تستور.. مسقط رأس الفنانة اليهودية حبيبة مسيكة التي قتلها الحب
تعتبر مدينة تستور الواقعة في الشمال الغربي للبلاد التونسية والتابعة لولاية باجة، واحدة من أجمل المدن التونسية، التي تخفي ثناياها تاريخا عريقا وتكشف معالمها عن قصص مميزة.
لا يخفى على زائر تستور البصمات الإسبانية الحاضرة بقوة في معمار المدينة وعادات العائلات الغذائية التي من بينها أكلة “المسمنات”، حتى أن البعض يطلق عليها المدينة الإسبانية التونسية.
ولعل أشهر ما يميز هذه المدينة، ساعة تستور العجيبة، التي تميزت بهندسة فريدة جعلت عقاربها تدور من اليمين إلى اليسار على عكس كل ساعات العالم.
وتخفي هذه الساعة ودورانها الأبدي من اليمين إلى اليسار، قصة حنين وتهجير وشوق أزلي إلى الوطن ونحن لا نقصد هنا بالوطن تونس بل إسبانيا لأن غالبية سكان هذه المدينة هم في الأصل مسلمو الأندلس.
بعد سقوط الأندلس، هاجر تباعاً عشرات الآلاف من مسلمي الأندلس إلى تونس، حيث أسس جزءٌ منهم هذه المدينة التونسية العريقة، وأسسوا فيها الجامع الكبير الذي زيّن بساعة تستور الفريدة.
كانت مشاعر الشوق إلى العودة إلى الوطن من جهة، والحزن والخوف مما حدث الأندلسيين بعد سقوط الأندلس وتطبيق الممالك المسيحية الإسبانية لمحاكم التفتيش على مسلمي الأندلس من جهة أخرى، لا تزال حيّة في المهاجرين الأندلسيين في ذلك الوقت.
فألهمت مأساة الأندلسيين، المهندس محمد تغرينو، أحد الأندلسيين الذين وفدوا إلى المدينة بعد هجرتهم من إسبانيا ليصمم ساعة معكوسة قام بوضعها في صومعة الجامع الكبير سنة 1630.
وتشير الروايات التاريخية أنّ سبب تصميم المهندس الأندلسي لهذه الساعة المعكوسة، هي التعبير عن رغبة الأندلسيون في العودة إلى ماضيهم في الأندلس، وتعبر عقارب الساعة المعكوسة على شوقهم للعودة في الزمن.
كما تشتهر مدينة تستور بقصر يعود إلى الفنانة التونسية اليهودية حبيبة مسيكة التي تنحدر عائلتها من عائلة يهودية أندلسية.
هذا ويطغى اسم المطربة التونسية حبيبة مسيكة (1903-1930) بقوة عند الخوض في التاريخ الاجتماعي والثقافي والغنائي اليهودي بتونس.
هذا وغنت مسيكة في المسارح والمطاعم الشهيرة، وسافرت إلى أوروبا ولاقت المشاهير ويقال أن علاقة عاطفية جمعتها ببابلو بيكاسو لكن هذه العلاقة لم تكتمل لأن الفنانة قتلت حرقا في منزلها من أحد عشاقها الذي أشعل فيها النار حية بعد أن قطعت علاقتها به.
ولا يزال قصر حيببة المسيكة الصغير قائمًا الى اليوم في تستور وتملكه الدولة التونسية وحولته إلى دار للثقافة ووضعت على بوابته رخامة تروي مسيرة حبيبة.