مأساة إنسانية بدار أيتام في السودان.. مقتل عشرات الرضع والأطفال
صرخات أطفال، معاناة كبيرة، والعشرات فقدوا حياتهم، هذا جزء من المشهد المأساوي في السودان، وما تخفيه ساعات المعارك أعظم.
تسبب الاقتتال الدائر في السودان بين الجيش من جهة، وقوات “الدعم السريع” من جهة أخرى، في وفاة عشرات الأطفال وبينهم رضع، داخل أكبر دار للأيتام في البلاد، إذ لقي أطفال حتفهم جراء نقص الغذاء والأمراض، وقلة الرعاية، التي يصعب توفيرها بسبب قلة الكادر العامل في الدار.
صرخات الأطفال كانت تدوي في أنحاء دار الأيتام المعروف عنها مساحتها الواسعة، والمُسماة أيضاً بـ”دار المايقوما”، بينما كانت النيران الكثيفة تهز المناطق المحيطة.
عرف الموت طريقه إلى دار “المايقوما” التي كان يوجد فيها الأطفال الرضع في طوابقها العليا، وتعرّض الأطفال لسوء تغذية حاد وجفاف، بسبب عدم وجود عدد كاف من الموظفين لرعايتهم، فيما توفي أطفال حديثو الولادة الضعاف بعد إصابتهم بحمى شديدة.
بلغ معدل الوفيات اليومي حالتين وثلاث وأربع حالات وأكثر من ذلك، وما لا يقل عن 50 طفلاً، من بينهم 20 رضيعاً على الأقل، توفوا في دار الأيتام في الأسابيع الستة منذ اندلاع الصراع في منتصف أبريل/نيسان.
في السياق ذاته، قالت وكالة رويترز إنها تحدثت إلى أشخاص آخرين زاروا دار الأيتام منذ بدء قتال الجيش و”الدعم السريع”، أو كانوا على اتصال بزوار آخرين، وقال جميعهم إن الأوضاع تدهورت بقدر كبير، وإن عدد الوفيات ارتفع، والسبب الرئيسي هو نقص الموظفين وانقطاع التيار الكهربائي المتكرر بسبب القتال.
ومن دون تشغيل مراوح السقف ومكيفات الهواء تصبح الغرف ساخنة بشكل خانق في ظل حر شهر مايو/أيار 2023 في الخرطوم، كما يجعل انقطاع الكهرباء تعقيم المعدات أمراً صعباً.
ولا تزال المنطقة خطرة، وفي مطلع الأسبوع الجاري استهدفت الضربات الجوية والمدفعية المنطقة التي تقع فيها دار الأيتام، ويقول مسؤولون إنه من الضروري إجلاء الأطفال من إحدى غرف دار الأيتام عقب وقوع انفجار في مبنى مجاور.
تتألف دار “المايقوما” للأيتام عن مبنى فيه ثلاثة طوابق في وسط الخرطوم، وتقع على مقربة من مناطق القتال، ويقول عاملون في الدار ومتطوعون إن وابلاً من الرصاص أمطر المبنى، وأشار أحد الأطباء إلى أن الأطفال كانوا ينامون على الأرض في الأيام الأولى من القتال لإبعادهم عن النوافذ.
تأسست دار “المايقوما” في عام 1961، وتستقبل عادة مئات الأطفال سنوياً، وفقاً لمنظمة أطباء بلا حدود الخيرية التي تدعم الدار، ويمثل إنجاب طفل خارج إطار الزواج وصمة عار في السودان.
تعاني دار “المايقوما” حتى من قبل اندلاع الصراع، وكانت تؤوي نحو 400 طفل دون سن الخامسة، والكثير منهم من الرضع، ويعيش الأيتام في عنابر مكدسة في الدار، وتضم كل غرفة 25 طفلاً في المتوسط، وغالباً ما يحمل السرير الواحد اثنين أو ثلاثة من الرضع.
يُعد أطفال دار “المايقوما” من بين الضحايا المجهولين للصراع الدائر في السودان، فبحسب الأمم المتحدة أسفرت المواجهات عن مقتل أكثر من 700 شخص وإصابة آلاف آخرين ونزوح قرابة 1.4 مليون شخص إلى أماكن أخرى داخل السودان أو إلى دول مجاورة، وسط ترجيحات بأن يكون العدد الحقيقي للقتلى أعلى.