بسبب الظروف الصعبة.. مهندس في لبنان يتحوّل لمهنة صناعة الآلات الموسيقية
- لبنان يخسر كفاءاته العلمية بسبب الأزمة الاقتصادية
في ظل الأزمة الاقتصادية المتفاقمة في لبنان، يلجأ كثيرون لتغيير مهنهم لأخرى بعد تردي الأوضاع المعيشية وخسارة العملة الوطنية لقيمتها أمام الدولار الأمريكي، وأصبح بعض خريجي الجامعات من كافة التخصصات يبحثون عن وظائف بديلة تدر دخلا أفضل.
أستاذ الرياضيات والفيزياء جورج الشيخ الذي يحمل شهادة في الهندسة المدنية، ويهوى الموسيقي وعازف ناي في الوقت نفسه قرر أن يخوض غمار تجربة فريدة في صناعة البزق، وهي آلة موسيقية شعبية تشبه إلى حد ما آلة العود.
عندما بدأت الأزمة تستفحل في لبنان عام ٢٠١٩، ومن بعدها جائحة كورونا، قرر الشيخ أن يستثمر ما بقي معه من دولارات في شراء معدات وتجهيز محل لصناعة البزق.
يقول: “وقت انكشفت الأزمة بال ٢٠١٩، صار التعليم مدخوله المادي قليل غير تسكيرة كورونا غير أول أيام الثورة صار في كركبة.. خف الاستقرار يلي كان محققو التعليم، وقتها أخدت قرار إنه قديش فينا نعتبره جريء أو تهور، وقت العالم إذا في حدا معه كم دولار عم يشتغل فيهم بالصيرفة أو مضاربة، أنا قررت ها الكام دولار يلي معي بدي أشتري فيهم عدة وبدي بلش مشروع جديد فهيك مشيت بغير اتجاه كليا”.
ويعاني لبنان من أزمة مالية غير مسبوقة، وصفها البنك الدولي بأنها واحدة من أعمق حالات الكساد في التاريخ الحديث.
وفقدت الليرة اللبنانية أكثر من 98 بالمئة من قيمتها منذ عام 2019، عندما تفاقمت متاعب اقتصادية تختمر منذ مدة طويلة لتتحول إلى أزمة مالية تعد أكبر تهديد للبنان منذ حربه الأهلية التي دارت رحاها بين عامي 1975 و1990.
وتقول الدول المانحة، التي قدمت المساعدة إلى لبنان في السابق، إنه لن يتلقى المزيد قبل أن ينفذ إصلاحات للقضاء على الفساد الحكومي والهدر المسببين الأساسيين للأزمة.
وكان للصدفة دور في اختيار الطريق الذي سلكه الشيخ بل كانت الأقدار هي التي ساقته لتثبيت أقدامه في هذه الصناعة.
يقول: “بحب أقول عن حالي (نفسي) موسيقي.. عازف ناي بالأصل.. درست الهندسة المدنية وما اشتغلت كمهندس مدني، بس عم بعمل المسيرة المهنية تبعي بالهندسة (ولكن بآلة) البزق”.
ويضيف “أنا بلشت (بدأت) أفكر بصناعة آلة موسيقية… الترند (التوجه العام) ماشي العود. بس بعدين عملت بزق من باب التجربة وكان مطلوب مني أعمل بزق لشغل بالبقاع فهيك انغرمت بالحجم والقياس وقلت ليه ما بركز ع البزق”.
تمكن جورج الشيخ، الذي يبلغ من العمر ٣٢ عاما من صناعة ما يقرب من 50 آلة بزق حتى الآن. ويصف الآلة الموسيقية التي أحبها بأنها فريدة ومميزة في كل شيء حتى أن كل قطعة منها تختلف عن الأخرى.
يقول الشيخ “هلق كل بزق له قصة خصوصي (بخاصة) للناس يلي بعرفهم شخصيا. وحتى من قبل ما أكون أنا بصنع، بعمل لهم بزق مستوحى من علاقة عمرها عشر سنين (على أساس علاقة قد يصل عمرها لعشر سنوات مع العميل)”.
ويضيف “التنوع بهيدي الآلة بنفسها بتكون لحتى تكون أكتر مناسب مع الكل. كل حدا عنده البزق تبعه (الخاص والمناسب له).. مش إنه عنده بزق.. فكرمال هيك بس ييجي لعندي حدا يوصيني على بزق بأفضل إنه نلتقي ونحكي ونتعرف على بعض، الشخص شوف شو بيناسبه شو بيلبق مع جسمه”.
تستغرق صناعة الآلة الواحدة ما يقرب من أربعين يوما من العمل. بعد ذلك يستبقي الشيخ الآلات عنده لمدة عشرة أيام، حيث يقوم بتجريبها وفحصها قبل تسليمها إلى الزبائن.
ويوضح “البزق بس بيخلص بياخد فترة شي ١٠ أيام بس أنا وعم جربه أتاكد من كل تفاصيله وخصوصي أول ١٠ أيام بيفرق نوعية صوته بيكون عم ياخد على شد الأوتار. ببين صوته مظبوط بعد أسبوع، كل ما عتق (تقادم) كل ما صوته عم يتغير أكتر، أصوات الآلات الموسيقية بتحلو كل ما تعتق”.