السودان تعيش أزمات إنسانية عديدة بسبب الاشتباكات المسلحة
لا يزال دوي القصف المدفعي يهز أرجاء العاصمة السودانية وبعض المناطق الأخرى حيث يتواصل القتال بين الجيش وقوات الدعم السريع وسط تبادل اتهامات بين الطرفين بارتكاب انتهاكات في حق المدنيين.
وأفاد شهود عيان وكالة فرانس برس بحصول “قصف مدفعي على شارع الستين” في شرق الخرطوم.
وأكد آخرون ليل الأربعاء الخميس توجيه ضربات صاروخية من شمال أم درمان غرب العاصمة، حيث يقع الكثير من مراكز الجيش الرئيسية، باتجاه جنوب أم درمان ومنطقة بحري في شمال الخرطوم.
وطالت الضربات الجوية مرة أخرى الخميس عدة مناطق في الخرطوم الكبرى.
ففي أم درمان، قال شاهد لوكالة فرانس برس إنه يسمع “قصفا عنيفا بالطائرات يقابله قصف بالمضادات منذ أكثر من ساعتين في المهندسين والفتيحاب المربعات وما زال مستمرا جنوب أم درمان”.
وفي وسط الخرطوم، قال شهود إن اشتباكات اندلعت في الشوارع مع “تحليق للطيران الحربي”، مضيفا أن “منطقة بري شهدت هدوءا على مدى عشرة أيام”.
وتبادل طرفا النزاع الاتهامات في بيانين بارتكاب انتهاكات في حق المدنيين، إذ اتهم الجيش قوات الدعم السريع بـ”استغلال الهدنة في تحشيد قواتها وارتكاب عدة انتهاكات بحق المدنيين”، من دون مزيد من التفاصيل.
وردت قوات الدعم السريع في بيان اتهمت فيه الجيش بـ”فبركة مقطع فيديو قالوا إنه لعملية اغتصاب ومحاولة إلصاق هذا الفعل الشنيع بقواتنا”.
وأضافت “من الواضح أن الذين قاموا بهذا الفعل الشنيع لم يستطيعوا إخفاء معالم مهمة أثبتت إدانتهم، حيث ظهر أحد الممثلين غير المهرة في كامل زي قوات الفلول والانقلابيين”، في إشارة إلى زي الجيش السوداني.
تركز القتال إلى حد كبير في العاصمة وإقليم دارفور (غرب)، لكن الأربعاء اتهم الجيش جماعة متمردة “بمهاجمة” قواته في ولاية جنوب كردفان على بعد مئات الكيلومترات جنوب غرب الخرطوم.
أدمن الانقلابيون ومليشياتهم من فلول النظام البائد، الكذب والتضليل بصناعة مسرحيات سيئة الإخراج في محاولة يائسة لتجريم قوات الدعم السريع وما علموا أن بضاعتهم هذه أصابها الكساد.
وفي غمرة الهزائم المتتالية التي لحقت بالانقلابيين وبعد إفشال مخططاتهم لاستعادة السلطة، لم يجدوا غير فبركة…— Rapid Support Forces – قوات الدعم السريع (@RSFSudan) June 21, 2023
كذلك، شهدت مدينة الأُبيّض عاصمة ولاية شمال كردفان قصفا مدفعيا.
وتدور المعارك بين الجيش بقيادة عبد الفتّاح البرهان وقوات الدعم السريع بقيادة محمد حمدان دقلو منذ 15 نيسان/ابريل وقد أوقعت حتى الآن أكثر من ألفي قتيل، وفقاً لتقديرات يرى خبراء أنّها أقلّ بكثير من الواقع.
وصباح الأربعاء انتهت هدنة مدتها 72 ساعة تم الاتفاق عليها بين الطرفين بوساطة أميركية-سعودية.
احتدام القتال في دارفور
اندلع القتال الأكثر دموية في إقليم دارفور الشاسع الحدودي مع تشاد.
وأفاد شهود عيان في الفاشر، عاصمة ولاية شمال دارفور، بوقوع “اشتباكات بين الجيش وقوات الدعم السريع” الخميس بعد ساعات من تزايد “حركة آليات عسكرية وإعادة تموضع للدعم السريع”.
وشهدت مدينة نيالا عاصمة جنوب دارفور ليل الأربعاء “اشتباكات بمختلف أنواع الأسلحة بين الجيش وقوات الدعم السريع”، على ما أفاد شهود عيان وكالة فرانس برس.
خريطة توضيحية لإقليم دارفور الذي يشهد اشتباكات قوية في السودان
من جهتها، حذّرت الأمم المتحدة من أن الصراع في السودان “اتخذ بعدا عرقيا” في دارفور التي تقطنها قبائل عربية وأخرى غير عربية.
وأكدت المنظمة الأربعاء خروج نحو ثلثي مرافق الرعاية الصحية من الخدمة في مناطق القتال في السودان، وحذّرت من أن “مخاطر الأوبئة ستزداد” مع موسم الأمطار الذي بدأ هذا الشهر.
وأوضحت أن نحو 11 مليون شخص بحاجة إلى مساعدة صحية، مبدية قلقها بشأن محاولات السيطرة على أوبئة الحصبة والملاريا وحمى الضنك المستمرة.
وكان المجتمع الدولي تعهّد خلال اجتماع عقد في جنيف الاثنين تقديم 1,5 مليار دولار من المساعدات، وهو نصف ما تحتاجه المنظمات الإنسانية وفقاً لتقديراتها الميدانية.
وفي هذا الصدد رأى مدير المجلس النروجي للاجئين بالسودان وليام كارتر، بحسب مقال له نشر الأربعاء على موقع “ذا نيو هيومانتيريان” المستقل المعني بإبراز القضايا الإنسانية، أن هذه التعهدات “سخية .. لكنها ضئيلة للغاية بالنظر إلى الحجم الهائل للكارثة التي بدأت في الظهور”.