جنديرس السورية بعد الزلزال
- الأقمار الصناعية تكشف مدى الدمار الذي خلفه الزلزال في جنديرس السورية
- الحزن يلاحق اهالي الشمال السوري
- كيف تحول الشمال السوري من مصدر الخضار والبهجة إلى السواد والدمار؟
بلدة جنديرس الواقعة في ريف منطقة عفرين التابعة لمحافظة حلب شمال سوريا، والتي باتت منكوبةً بالكامل، كانت دائمًا ما تُعرف فيما مضى باختلافها عن بقية المناطق السورية، تلك البلدة الجميلة، التي كانت تتميز دائمًا بلونها الأخضر نظرًا لوجود مزارع الزيتون، حتى وصل بها الحال إلى أنها ضمت ملايين الأشجار والتي قدرها البعض بنحو 22 مليون شجرة وكانت تنتج نحو 270 ألف طن من الزيتون.
ليعادل إنتاج مزارع الزيتون في المناطق التابعة لعفرين نحو 20 في المائة من مزارع الزيتون في عموم سورية.
كل هذا قبل عام 2011 والتي تحول فيها الشمال السوري إلى منطقةً للاقتتال والحرب، وما أجج الصراع أكثر وأكثر، هو دخول تنظيم داعش إلى الأراضي السورية، لتختفي أشجار الزيتون ويعم الخراب شمال البلاد، وما أن أزاح الزمن تلك الغمة عن أهالي الشمال السوري، حتى حدث ما لا يحمد عقباه، لتصبح جنديرس من بين أكثر المناطق تضررًا من الزلزال المدمر الذي ضرب تركيا وسوريا، ليبقى الشمال السوري حزينًا.
صور بالأقمار الصناعية لمدينة جنديرس السورية قبل وبعد الزلزال – .”photo credit “Satellite image ©2023 Maxar Technologies
جنديرس دُمرت بالكامل
جنديرس باتت أشبه ببلدة ضربت بقنبلة نووية سوتها بالأرض، وهو ما يثبته حجم الدمار الهائل وعدد الضحايا الكبير، وسط محدودية إمكانيات فرق الإنقاذ وعجزها عن التعامل مع هكذا كارثة.
عشرات البيوت والمباني المهدمة تمامًا، لم يتم بعد إزالة أنقاضها وما قد تضمه من ناجين وجثث، بسبب قلة المعدات والآليات الثقيلة والفرق المتخصصة.
وما يزيد المشهد قتامة في جنديرس وفق المنظمات المدنية والحقوقية، هو عدم توفر دعم إغاثي ولوجستي كاف للبلدة المدمرة، في ظل انهيار الخدمات الأساسية وحاجة السكان للغذاء والماء والدواء.
ومع مرور الوقت ومضي 6 أيام على وقوع الزلزال المدمر، تتضاءل آمال الوصول لناجين في جنديرس، تحت حطام المباني والمنازل المهدمة فوق رؤوس سكانها.
صور بالأقمار الصناعية للمباني شمال مدينة جنديرس السورية قبل وبعد الزلزال – .”photo credit “Satellite image ©2023 Maxar Technologies
جنديرس.. مئات الوفيات والإصابات وألاف المفقودين
سُلجت بلدة جنديرس بريف عفرين أكثر منطقة منكوبة بمئات الوفيات والإصابات وعشرات الأبنية المدمرة.
وأعلن الدفاع المدني العامل (الخوذ البيضاء) في غربي سوريا، البدء بعمليات انتشال الجثث من الأبنية المنهارة، وفق بيان أصدره مساء أمس.
وبلغ عدد الضحايا 2166 حالة وفاة وأكثر من 2950 إصابة.
وفي جنديرس وحدها بلغ عدد الضحايا 513 حالة وفاة و831 إصابة، فيما تدمر أكثر من 200 مبنى بشكل كامل وحوالي 500 مبنى بشكل جزئي، كأكثر المناطق السورية المنكوبة جراء الزلزال.
بينما تدمر 479 بناء بشكل كامل و1481 آخر بشكل جزئي في كامل مناطق غربي سوريا.
صور بالأقمار الصناعية للمباني المنهارة وسط مدينة جنديرس السورية جراء الزلزال – .”photo credit “Satellite image ©2023 Maxar Technologies
جنديرس تستغيث والحزن في كل مكان
جنديرس باتت شبه مدمرة، بفعل كارثة الزلزال هذه التي راح ضحيتها نسبة كبيرة من أبنائها والمقيمين فيها، حيث لا يوجد تقريبا بيت واحد، إلا وقد فقد أفرادا منه، بل والأكثر إيلاما أن ثمة عائلات وأسر بأكملها أبيدت جراء هذا الزلزال الرهيب.
وما يزيد الألم ووقع الصدمة، أن هذه الفاجعة كان يمكن تخفيف وطأتها لو كان هناك فرق ومعدات كافية للإنقاذ، ورفع الركام عن الضحايا ممن كانوا أحياءًا تحتها وقضوا بسبب ذلك.
صور بالأقمار الصناعية للمباني المنهارة وملاجئ الطوارئ شرق مدينة جنديرس السورية بعد الزلزال – .”photo credit “Satellite image ©2023 Maxar Technologies
وكان المرصد السوري لحقوق الإنسان، قد حذر في وقت سابق من أن “مئات العائلات من أبناء مدينة جنديرس والمهجرين إليها في منطقة عفرين عالقين تحت الأنقاض بعد انهيار نحو 90 بناء بشكل كامل، حيث تم مساعدة العشرات من العالقين بينما لا يزال الكثير تحت ركام الأبنية المهدمة، وعدد المفقودين والضحايا والجرحى حتى هذه اللحظة غير معروف”.
فرق الإنقاذ تواصل بجهود محدودة انتشال المزيد من الجثث في مدينة جنديرس، ولكن حجم الكارثة الإنسانية أكبر بكثير من قدرة فرق الإنقاذ، بينما حصيلة عدد الضحايا ترتفع بين لحظة لأخرى، في ظل وجود العشرات من الأبنية السكنية مهدمة بشكل كامل.
فهل سيظل الشمال السوري حزينًا أم سيجد أهله سبيلًا لتخطي كل تلك الأزمات…