليار دولار.
كشفت الأرقام الرسمية أن العراق استورد “طماطم بنحو 4.25 مليار دولار وبطيخ بنحو 1.78 مليار دولار من إيران خلال العام الذي سبق جائحة كورونا”.
الدينار العراقي خسر 25 في المئة من قيمته
يواصل الدينار العراقي التذبذب مقابل الدولار ما بين الانخفاض على نحو غير مسبوق منذ عام 2004 وبين ارتفاع جزئي، حيث بلغ الدولار الواحد الثلاثاء الماضي نحو 1600 دينار، وفقد الدينار العراقي 25% من قيمته.
انعكس عدم استقرار سعر الصرف بشكل سريع على حركة السوق، مع ارتفاع أسعار المواد الاستهلاكية وتسجيل ركود اقتصادي، الأمر الذي ترك الحكومة أمام حرج كبير، لاسيما أن رئيس الحكومة محمد شياع السوداني كان قد انتقد في مرات عديدة قبل توليه منصبه في أكتوبر/تشرين الأول الماضي إقدام حكومة رئيس الوزراء السابق مصطفى الكاظمي على رفع سعر الصرف الرسمي من 1182 إلى 1460 دينارا للدولار في ديسمبر/كانون الأول 2020.