بين التستر على الإرهابيين والتغوّل في الاقتصاد.. ماذا يريد مشروع المهندس من العراق؟
على غرار الحرس الثوري الإيراني، سعت مجموعات “المقاومة” العراقية منذ فترة طويلة إلى إنشاء شركة تتمتع بفرص تفضيلية للحصول على عقود حكومية مربحة.
أثار تأسيس شركة عامة تحت مسمى “المهندس” ترتبط بـ”الحشد الشعبي”، مخاوف وأسئلة عديدة حول إمكانية أن تكون الخطوة “استنساخاً” لتجربة الحرس الثوري الإيراني، وتغوله داخل قطاعات التجارة والصناعة والإنشاءات داخل إيران.
ويمنح القرار الشركة صفة حكومية، أي أنها حتى وإن تعرضت إلى خسائر مالية في المستقبل، يمكن تعويضها من أموال الدولة العراقية، ناهيك عن كونها ستمثل غطاءً واسعاً لقادة الفصائل المسلحة لممارسة أنشطة تجارية مختلفة، لا سيما المدرجين على لائحة عقوبات وزارة الخزانة الأمريكية، مثل قيس الخزعلي وأكرم الكعبي وريان الكلداني وآخرين.
أطلقت شركة المهندس العامة العراقية مشروعها الافتتاحي، وهو زراعة مليون شجرة في قطعة كبيرة من الأراضي التي وفرتها الحكومة في محافظة المثنى.
خريطة توضيحية لمحافظة المثنى
وسبق أن مُنح المشروع لقوات الحشد الشعبي خلال اجتماع لمجلس الوزراء في نوفمبر الماضي.
وحضر حفل الإطلاق كل من رئيس قوات الحشد الشعبي فالح الفياض، وهو من صنفته الولايات المتحدة كمنتهك خطير لحقوق الإنسان، ورئيس أركان قوات الحشد الشعبي عبد العزيز المحمداوي (المعروف أيضًا باسم أبو فدك)، والذي صنفته الولايات المتحدة إرهابيا.
يقود مشروع غرس الأشجار المهندس صلاح مهدي، الذي ادعى في حفل الإطلاق أن الشركة تخطط للعمل على مليوني دونم عراقي من الأرض، أي ما يعادل 1.2 مليون فدان أو 1930 ميلا مربعا .
وعلى الرغم من أن المستفيد من القرار هم الفصائل المسلحة وأصحاب النفوذ في هيئة “الحشد الشعبي”، إلا أن الإعلام الخاص بهذه الجماعات لم يركز كثيراً على هذا القرار، ما يُفسر بأن الأموال الممنوحة لهذه الشركة، قد يتم تمييعها والاستيلاء عليها، وفقاً لباحثين.
والشركة سُميت تيمناً بالقيادي في “الحشد الشعبي”، أبو مهدي المهندس، الذي قُتل في الغارة الأمريكية التي استهدفت زعيم “فيلق القدس” قاسم سليماني في 3 يناير 2020.
وتتمثل الخطوة الثانية من فكرة إنشاء الشركة، في تمدد “الحشد الشعبي” داخل الخريطة العراقية، بعد الاستحواذ على مصانع عراقية سابقة، والإعلان عن تدشين قسم للتصنيع العسكري خاص به، إلى جانب الحصول على معسكرات خاصة به، في شمال وشرق وجنوب البلاد.
ويأتي التوسع الجديد للمظلة التي تضم أكثر من 70 فصيلاً مسلحاً يوصف أغلبها بالحليف أو المرتبط بإيران، مثل “كتائب حزب الله”، و”عصائب أهل الحق”، و”بدر”، و”النجباء”، و”الخراساني”، و”الإمام علي”، و”سرايا عاشوراء”، و”البدلاء”، وغيرها من الجماعات المسلحة، التي يبلغ إجمالي قوامها العددي أكثر من 115 ألف مقاتل وفقاً لبيانات حكومية صدرت في عام 2020، وارتبطت بإقرار الموازنة المالية المخصصة لهم.
الهدف من تشكيل شركة إنشاءات حكومية مملوكة لقوات الحشد الشعبي هو منحه ما يعادل شركة “خاتم الأنبياء” وهي شركة إيرانية يملكها الحرس الثوري، ومصنفة كمنظمة إرهابية من قبل الولايات المتحدة.
تم تشكيل شركة خاتم الأنبياء، المعروفة أيضًا باسم غرب، من قبل الحرس الثوري الإيراني في عام 1990، حتى يتمكن أفراد الحرس الثوري من جني مكافآت أكثر من 1200 عقد بناء بقيمة تقديرية تزيد عن 50 مليار دولار، معظمها في شكل منح بدون مناقصات. تم منذ ذلك الحين فرض عقوبات على الشركة من قبل الأمم المتحدة والاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة.
أول جهد بذلته قوات الحشد الشعبي لإنشاء نسخة عراقية من هذه الشركة حدث عندما سيطرت الميليشيات المدعومة من إيران على الحكومة آخر مرة.
منذ تعيين رئيس الوزراء عادل عبد المهدي في أكتوبر 2018 حتى فبراير 2019، ضغط فياض ورئيس الميليشيا الراحل أبو مهدي المهندس على الحكومة بشأن شركة معتصم لبناء الطرق والتشييد المملوكة للدولة، مطالبين بأن تنقل أراضيها ومعداتها وعقودها من وزارة الإعمار والإسكان إلى قوات الحشد الشعبي.
في فبراير 2021 حاول فياض وأبو فدك تخويف رئيس الوزراء مصطفى الكاظمي ورئيس الهيئة الوطنية للاستثمار من أجل تفويض ذراع إنشاءات مملوك لقوات الحشد الشعبي في مقابل فترة ولاية ثانية كرئيس للوزراء، لكنه رفض.