بنوك السودان نُهبت والنظام المصرفي دمّرته الحرب
بعد شهر من الحرب في السودان نهبت الخزائن توقف النظام المصرفي السوداني الذي كان بالكاد في بداياته، في ظل إدارة غائبة وحسابات لا يمكن الوصول اليها بسبب انقطاع الانترنت والكهرباء.
على الأرض، جلس ابراهيم سعيد وهو يحاول أن يغطي رأسه لشدة حرارة الشمس التي تجاوزت أربعين درجة أمام فرع بنك الخرطوم بمدينة مدني حيث تقيم الآن مئات العائلات الفارة من القتال المستمر في العاصمة السودانية.
قال سعيد “جئت من السابعة صباحا والآن انتصف النهار على أمل أن أحصل على قروش من حسابي”.
وتزاحم عشرات الرجال والنساء تحت أشعة الشمس الحارقة فيما كان عدد من رجال الشرطة يحاولون تنظيمهم أمام فرع أكبر البنوك السودانية.
وقالت إشراقة الريح “أحيانا يفتح البنك أبوابه بعد الثالثة بعد الظهر ويسمحون بدخول أعداد محدودة جدا، وإن لم يحالفك الحظ تأتي في اليوم الذي يليه وانا اتردد الى هنا منذ ثلاثة أيام”.
وأضافت “هربنا من القتال ولا طريقة لدينا للحصول على المال سوى من حسابنا المصرفي”.
وصرخ أحمد عبد العزيز وهو موظف لديه حساب في بنك أم درمان الوطني “أصبحنا في حيرة من أمرنا، فأموالنا في البنوك ولا نستطيع الحصول عليها”.
وبسبب المواجهات التي أدت الى مقتل ألف شخص وأرغمت مليونا آخرين على ترك منازلهم، توقفت عمليات نقل الأموال. وبالتالي لا يستطيع موظفو البنوك إلا منح عدد محدود من العملاء كمية قليلة من النقود.
وقال اتحاد المصارف السودانية في بيان أصدره قبل أيام إن رؤساء المصارف يسعون “لاستعادة الخدمات المصرفية بولاية الخرطوم حال توافر الظروف المواتية لذلك”.
وتعرض عدد من فروع البنوك في مختلف أنحاء العاصمة الخرطوم لعمليات نهب بعد أن قام مسلحون بكسر اقفالها.
مبالغ فلكية في بنوك السودان
يضم السودان إجمالا 37 مصرفا من بينها أربعة مصارف مملوكة للدولة تتحكم في 14% من الأصول المصرفية، وسبعة مصارف أجنبية تمتلك 23% من الأصول المصرفية في البلاد، بحسب صندوق النقد الدولي.
في نهاية 2019، كان إجمالي هذه الأصول يعادل 11,8 مليار دولار وكان صندوق النقد الدولي يعتبر أن النظام المصرفي السوداني “هش” مع وجود العديد من المصارف التي يقل رأسمالها عن الحد الأدنى المتعارف عليه.
لا أحد يعرف ماذا تبقى من هذه المبالغ. فكل يوم هناك صور جديدة تنشر على الانترنت لخزائن سرقت محتوياتها ومصارف نهبت.
ومنذ الأسبوع الأول للقتال، اتهم الجيش قوات الدعم السريع ب “سرقة مبالغ فلكية” من وكالة تابعة للمصرف المركزي في الخرطوم.
غير أن اتحاد المصارف لا يتوقف عن إصدار بيانات “يطمئن فيها العملاء الى أن ودائعهم في الحفظ والصون”، ويؤكد أن “أرصدتهم ومعلوماتهم المالية محفوظة بكاملها”.
وفي انتظار عودة العمل في المصارف، فإن ابراهيم وإشراقة وأحمد والآخرين يتعين عليهم شراء الدقيق، بسعر أعلى مرتين مما كان عليه قبل الحرب، والوقود – بسعر يزيد عشرين مرة، بقليل من النقود المتبقية لهم.