مواطنة تتحدث عن الوضع المائي في تونس لأخبار الآن: يقطعون الماء في تونس في كل وقت دون أي استئذان
- الدولة مسؤولة عن أمن تونس الغذائي والمائي ومن حقها اتخاذ بعض التدابير
- الخبراء فيرفضون ما يطلقون عليه”حلولا ترقيعية”
أعلنت وزارة الفلاحة التونسية قبل فترة عن إقرار نظام حصص لاستعمال المياه المنع الوقتي لبعض استعمالات المياه في تونس كسقي الأراضي الفلاحية وغسيل السيارات بسبب ضعف الإيرادات بالسدود ما انعكس سلبًا على مخزونها المائي، لكن هذه القرارات لم تلق ترحيبًا من المواطنين الذين يواجهون صعوبة في الحصول على الماء في حياتهم اليومية.
وفي هذا الإطار تواصلت أخبار الآن مع ناجية طرشونة، سيدة تونسية أنهكها انقطاع المياه عن منزلها إذ صرحت: ”يقطعون الماء في كل وقت دون أي استئذان وحين يعود الماء لبعض الدقائق، يعود ملونًا وذا رائحة كريهة“.
المواطنون يطالبون بحقهم الكوني في الماء
تضطر ناجية وعائلتها لتعبئة بعض الأواني البلاستيكية بالمياه لاستعمالها في شؤون المنزل ولقضاء الحاجات اليومية كما أكدت طرشونة أن هذه الوضعية أصبحت لا تطاق خاصة وأن الوضع مستمر منذ أشهر طويلة، وأضافت: ”نعيش على وقع انتظار قطرات من المياه ترحمنا بها الحنفية والدولة“.
أما رياض القرقوري، مواطن تونسي وأب لرضيع يعاني هو الأخر من انقطاع المياه المتكرر، صرح لأخبار الآن: ”حقي في المياه مهضوم ومنتهك..ما ذنب طفلي كي لا يجد ماء يستحم به؟“.
وشدد على أن الأزمة بدأت قبل القرارات الأخيرة المتعلقة بترشيد الاستهلاك وأصبح الوضع أصعب خاصة في شهر رمضان الذي تحتاج فيه العائلات المياه بشكل أكثر من المعتاد.
وحمل رياض الدولة المسؤولية في هذه الأزمة المتفاقمة لأنها لم تقم بإجراءات استباقية تجنبه وتجنب الشعب الأزمة الحالية.
الدولة تنطلق في مشروع تحلية المياه وتعتبر المنع الوقتي لاستهلاك المياه إجراء تنظيميًا وقتيًا
وفي هذا السياق أكدت النائبة في البرلمان، فاطمة المسدي لأخبار الآن أن الدولة مسؤولة عن أمن تونس الغذائي والمائي، ومن حقها اتخاذ بعض التدابير المحدودة في الزمن لضمان حق التونسيين في الماء وإجراءات الدولة هي تنظيمية والغاية منها ليس انتهاك الحق في الماء.
وأشارت فاطمة إلى أن تونس كغيرها من بلدان العالم تواجه أزمة المناخ التي كان لها عواقب وخيمة على الوضع المائي في تونس لكنها في نفس الوقت أكدت أن الدولة في السنوات العشرة الأخيرة لم تقم بمخطط استراتيجي في علاقة بالمياه وحملت الحكومات المتعاقبة جزء من المسؤولية هذه الأزمة.
كما كشفت المسدي عن بعض الحلول التي ستكون من الأولويات في البرلمان الحالي: ”انطلقت الدولة حاليا في مشروع تحلية المياه في منطقة قرقور وهو إنجاز يحسب للدولة لكنه مكلف جدا ولا يمكن أن يكون الحل الوحيد“.
وأضافت فاطمة: ”من بين الحلول التي ستكون لها أولوية النظر في البرلمان الحالي هو سن شرط قبل إعطاء رخص البناء للمواطنين يتمثل في اشتراط بناء حوض تخزين مياه الأمطار أو ما يعبر عنه “الماجل” في كل المنازل وهذا سيوفر الاستهلاك على الدولة وعلى المواطن“.
حلول الدولة ترقيعية ولا بد من ”إعلان حالة طوارئ مائية“
أما الخبراء فيرفضون ما يطلقون عليه ”حلولاً ترقيعية“ إذا يرون أن الدولة تتعامل مع أزمة المياه كأزمة ظرفية تنتهي بنزول الأمطار وفي هذا السياق قال فوزي الزياني الخبير في التنمية المستدامة والسياسات الفلاحية وعضو نقابة الفلاحين إن الوضع المائي في تونس مخيف ويصل إلى درجة الخطورة، ويؤكد أن بوادر الأزمة بدأت منذ سنوات إلى أن وصلت تونس إلى المرحلة التي أصبحت فيها المياه الموجودة في السدود قليلة جدا وكان من الأجدى بالنسبة له إعلان حالة الطوارئ المائية منذ أكثر من سنة.
وأكد الزياني: ”تأخرت الدولة كثيرًا ولا بد من تبني سياسة جديدة تعتمد على المياه المستعملة المعالجة وقبل تحلية مياه البحر يجب تحلية المياه الجوفية العميقة في الوسط والجنوب لكن المحزن أن الحلول موجودة لكن الدولة لم تتحرك لحدود اللحظة“.
وفق تقارير رسمية يحدد نصيب الفرد الواحد من الماء في تونس اليوم بأقل من 400 متر مكعب في السنة، والنسبة مرشحة للانخفاض في السنوات المقبلة، لتصل إلى 350 متراً مكعباً سنوياً، أي أقل 50 في المئة من الكمية الموصى بها من طرف منظمة الصحة العالمية، والمتراوحة بين 750 و900 متر مكعب سنوي.
وبلغت نسبة امتلاء السدود في تونس، حسب آخر تحيين لوزارة الفلاحة التونسية بتاريخ الاثنين 13 فبراير 2023، 31.3%، بمخزون إجمالي ناهز 726.6 مليون متر مكعب مقابل مخزون جملي يساوي 1144.5 مليون متر مكعب في نفس الفترة من سنة 2022.
هذه المعطيات وغيرها من المعطيات الرسمية تبرز بلوغ تونس مرحلة الفقر المائي فهل ستنجح تدابير الدولة الأخيرة في بلورة خطة للانقاذ المائي وامتصاص الغضب الشعبي؟