التونسيون يعيشون أزمة اقتصادية بعوامل داخلية وخارجية
في أول أيام شهر رمضان، أقامت بائعة “الملسوقة” التونسية سليمة شارني، كشكها في شارع بسوق رئيسية في تونس العاصمة.
ويوميا منذ ذلك، تذهب سليمة (42 عاما) لبيع الملسوقة التقليدية التي تصنعها في بيتها على أمل كسب ما يكفي من المال لإخراجها من الوضع الاقتصادي الصعب وغير المسبوق الذي تشهده تونس.
قالت سليمة: “أنا الآن أقوم بتحضير عجين ملسوقة، أحضّرها وأذهب بها إلى السوق لأبيعها، وهي مطلوبة كثيرا في شهر رمضان، فأنا أحاول صنع ما أقدر عليه”.
وأضافت: “الأسعار غالية برشا، لا نستطيع شراء ما نريد، لذلك نشتري ما نقدر عليه فقط، المعيشة صعبة برشا وما صعّبها أكثر هو فقدان المواد الأساسية”.
وفي محاولة لكبح التضخم المرتفع بشكل قياسي، وضعت الحكومة حدا أعلى لسعر السلع خلال شهر رمضان، مع وجود مفتشين في الأسواق الرئيسية لضمان التزام التجار به.
لكن على الرغم من ذلك القرار، يقول مواطنون تونسيون إن السلع الأولية ليست غالية فقط، لكنها غير متوفرة في ذات الوقت.
من هؤلاء التونسي عادل خميري الذي قال: “نهبوا نهبوا نهبوا، أين سيذهبون بالبلاد ثم أتى الذي يحكم اليوم، وقال سأصلح، لكن لم نر أي شيء، أرني شيئا قام بإصلاحه في البلاد، إلا بعد وفاتنا؟ نموت بالجوع، لقد أصبحنا نعيش بصعوبة”.
وأضاف: “ما قالته السلطات قبل شهر رمضان إن كل شيء متوفر، أدعوهم إلى النزول للسوق ونعطيهم 100 دينار (33 دولار) ولنرَ ما الذي يمكنهم شراؤه، فمشتريات المواطن البسيط اليوم تتكلف بين 40 و50 دينارا (15 و18 دولارا) وأنا أتحدث عن المواطن البسيط جدا، أين يريدون أخذ البلاد؟”.
وقال التونسي جهاد بالليل: “كل السلع التي تشتريها الناس مثل المواد الغذائية غالية، لكن الشيء السيء هنا أن الحكومة لم تقم بزيادة الرواتب للموظفين، بقي نفس الدخل فـ500 دينار (170 دولارا) كانت شيئا في السابق، الآن هي تساوي 200 دينار (66 دولارا) والسنة المقبلة تصبح بقيمة 100 دينار (33 دولارا)”.
وقالت ثريا تبيسي، نائبة رئيس المنظمة التونسية للدفاع عن المستهلك: “الأسعار، خاصة لبعض الخضر والغلال لا تزال مرتفعة جدا وليست بالمتناول، وبعض المواد المدعمة التي يجب أن تكون موجهة للفئة الضعيفة والمتوسطة من التونسيين، وما زال التونسي لا يستطيع إيجادها في نقاط البيع”.
وتقول الحكومة إن عوامل خارجية ساهمت في الأزمة الاقتصادية.
فقد قالت لمياء عبروق، وهي مديرة جهوية للتجارة في بن عروس: “هناك العديد من العوامل الخارجة عن النطاق الداخلي ساهمت في اشتعال وارتفاع الأسعار، فالأزمة الروسية الأوكرانية ساهمت بشكل كبير في ارتفاع الأسعار، العوامل المناخية أيضا والتي بدورها عوامل عالمية ساهمت زيادة في نقص المنتوجات ومن تأثير ذلك ارتفاع الأسعار”.
وأعلن الرئيس التونسي قيس سعيد، الأسبوع الماضي، رفضه حتى الآن لشروط حزمة إنقاذ صندوق النقد الدولي المجمدة بقيمة 1.9 مليار دولار، عندما قال إنه لن يقبل “إملاءات”، مشيرا إلى أن خفض الدعم قد يؤدي إلى اضطرابات.
وتواجه تونس، بدون القرض، أزمة كاملة في ميزان المدفوعات.
وبحسب ميزانية 2023، تعتزم تونس خفض نفقات الدعم بنسبة 26.4 بالمئة إلى 8.8 مليار دينار (2.89 مليار دولار).
لكن الحكومة لم ترفع حتى الآن أسعار الوقود هذا العام، لتجنب الغضب العام فيما يبدو، إذ وصل التضخم إلى 10.3 بالمئة، وهو أعلى مستوى له منذ أربعة عقود.