إقبال على العلاج بالأعشاب في العراق بدلاً من الأدوية
ما بين القناعة وغلاء أسعار الدواء .. يلجأ الكثير من العراقيين إلى مراكز بين الأعشاب أو مايسمى بالطب البديل، وتارة تكون تلك المراكز والمحال التجارية مرخصة من قبل وزارة الصحة وتارة أخرى تكون مجرد مهنة توارثها الأبناء عن الآباء والأجداد.
وبالرغم من بعض المخاوف التي تصاحب الأعشاب إذا وصفت عن طريق الخطأ أو كانت الكمية أكبر مما يتطلب وما ينتج عنها من تدهور حالة المريض الصحية إلا أن الفقراء لا يجدون بديلا في ظل ارتفاع تكاليف الاطباء والصيدليات.
أم محمد مواطنة عراقية صدمت عندما علمت أن وصفة علاجها لعلاج مرض جلدي ستتكلف نحو 800 ألف دينار (حوالي 611 دولارا)، فلذلك قررت اللجوء إلى العلاج بالأعشاب الطبيعية الأرخص سعرا كما فعل بعض أقاربها.
وقالت “الصيدليات كارثة يعني، الفقير هم يلتجئ للأعشاب آمنة، والسعر، يعني السعر غالي، يعني تجارة صارت، يعني كل صيدلية لها سعر معين أني مثلا صيدلية رحتلها روشيته (وصفة طبية) تكلفني 800 ألف، منو يقدر الفقير شو يسوي؟ يعني شنو المفروض يموت فيلتجأ للأعشاب أرخص بهواية”.
ورغم أن بعض العراقيين يختارون العلاج البديل عن قناعة، لا يملك آخرون خيارا آخر لأنهم لا يستطيعون تحمل تكلفة الأدوية التقليدية.
حيث قال أحد المواطنين العراقيين إن المواد الكيمياوية في 70 أو 80 بالمية، هي مستخلصة من أعشاب ويضاف إليها مواد كيمياوية أخرى، ونحن هنا نحصل على هذه الأعشاب بطبيعتها أنت دون أن يضاف إليها أي مواد كيماوية.
وقال حسن عابد علي وهو صاحب محل أعشاب “من ناحية العمل مالتنا (الخاص بنا) إحنا ورثناه هذا إشي، ونفس الوقت عن طريق ممارسة عن طريق تجارب يلا بهذا الشي افتتحنا هذا المركز أو قمنا نمشي بأحد الأمراض اللي كانت مستعصية عند أحد الزباين أو المراجعين أو المعاميل (العملاء) يكونون عندنا نفس الوقت، يعني الناس التمست التجربة من خلال طب الأعشاب”.
وقال حيدر صباح مدير المركز الوطني لطب الأعشاب التابع لوزارة الصحة العراقية “الحالة الاقتصادية شوية اللي مر بيها البلد صارت كلفة الأدوية صعبة، غالية على الناس البسطاء، فقسم من عندهم التجأ للأعشاب فزاد المجال بهذا العمل فانفتحت محلات هواية قسم من عندهم كانوا مُجازين وسعوا من نشاطهم والقسم الآخر يعني بسبب ظروف معينة ما محصل الإجازة (التصريح)، قسمنا يعنى أنه يخلي التعليمات ويراقب عملهم ويرفع التقارير إلى الجهات في حال كون الجهات المحل غير مُجاز فاكو جهات ثانية هي تكمل العمل”.
وتسبب الصراع والعقوبات الدولية والغزو الذي قادته الولايات المتحدة للعراق عام 2003 وتفشي الفساد في تدمير نظام الرعاية الصحية في العراق، الذي كان في يوم من الأيام أحد أفضل الأنظمة في الشرق الأوسط.
ورغم تقديم الخدمات الطبية العامة بالمجان، يلجأ المواطنون في كثير من الأحيان إلى القطاع الخاص ذي التكلفة العالية بسبب نقص الأدوية والأجهزة الطبية وقلة الخدمات.
وفي السنوات الأخيرة، لاحظ صباح افتتاح المزيد من مراكز العلاج بالأعشاب في العاصمة بغداد. وبحسب قاعدة بياناته فأنه يوجد الآن 460 مركزا مرخصا له ببيع العقاقير المستخلصة من الأعشاب، ارتفاعا من 350 مركزا في 2020.
وأضاف صباح “مهنة الأعشاب والنباتات الطبية في مجتمعنا يعني مستخدمة قديما للتراث تعتبر، فقسم كبير من عندهم يتوارثوها أبا عن جد بس ما مدروسة بشكل علمي. هذا النبات يفيد هذا المرض بس قد يكون لازم أنت تعرف هذا النبات إذا استُخدم بجرعة زيادة ممكن أن يؤثر على المرض نفسه أو أمراض ثانية ما لها علاقة بالمرض اللي الشخص اللي جاي عليها”.
وتختلف أماكن بيع الأعشاب الطبيعية اختلافا كبيرا، بدءا من المتاجر التي تبيع المنتجات المعبأة جيدا والمرخصة في الأحياء الميسورة في بغداد إلى المتاجر التقليدية التي تخلط الأعشاب بعد استخراجها من آنية زجاجية أمام العملاء.
أزمة صحية
يعاني العراقيون من قلة المراكز الصحية الأولية وقلة الأدوية والكوادر الطبية والمستشفيات الحكومية التي تقدم رعاية جيدة أة على الأقل مقبولة.
ويشهد العراق منذ أكثر من 3 عقود تراجعا واضحا في القطاع الصحي بسبب الحروب العديدة التي خاضتها البلاد والحصار الاقتصادي الدولي بين عامي 1991 و2003، والتدهور الأمني في مختلف المحافظات.
وبالرغم من أن العراق افتتح العديد من المستشفيات الكبيرة في محافظتي كربلاء ونينوى، ومع قرب افتتاح مستشفيات كبيرة في البصرة وميسان، إلا أن الوضع الصحي ما يزال في أسوأ حالاته.
وفي العاصمة بغداد أعلنت وزارة الصحة أنها بصدد افتتاح أول مركز طبي كبير لأمراض الدم وزراعة نخاع العظم.
حلول الصحة في العراق
- الاهتمام بالمستشفيات الحكومية:
وهذا ما تعهد به رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني حيث أثارت زيارته المفاجئة إلى مستشفى الكاظمية التعليمي شمالي العاصمة بغداد جدلا كبيرا على مواقع التواصل الاجتماعي فقد عبر السوداني عن استيائه من الخدمات المقدمة للمرضى، خلال زيارته الأولى للمستشفى منذ توليه منصبه، وقال في حديثه مع الطاقم الطبي للمستشفى “حتى الصاحي إلي يجي هنا يتمرض.. الله لا يوفقنا على هاي الخدمة ” ويعني أن ( المعافى الذي يأتي للمستشفى يمرض بسبب سوء الأوضاع ).
- الاهتمام بالكوادر الطبية:
يعمد الأطباء للهرب إلى الخارج البلد بالآلاف إما لأسباب أمنية حيث شهدت الآونة الاخيرة عمليات قتل ممنهجة تستهدف الأطباء والعلماء والمفكرين وبحسب نقابة الأطباء العراقية التي قالت إن 320 طبيبا على الأقل سقطوا منذ العام 2003.
وإما بسبب البطالة وعدم توفر فرص العمل أو تدني الأجور حيث يبلغ متوسط أجور الأطباء ما بين 600 و 700 دولار في الشهر فقط ويبحث كثيرون منهم عن وظائف إضافية في القطاع الخاص لزيادة دخلهم المنخفض.
- زيادة ميزانية وزارة الصحة:
منذ سنوات وتحظى وزارة الصحة بنسبة قليلة من المخصصات المالية حيث لا تحظى هذه الوزارة المهمة سوى ما بين 2.5 في المئة إلى 3 بالمئة فقط من موازنة الدولة.